من يرد إليا قلبي / بقلم : أماني الوزير

 

 

أذكر وجه أبي الذي احتقن بالحمرة حد الغليان …

وأنا أراقبه من خلف باب غرفتي …

وهو يقرأ أولى رسالتي من رجل يكبرني بعشر سنوات…

كانت رسالة وردية على ورقة ملساء سماوية اللون ذات خلفية بلاستيكية سوداء لامعة تحمل قلبا ورديا على أطرافه تقطن الحروف الأولى من أسمائنا البعيدة …

لم تكن رسالة طويلة .. بل كانت جملة مقتضبة من ثلاث كلمات تضم أحد عشر حرفا لكنها كانت بمثابة دواوين تضم آلاف الحكايا التي لم تقرأ بعد …

كتبت بخط رجالي كلاسيكي دافء وكان فحواها

((ردي إليا قلبي))

رأيت قبضته تعتصر قلبي قبل أن تعتصر الرسالة …

طرقت الباب بعد أن خشيت عليه من حمية الغضب …

بعد أن انتابتني لهفة غريبة لعناقه

لم أكن أدري في حينها هل كانت لهفة عناقي له من أجل طمأنة نفسي أم كانت من أجل طمأنة نفسه…

وضعت كفي الأيمن الصغير المرتعش فوق قبضته القوية الغاضبة وكفي الأيسر الصغير على كتفه الايسر الكبير المائل وبقيت خلفه واضعة رأسي على ظهره وبصوت خافت خائف مختنق سألته …

هل أنا معاقبة !!

لعب الصمت بيننا دور اللص الذي اقتات على خوفي لأكثر من عشر دقائق وكأنها عشرة أعوام…

ثم رفع والدي رأسه عاليا وأطلق زفيرا بحجم لعنه …

وبدأ معاتبا بحنو الأب…

& هل تعلمين كم أنت جميلة !!!

* علمتني أن الجمال ليس جمال الوجه بابا بل جمال الخلق قبل الخليقه

& هل تعلمين كم أفخر بك أمام القريب والغريب وأردد بثقة تحرق كل كائد وخائن أن ابنتي لا تشبه بقية الصبايا

ابنتي طراز خاص لن يتكرر في العمر مرتين !!!

* هل خذلتك !!!

& حاشاكِ بنيتي … ثم تابع بعد صمت قائلا :

أخشى على ابنتي من السكر المسموم والحلوى الشهية المره … أخشى على شعرها الأحمر من رجل يسرق منه عطره ويفك أطراف الجديله كما تفك أزرار الجسد في لحظة سهوا ماكرة

أخشى على البؤبؤ الأزرق من شهيد أو غريق أو قتيل يتعلق برمش جفنها الأشهب فينجو وتغرق هي في فتنة رجولته الهشة المنتصبة خلف جفنيها…

أخشى على شفتيها من قبلات تبدو بريئة لكنها ليست بريئة تصيب أسفل باطنها برجفة فتطلق في أوردتها خدر شفيف تشعره ولا تراه يشعل في حنايا جسدها نيران رغبة همجية

أخشى على شامتها البنية التى تختبئ بين جبلين من زمرد أن يقطف زهرتها البرية عابر سبيل يمتهن الوداع فتذبل وحيدة وهي تتعلم على يد الذكرى فنون الإنتظار والصبر الكاذب

أخشى على جسدها الوردي من لمسة نارية تحرق براءة الصبا تحت جلدها الأملس فيتحول ملاكها إلى شيطان وجنة أحلامها إلى نار …

أنا فقط أخشى على ابنتي التي أعشق من مكر الرجال ومن لوعة العشق وحرقة الفراق …

* أحبك بابا ملء روحي ملء قلبي وعقلي ومن الآن لا حب بعد حبك يجدي …

أعدك أن أرد إليه قلبه وأن أنسى حلاوة وعده الأبدي  …

ابتعلت غصتي وردد صمتي البرئ العالق بحلقي في عتب ثقيل

ترى من يرد إليا قلبي !!!

أجهشت عيناي بالبكاء قبل وجعي فلململت حزني يداه ولملم عناقه قلقي.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!