آفاق حرة تحاور الروائي اليمني محمد الغربي عمران .

آفاق  حرة – خاص
اجرى الحوار : الأديب  عبد الرقيب  طاهر

محمد الغربي عمران قامة روائية يمنية  رئيس نادي القصة وعضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكُتاب اليمنين . له خمس مجموعات قصصية هي الشراشف ، الظل العاري ، حريم ، المنارة السوداء، ختان بلقيس.
وصدرت له مجموعة من الروايات: مصحف أحمر ، مملكة الجواري والتي منها رواية المتن بعنوان “مسامرة الموتى” ، ظلمة يائيل ، الفائزة بجائزة الطيب صالح عام 2012 و الثائر.. وعما قريب عمل روائي جديد بعنوان حصن الزيدي …

أرحب بضيفي العزيز أجمل ترحيب ..  وأرحب بكل المتابعين لصحيفة آفاق حرة الإلكترونية ..

** أعتقد الكثير يعرف محمد الغربي عمران كروائي وكاتب موهوب طيب ماذا عن محمد الإنسان يا ترى؟.

أولاً الشكر لكم أخي الرائع الأستاذ عبد الرقيب طاهر
– عملت في بداية حياتي كراعي إبل مع مجموعة من صبيان القرية.. ثم سافر بي عمي إلى السودان لسنتين درست بداية السنوات الابتدائية في مدرسة قبطية بمدينة القضارف.. عاد من المهجر مع  وأولاده ليستقر في الحديدة.. وهناك واصلت دراستي الابتدائية وبعد الرابعة عشر من العمر  هاجرت إلى السعودية أقمت في جدة ثم مكة ولسنوات أخرى  في المنطقة الشرقة وأكملت في تلك السنوات دراستي المتوسطة.. وهناك أمتهنت كثير من الأعمال: بائع ثلج.. عامل بسيط.. بَنْاء.. مقاول.. ومع عودتي لليمن 1980 أكملت الثانوية متأخراً ثم واصلت في جامعة صنعاء دراستي الجامعية في  كلية الآداب قسم التاريخ.. ثم دراسة التاريخ المعاصر “أمارة الإدريسي في المخلاف السليماني” أطروحتي للماجستير التي لم تناقش. عملت في أعمال متنوعة في بلدي.. أعشق القراءة .. كما أعيش وأروي  ما يدور من حولي بالكتابة السردية.

** عُرفت أنت بغزارة الإنتاج الأدبي كيف تدير الوقت وتعطي كل ذي حقٍ حقه لنفسك لأسرتك لأصدقائك للقراءة ؟.

حين أُقصيت من عملي كاوكيل لأمانة العاصمة 2010 لم يعد لي من عمل غير القراءة والكتابة.. وكان الجاني عليَّ ذلك الإقصاء  روايتي الأولى( مصحف أحمر).. وقتي أخططه للقراءة صباحا.. والكتابة مع قدوم الليل.. لم يعد لي وقت أقضيه مع الأصدقاء كما كان.. فقط نلتقي عصر كل أربعاء في نادي القصة.. نخرج إلى مقهى بعد فعالية النادي نقضي شطراً من الليل. كما أقتص وقت للسفر والمشاركات الخارجية.. ووقت للريف. ومن يخطط لوقته يعيش بشكل جيد.

**بدأت كاتب مقال ومن ثم عرجت على كتابة القصة القصيرة وانتقلت بعدها نحو الرواية يا ترى هل الرواية هي آخر المطاف لك؟ وهل هي آخر أحلام الأديب الذي احترف هذا الفن ؟.

ظللتُ تائهاً بين المقالة والقصة القصيرة  والأقصوصة لسنوات.. لأكتب الرواية بداية من عام 2007وقد تأخرت كثيرا في كتابتها.. بعدها وجدت نفسي فيها.. فأنا مهذار.. والرواية تستوعب ما يجول بنفسي.. وأحسب بأن القصة هي فن الاختزال.. والرواية تستوعب الكثير من الفنون ولذلك كانت محطتي التي كنت أبحث عنها.. إضافة إلى أني أتناول بعض الأعمال السردية بين الفينة وأخرى.
انغماسي في الرواية جعلني أرى الدنيا وأفكر بعقل راوي.

** الغربي عمران كاتب مشاكس عُرف عنه بأنه رجل يفتعل الكثير من المتاعب ويعشق الضجة تقريباً في معظم إصداراته ..هل هذا فعل مقصود أم إن القدر يضعه في طريقك كل مرة ؟.

القاعدة أن ما نفعله مقصود.. ولا أستحدث ذلك .. فبعد أن تكون الظروف قد وضعت ما يثير  في طريقي.. أقوم بالتحرك..  فمثلا رواية مصحف أحمر منعت في معرض الرياض أنذاك .. وفي معرض الكويت.. وقبلها حجزت النسخ  المرسلة لي من دار النشر  ي مطار صنعاء.. في هذا كان علي أن أتحدث عما يواجهه مصحف احمر البعض لم يجدوا ما يعلقوا به وقالوا بأني أفتعل المتاعب  وبدوري لا يهمني ما يقولوه.. وعلي أن أدافع عن أعمالي. والمنع لدي شبيه بالقتل.
تلك أمور يا صديقي ليس بيدي ولا أملك غير الاحتجاج والدفاع عن حق أعمالي بالحياة.

** (مصحف أحمر ) رواية أثارت كثير من الجدل بداية من العنوان وحتى تفاصيلها التي شرحت المجتمع اليمني الذي يحمل من المتناقضات ما تحمله الكثير من المجتمعات العربية ، هل الجُرأة  هي من جعلتك تكشف المستور وتتعدى الخطوط الحمراء؟.

أعطيك مثال حول مصحف أحمر.. قبل أسابيع قُررت الرواية من دكتور في جامعة يمنية.. وتناولها الطلاب بالقراءة.. وفي اليوم الذي حددوه للقاء ومحاورة الطلبة.. هاتفني الدكتور معتذراً.. وطلب مني عدم الحضور لأن الطلبة أثاروا مسألة الجنس في الرواية وصعدوا الأمر.
(مصحف) مفردة حميرية تعني كتاب.. وما تناولته الرواية من شذوذ جاء في سياق فني .. أو وصف.. وقد لفتت انتباه القراء على حساب تيمات أخرى أهم وأعمق. مثل معالجة دور الجبهة الوطنية في تحقيق الوحدة .. ثم ناقشت أهم مرحلة من مراحل صالح.. والصراع بين الشمال والجنوب قبل الوحدة.. في الوقت الذي سلطت الضوء على دعوة (العطوي)  أحد شخصيات الرواية إلى أن جميع الأديان هدفهن واحد وعلى الجميع عدم التناحر.
الرواية تناولت تلك التيمات وغيرها بوضوح .. ولا يعلم الكثيرون أن هذه الرواية سببت العديد من الأضرار.. ليس المجال هنا لذكرها..ومع ذلك ما أكتبه نابع عن إيمان فني وقناعة بمصائر تلك الشخصيات.. في الوقت الذي لم أكتب تاريخ بل خيال أدبي فقط وبلدي  وما يتعرض له من ظلم الطغاة والمتسلطين.

**تعتمد رواياتك على البعد التاريخي والمكاني مما يجعل بعضاً من نقادك يقولون  بأنك تعيد كتابة التاريخ بشكل روائي .. وذهب البعض باتهامك بأنك قلبت حقائق تاريخية وشوهت التاريخ اليمني الجميل ؟ كيف ترد على هؤلاء؟.

منطلق من يقول ذلك هو منطلق عاطفي.. ولا يعرف أن تاريخنا  مزور.. اليمني والعربي والإسلامي.. وتخصصي  في التاريخ كشف لي الكثير.. فالتاريخ الذي نقرأه هو تاريخ الطغاة.. وليس تاريخ الشعوب.. تاريخ كتبه المنتصر كي يخفي فضائحه. فحين أكتب انا أزيل القداسة عن البشر فما بالك بالطغاة.. ثم أحاول أن أكتب تاريخ خيالي للمهمشين المنسيين من عامة الشعب المهان.. ولا أكتب تاريخ الحكام.. الحكام يأتون في روايتي كخلفية باهتة ليس إلا.. وما أكتبه هو أثر تسلطهم ومفاسدهم وجرائمهم على المجتمع من خلال شخصياتي المنسية من عامة الشعب.
ثم دعني أحدثك عن الفرق بين التاريخ والرواية، فحين يتخيل الروائي شخصيات وأحداثاً في زمن ماض، لا يعني أنه يكتب عن شخص حقيقي، بل شخص متخيل، فقط الروائي يتكئ على التاريخ، أو يستدعي بعض الأسماء أو الأحداث، لكنه لا يتقيد بحرفية ما حدث، فالرواية على عكس التاريخ، الرواية أن يحلق الكاتب في سماوات الخيال، ،والتاريخ علم من يكتبه يتقيد بتسلسل أحداثه كما وقعت وبأسماء من أداروا تلك الأحداث ومواقعها والرواية ليس من وظيفتها كتابة التاريخ، وظيفتها تفجير الجدل وهدم الثابت وبناء المتحرك ورفع مستوى النقاش حول أفكار وجودية وحول مسلمات تريد الرواية نقض التسليم بها.

** يلاحظ تركيزك على المرأة ومهاجمة الدين.. فماذا تريد قوله من ذلك؟.

يجب أن نعترف أن الأديان تحولت إلى معضلة.. ومحرك أساسي للفرقة بين البشر.. فلا تلاحظ على مستوى العالم ما يشعل الحروب لا تتجاوز ثلاثة أسباب.. الدين على رأس القائمة ومذاهبة.. ثم العرقية والقوميات المصالح والأطماع. إذا نحن أمام تحدي وجودي.. فاذا أردنا الحياة  والسلام والتدرج في مدارج التطور علينا بتحييد الدين عن السياسة.. الدين لله ومكانه دور العبادة.. على أن تسير مجتمعاتنا دساتير وقوانين تحفظ الحقوق وتنص على الواجبات.. ولذلك تجد تلك الشخصيات في رواياتي دعاة للمحبة والسلام.. للحرية والديمقراطية .. مناهضة لمن يركبون مطية الدين ويدعون بوكالة الله على عباده. وما نعيشه في اليمن خير دليل منذ الف وأربع مئة سنة.
والمرأة هي الحلقة الأضعف في مجتمعانا.. مسلوبة الارادة .. منتهكة الكرامة.. دوما هي تابعة للزوج أو الأب والأخ أو الابن.. دوما كائن يمثل دور العيب.. رواياتي تناقش المساواة وللحرية. والانتصار للمرأة ككائن له الحق في الحياة كما تريد.

**معروف أنت بكثرة سفرك وتنقلك بين عدد من العواصم العربية ..ماذا يبهرك كأديب ومثقف في كل بلد تذهب إليه وتتمنى أن تجده في اليمن؟. 

في أقطارنا العربية لا يبهرني شيء.. كله متشابه.. فالتسلط هو التسلط والفساد هو الفساد.. وما يبهرني حين أذهب بعيداً عن المدن الكبيرة.. إلى المدن الصغيرة في المغرب أو ليبيا أو الجزائر أو العراق أو السعودية أو مصر.. أو السودان أو سوريا.. الخ.. هناك تجد الإنسان الذي يعيش الحياة ببراءة وصدق.. وبمحطات أفراحه التي يبتكرها أمام حياة ملؤها الفقر والظلم والتسلط.. وأكتشف بأننا واحد من المحيط إلى الخليج.. وأن تلك العمائر الزجاجية والمغالطات عبر وسائل الإعلام من عدالة ومساواة وحرية محض هراء.. والحقيقة أن الحاكم وأعوانه الفقهاء طواغيت في كل مكان تغيب في القوانين ويبرز بطش الفرد وتسلطه.. فقط نحن في اليمن بحاجة إلى استقرار وسيكون الغد أروع.

**هناك مقولة قديمة تقول (القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ )وبقت اليمن بالهامش هل استطاعت اليمن أن تقلب هذه المقولة الى حدٍ ما وخاصة بعد أن شهدت الساحة الأدبية فيها كثير من المخاض الأدبي؟.

أرى أن تلك المقولة لم تعد تعبر عن الواقع.. اليوم قنوات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي سحبت ذلك المفهوم.. ويتحول يوما بعد يوم القارئ إلى القراءة الإلكترونية.. واتوقع خلا عقود سيختفي الكتاب الورقي ويسود اللوح المضيء. فالهوامش من البلدان لم تعد هوامش.. والمراكز بدورها لم تعد مراكز.. أضحى الجميع على خط أفقي. هي مقولة لزمن باد.. اليمن اليوم  لا يوجد إليها بريد ولا تصلنا أي مطبوعة بسبب الحرب.. لكننا لسنا هامش..  نقرأ كل جديد عبر الوسائط.. وهكذا من في بيروت ومن في القاهرة وبغداد الكل مثلنا يقرأون الصحف والكتب عبر الوسائط. مؤلفاتنا نرسلها عبر الشبكة لدور نشر في أوربا وشرق اسيا والأقطار العربية.
فقط في اليمن ينقصنا الاستقرار.. وفي اليمن الكثير من الأقلام الرائعة شعراً ورواية وقصة ومسرح.. وأهمس بأن الفجر قريب.

**مملكة الجواري فازت في جائزة كتارا ومن ثم أستبعدت من الجائزة ما هو سبب ذلك يا ترى ؟.

فوز الرواية بجائزة كتارا ثم حجبها بعد عشرة أيام من إعلان الفوز. سأحكي لك:

وصلت قطر بدعوة من الجائزة وكان الحفل عشية يوم خميس.. احتفلنا واستلمت الدرع.. وصباح اليوم الثاني الجمعة كنت في صالة الفندق حسب موعد رحلتي مغادر إلى المطار.. في بهو الفندق التقاني رئيس المسابقة.. وقال لي: هل تابعت الحملة على فوزك ليلة البارحة.. قلت له: أمر متوقع.. ودار بيننا نقاش متشعب .. غادرت بعدها وظللت عبر النت في تواصل بإدارة الجائزة  مع اشتداد الحملة حول فوزي .. من كتبوا من داخل الوطن عبر مواقع التواصل يتهموني بأني شوهت تاريخ الملكة أروى في هذه الرواية.. وشوهت التاريخ اليمني.. اضافة إلى اتهامهم لقطر بأنها منحتني الجائزة لأني ضد الحوثة.. وكلام كثير.. كتاب عرب بدورهم يرون أن فوز رواية يمنية كثير.. وأن الرواية لا تستحق إنما قطر فوزتها لأني يمني واليمن تمر بظروف الحرب. كل ذلك من الأسباب.. ولكن السبب الرئيسي أن دار الهلال نشرت رواية المتن بعنوان “مسامرة الموتى” -وهي جزء من الرواية التي تضم روايتي متن وهامش- قبل إعلان النتيجة بشهر ونصف.. وحين صدر حجب الفوز لم أحتج..  بل أيدت الجائزة وقرارها لأن الجائزة لجميع الأدباء.. واستمرارها مكسب لنا جميعا.

**اليمن يمر بمنعطف تاريخي خطير جدا ..أنت كرجل كان لك باع في السياسة هل هناك ثمة مخرج يلوح بالأفق من وجهة نظرك ؟.

لا يوجد غير الحسم.. اليمن مختطف من مخالب قوى اقليمية. يحاولون  سلخه عن تاريخه ومحيطه العربي.. وتلك المخالب جارحة قاتلة مدمرة. واذا انتصرت فأنها تعيدنا لعهود الكهوف.. تخرجنا من مسار  التطور الإنساني الطبيعي .

** مملكة الجواري كُتبت بأسلوب مختلف لم يألفه القارئ اليمني ناهيك عن المثقف العربي وهو أسلوب ( الهامش والمتن)هل تعتبر ـ أنت هذا الأسلوب جديد على الساحة الأدبية أم سبقك في هذا المضمار ثمة أحد ؟ا 

مملكة الجواري هي الجزء الثاني لرواية ظلمة يائيل.. وظلمة أيضا بها روايتي المتن والهامش.. حقيقة لم أقراء رواية من هامش ومتن.. وما ويهمني هو محاولة تجريب تقنيات جديدة من رواية  إلى أخرى ومحاولة التجديد.

**الترجمة إلى لغات أخرى طموح أي كاتب وأديب ماهي الأعمال التي تُرجمت لك لحد الآن وماهي التي تسعى إلى ترجمتها أو تتمنى لها أن تُترجم إلى لغات عالمية؟.

كلامك في الصميم.. الهدف من الكتابة هو الوصول الي الآخر..  والأديب وطنه الكرة الأرضية.. ويرى تلك الحدود خاصة بالساسة وتلك التقسيمات السلالية والدينية خاصة بالمعتوهين.. ولذلك علينا أن نعمل بكل الوسائل للوصول إلى الآخر في  كافة زوايا الكرة الأرضية. وأنا أسعى وأسعى.

**أعتقد بأنك جمعت الضدين معاً الأدب والسياسة على الأقل في الفترة السابقة ، يا ترى من كان المؤثر على الآخر ؟ وحالياً أنت في العمل النقابي بصفتك رئيس نادي القصة ماذا أعطت لك الأعمال النقابية؟.

السياسة أقرب إلى العهر.. خاصة في مجتمعاتنا العربية.. فلا يختلف السياسة عن قطاع الطرق في اخلاقه.. ولا عن اللصوص في سلوكياتهم.. ولا أحسب نفسي إلا أديباً.. ولم يعطيني العمل الحزبي أو الإداري غير دروس ومعرفة أن السياسية فن الكذب والتدليس والادعاء.وفن التمظهر الخادع.

** الكثير يرى أن العمل الروائي أسهل دروب الإبداع ..ماذا تنصح الشباب المقبل على هذا العمل ؟.
هناك كثير من الروايات لكن لا رواية فيها.. عدى ما خط أو وصف على غلافها بـ رواية .. الرواية بحاجة إلى كائن يؤمن بها وطريق الإيمان يؤدي للإخلاص.. ليس في الرواية بل في جميع ما نصنعه من كتابة.. أن نعرف بأن الخلاص لها  بالقراءة والقراءة بصورة يومية .. من لا يقرأ ويقرأ سيجد نفسه يدور في دائرة مكررة .. الرواية هي فن أن تقرأ وتقرأ أولا ودائما. ثم تكتب.

** أين النقاد يا أستاذ محمد ؟أين مخائيل نعيمة صاحب كتاب الغربال النقدي ، وأين عشرات الأسماء اللامعة في مجال النقد في كل الأقطار العربية ؟ .
أعتقد تصاعدت وتيرة الكتابة في الآونة الأخيرة واختفى معها الحراك النقدي فلم نعد نميز بين الغث والسمين؟.
لدينا في اليمن عشرات حملة الشهادات العليا من مدرسي الأدب في عدة جامعات.. وللأسف فاقد الشيء لا يعطيه.. هم مصابين بكساح مزمن.. وقد أكتفوا بالشهادات الكرتونية.. فهم لا يقرأون.. بل البعض منهم لا يستطيع كتابة مقالة .. ولذلك أرثى لحالهم.. ومن يشابههم في الوطن العربي بالمآت مدرسي اللغة العربية وآدابها..  إلا القلة ممن لهم اصدارات ومتابعات.. فلا حديث لي في وادي سكانه موات.. ولا أملك إلا أن أرثيهم. دعنا منهم فالقارئ هو الحكم.. ودوما أدعوا الجميع أن يكتب ويكتب ويترك للقارئ  صاحب الذائقة أن يفرز.

** أعتقد بأن رواياتك كشفت ما سكت عنه التاريخ يعني دعني أقول بشكل أدق بأن الرواية فضحت أشياء غض الطرف عنها في التاريخ ؟ هل تعتقد بأن هذه كانت ثمة جرأة منك لفضح المستور وتجاوز الخطوط الحمراء العريضة ؟. 
كما ذكرت لك بأن التاريخ يكتبه تنابلة المنتصر.. فما تتوقع ممن قتل الحمدي أن يكتب عن التاريخ.. وهكذا من سبقوه في كل زمان ومكان.. يزورون.. ثم أنا لا أكتب تاريخ .. وأروى  في رايتي هي ليست أروى المقدسة لدى الأخرين بل كتبت أنا أروى الغربي.. من ولدت في مخيلتي كأنثى مثل كل البني أدم. وهكذا قس على بقية شخصيات روايتي ليسوا مقدسين.

** نحن أمام جيلين الجيل الرقمي والجيل الكتابي ، هل تعتقد بأن دور الكِتاب أنتهى بالفعل ؟ وماهي السمة المشتركة بين هذين الجيلين ؟.
منذ سنوات ونحن نودع الكتاب الورقي.. وسيأتي يوم نجد الكتاب في المتاحف.. والحرف والأبداع هو السمة القائمة والدائمة.. وجيل الرقمي أتيحت له أفاق أوسع وأبسط للإنتشار.. ليجدد ويبدع أكثر ويحلق دون حدود. ولذلك أتوقع الجديد والجديد منهم بل والمدهش انسانياً.

** عندما تشرع في كتابة عمل سواء كان رواية أو قصة قصيرة هل تكون أعددت المخطط ومسكت مسار العمل بحيث أعطيت الأدوار لشخوص العمل ورسمت النهاية ؟.
لكل عمل مخطط مسبق.. ولا أكتب إلا بعد أن أعرف البداية والمسار حتى النهاية.. لكن كثيرا ما تتغير أحداث وتظهر شخصيات أثناء الكتابة لم يخطط لها .. وبذلك أعيد تعديل ما خططت له مسبقاً..  وفق المعطيات الجديدة.. وهكذا قد أنتهي من عمل لأجد لا  يشابه ما خطط له. ولكن دوما هناك تخطيط وشخصيات ومسار أحداث قبل البدء حتما.

**كلمة أخيرة تود قولها لكل محبيك من خلال جريدتنا؟.
هو الشكر والشكر لكم… ولمن يقرأ أجوبتي المعذرة  من أي قصور.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!