الأديب الناقد “حسين عوفي البابلي” ورواء الفكر

لصحيفة آفاق حرة الأردنية _ بقلم: أ. أيمن قدره دانيال

التجديد والإبتكار شغلنا الشاغل في الأدب الثقافي المعاصر حيث أننا نكتشف كل يوم جنس أدبي جديد ومبتكر يقودنا إلى الإبداع واستنباط الأفكار الخلاقة المتجددة في عالم الكتابة ومن هنا استوقفتني عبارة الأديب والناقد العراقي الكبير الأستاذ “حسين عوفي البابلي” لمفهومه عبر تصحيح المسار في نهج الفكر والأدب واستكشاف كل ما هو قابل للتطور البحثي والعلمي من خلال نظريات مزهلة تستحق أن نسلط الضوء عليها ونخرجها للنور فهي نواة الماضي وأمل الحاضر .
ولكي لا يمتلكنا شعور التقليد الممل في عصر الحداثة الفكرية وجب علينا الحافظ على إرث الماضي وخلق نهج الحداثة من موروثنا الخالد القديم المتجدد وتطوير أدوات الفكر وطرح معايير أدبية من خلال التعمق في المضمون للتحرر من كل ما هو متداول من أفكار خاطئة يتم تداولها دون أدنى وعي إداركي لها .
وهنا يسعدني اللقاء مع ضيفي العميد المتقاعد من العراق الشقيق
الشاعر والناقد العراقي “حسين عوفي البابلي” عبر سيرته الذاتية المتواضعة :
ـ عضو اتحاد أدباء وكتاب بابل
ـ عضو جمعية الرواد المستقلة, المقر العام بابل
ـ عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب
ـ عضو مؤسسة فرسان شعراء العمود, الثقافي
ـ نائب رئيس رابطة الإبداع من أجل السلام العالمية
ـ سفير أكاديمية السلام العالمية
ـ رئيس تحرير صحيفة الغدير الإسبوعية (سابقا)
ـ محرر الصفحة الثقافية في مجلة الوسط للإعلان
ـ مقدم برنامج ـ الأدب العربي ـ إذاعة الفيحاء(سابقا)
ـ مسؤول مكتب الثقافة والفنون /مؤسسة الإنماء الوطني
ـ حاز على لقب ملك القوافي ـ وقبلها أمير القوافي
ـ نال بردة الشعر /تجمع شعراء العمود
ـ مبتكر الجنس الشعري الرابع ـ القصيدة الثلاثيةـ
ـ له العديد من الدراسات الأدبية والنقدية
ـ رئيس حركة التصحيح والتجديد الأدبية /البيت الثقافي العربي/مركز الحرف للدراسات الأدبية العليا
رئيس هيئة تحرير صحيفة الحرف الأدبية الأكاديمية المُحكمة.
* الأديب والشاعر العراقي “حسين عوفي البابلي ” كيف تعرف نفسك في سطور لقراء صحيفة آفاق حرة الثقافية..؟
 – إنسان يؤمن بالقيم الإنسانية، ويمقت التطرف العقائدي والتفرقة العنصرية والإثنية، فما خلق الله الإنسان ليطغى، فكل الناس لآدم وآدمُ من تراب.
باختصار، حسين عوفي باحث وناقد وشاعر، اكاديمياً ولله الحمد حاصل على أعلى شهادة علمية في الأدب العربي، وعضو في اتحاد الادباء/العراق، وكثير من الإتحادات الأدبية والثقافية في العراق وعلى المستوى العربي، أصدرت العديد من الدواوين الشعرية وأخرى قصائد تفعيلة كذلك العديد من الدراسات الأدبية والبحوث والتي تصب في إرساء خدمة الأدب الرصين، وفي مجال النقد كنت واحدا من ثلاثة على أيديهم تم انجاز نظرية نقدية عربية تحمل الرقم(71)،وأعتقد جازماً أنها النظرية النقدية العربية الخالصة الوحيدة التي استوعبت الأجناس الأدبية العربية جميعها، وتفوقت على النظريات النقدية الغربية ال(70)السابقة، بعد أن رأينا أنها لاتنسجم مع طبيعة أدبنا العربي ولا لغتنا ولا ذائقتنا العربية.
* ما هو دور الشعر في توظيف الكلمة الفكرية، وهل يمكن للقصيدة إثراء فكر التلقي العربي؟
 – سؤال رائع، وللإجابة عنه أقول:
هناك مصطلح اسمه (التواصلية) طرفه الأول الكاتب/الشاعر – وطرفه الثاني التلقي، والكلمة كما قلنا هي عِلم، والفكرة فلسفة، وهذه الفكرة لو أمكن تجذيرها فلسفياً، لأنتجت العديد من خطوط التواصل بين النص والتلقي، بشروط منطقية وواقعية وبلغة أدبية عالية وفق منظور نظرية الفن للمجتمع، فالفن والأدب لاتُصاغ بشكل قسري ابداً، بل هي اجتهاد تليه اجتهادات تبنى عليها تطورات لمفاهيم لاحقة.
فالفلسفة(الفكرة) مساوية للعلم (اللغة)، وعلى الشاعر/الكاتب الناجح ان يبني جسوراً للعبور عليها مرحلةً بعد مرحلة، وهذه المراحل هي:
مرحلة التكوين – نظرية الإدراك – اللغة العلمية.
* هل أنت مع الحداثة الشعرية وما هي قراءتك لقصيدة النثر والقصيدة العمودية..؟
 – من يفهم الحداثة على أنها تمرد على الموروث فهم على خطأ جسيم، ومن لا يفرق بين الشعر والنثر فهو بعيد عن الساحة الأدبية، وكل أصيل يتفوق على التقليد، ولو تعمقنا في التراث لوجدنا نماذج نثرية قمة في الروعة بحيث سعى الغرب جاهدين لاستثمارها في نثرهم ونجحوا، كما حاولوا أيضا تطويع بحور الشعر العربي لأشعارهم لكنهم فشلوا لسبب بسيط، هو أن لغتنا ألف بائية كمية هجائية ولغتهم غير هجائية ومقطعية، كذلك طبيعة الذائقة العربية وأذنها الموسيقية تختلف أيضا، إضافة لاختلاف البيئة.
ولو حللنا فكر ما بعد الحداثة تحليلا دقيقاً من أجل النهوض بالواقع وفق دراية عميقة بمقولاتها وليس من باب التقليد أو الصورة العامة أو انطباعات شخصية تريق ماء ماء الجبين، لتعلمنا من الحداثة وما بعد الحداثة الكثير، ألم يترك الغرب النظريات وجاؤوا بأخرى تستوعب التطورات في مناحي الحياة أجمع؟ فلماذا نصر نحن بالتمسك بالقديم، والعالم حولنا في تطور وتغير مستمر، هل الغرب وحدهم يملكون ديناميكية وحيوية للعقول، ونحن عاجزون أم إننا أصبنا بالاستاتيكية ومكانك راوح، نتفرج فقط أو ننتقد كل جديد، حتى نسينا أننا جزء من الإنسانية، بل الجزء المهم في الإنسانية والذي أفادت منه الشيء الكثير حيث أسهمنا في إغناء البشرية بشتى العلوم.
علينا أن نواجه بصدق وموضوعية جميع المعوقات التي وقفت إزاء تطور، الأدب العربي .
أعود وأقول، إن الإبداع أمر ضروري وأقصد التصحيح التجديد والإبتكار، ونبلوره بتجارب حقيقية تستحق التقدير ونثبت أن لغتنا وتراثنا قادران بما يعيد لهما مكانتهما بين آداب الأمم الأخرى وبوجه أكثر سطوعاً، وذلك حين نهيء أرضا خصبةً ومنظمومات نقدية علمية، ولاضير من الجدل والإختلاف، فالبقاء للأصلح.
* من خلال قرائتك لكل نص أدبي هل وجدت أن الشاعر يكلم نفسه أم يتكلم مع جيله، وهل كان الكلام مع النخبة أم الشريحة الواسعة؟
 – حديث الذات أو حديث الروح، لا يأتي من فراغ، فهو ردة فعل لما يدور حوله، سلباً أم إيجاباً وفق ما يحمل من رؤيا وثقافة واطلاع بطاقة تعبيرية في محاولة تستوعب شريحة واسعة من التلقي، على اعتبار أن الأديب والأدب عَرّاب المجتمع، فيمارس الأديب دوره على شكل رسالة ذات مضمون نبيل وهو يعبر عن تطلعات مجتمعه وما يعانيه من ظلم أو إجحاف، علّ وعسى أن تجد الكلمات آذناً صاغية لدى رعاة الخلق وأولي الأمر.
وهناك طرق عديدة للتعبير وأسلوب يتبعه كل كاتب أو أديب كبصمة تميزه عن غيره، كاستخدام الرمز أو الأسطورة، وعليه أن يضع في حسبانه طبيعة الذائقة التي تنفر من الغموض والتعالي الفكري والألفاظ المستهجنة، لأن لغة الأدب جدير بها أن تجري وفق معايير جمالية شفافة تستدعي التأمل والتقدير.
* هل وجد حسين عوفي البابلي من بين النماذج التي عرضها حضوراً للموروث الثقافي، وهل كان المتلقي على درجة عالية من فهمه لذاك الموروث؟
 – هناك لغة وهناك أدب، فاللغة علم والأدب ابداع، كما هو الفرق بين النحو والقواعد، وبين الأدب والنقد، فالموروث بحقيقته يشكل اللبنة لبناية اللغة الشعرية، ومادمنا عرباً ،فلابد أن نكون حلقة الوصل بين الماضي والحاضر وفق رؤيا مستقبلية واعدة، ولذلك تجد العديد من الأسماء الذين اثبتوا حضورهم على الساحة الأدبية من شعراء وكتاب قصة ورواية وأجناس الحداثة وما بعد الحداثة،
لذلك فالتاريخ وما تضمنه من موروث ضروري جدا لكل أديب وباحث كي يقرأه قراءةً واعية ويستخلص منها ما سيسقطه على الواقع ليخرج بنتيجة منطقية، فالتاريخ حقيقة، والحياة حقيقة والموت حقيقة، ولكن كيف يرسم الشاعر تلك الحقائق وأية ألوان سيختار، هذا هو مدار السبق والرهان.
* من خلال بحثك وتعمقك الفكري حبذا لو تطلعنا على ماهية القصيدة الثلاثية وما مضمون فحواها كجنسٍ رابعٍ مستحدث للشعر العربي بشكلٍ عام ؟
 – العقلية الأدبية العربية والمبدعة ليست قاصرة عن الإتيان بأجناس شعرية جديدة ومبتكرة كما حصل في الموشحات والتشطير والتخميس وقصيدة التفعيلة والبند، والدليل تم ابتكار القصيدة الثلاثية وتم شرعنتها بإسمي عن طريق لجنة مشرفة ضمت كبار الأدباء من ذوي الإختصاص ومن مختلف اقطار الوطن العربي باعتبارها جنسا شعريا بينيا رابعا وكذلك تم ابتكار الموقف المقالي للأديب العراقي عبد الرزاق الغالبي وكذلك قصيدة القصورة للأديب العراقي المعروف علي الإمارة، معنى ذلك ليس من اللائق تقليد الهايكو أوغيره وهو آت من لغة مقطعية ولغتنا الف بائية لها مميزاتها وخصوصياتها،.
* ما الرسالة التي تود إرساءها في فكر القارئ العربي في نهاية حورانا وما الكلمة الأخيرة التي تحب أن تقولها له كناصحٍ أمين..؟
 – للكلمة تأثير أمضى من أي سلاح، ومقياس عمق المعنى في التأثير… كلما كان للكلمة سعةً من التأثير، يقاس على مداها المفاضلة بين قلم وقلم وشاعر وآخر.
وأنا أحرص دائما، أن يكون جيل الشباب كونهم عماد الرقي وهم القوة الفاعلة، أن يتسلحوا بالوعي والثقافة الحقيقية وأن ينفتحوا على تجارب الإنسانية أجمع، لاسيما وأن التقدم العلمي وفي شتى المجالات يجري، على قدم وساق، لذا علينا أن نكون واثقين بقدرتنا وطاقاتنا الفكرية ونلحق بالركب المتقدم للأمم، وأن لا نقف مكتوفي الأيدي ولا نحرك ساكنا، مستلهمين من تراثنا الصفحات الناصعة ونزيد عليها من الألوان ما يجعلها أكثر حيويةً وبريقا.
نعم، نملك الكثير من أسباب النهوض، ومن الله التوفيق.
شكري وتقديري وامتناني لكم ولاهتمامكم النبيل وأنتم تسلطون الضوء على مفاصل مهمة في حياتنا الأدبية.
أكرر شكري وامتناني لصحيفكتم الثقافية الرائدة ولمجلس ادارتها ولك شاعرنا الاعلامي والصحفي أستاذ أيمن.
* **في نهاية لقاءنا أشكر الأديب والشاعر الكبير حسين عوفي البابلي أن أتاح لي فرصة محاورته الجادة وقد أسعدني هذا اللقاء بقامة عراقية متأصلة من قامات الفكر والتجديد والابتكار..

حلب 2019/7/17

عن أيمن قدره دانيال

كاتب - شاعر - اعلامي - عضو الاتحاد العام للاعلاميين العرب 2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!