الشاعرة السورية ليلاس زرزور تحاور الشاعر السوري أحمد السيد

لصحيفة آفاق حرة 

الشاعر السوري أحمد السيد  ..

من مدينة حلب ..

شاعر سامق ، متمكن ، مميز

له دراسات أدبية ونقدية يشار لها بالبنان ..

عضو اتحاد كتاب العرب ..

درس اللغة العربية وآدابها في جامعة صنعاء ..

يعمل لدى الجمعية الخيرية الإسلامية ..

يمتلك منجزا ثقافيا مميزا وبدون شك دلالة على تمكنه في عالم الأدب والشعر ..

نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير ..

نشرت له العديد من الصحف الورقية والإلكترونية ..

شارك بتحكيم العديد من المسابقات الأدبية  ..

كان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع  ..

** متى اكتشفت موهبتك الشعرية ؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة ..ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية ؟

1- شكرا لك سفيرة الشهباﺀ في عالَم أبوللو .. عالم عبقر و الإلهام و الإيحاﺀ و أحلى كلام .

ولدت في أسرة تحب الشعر و يقرضه ثلاثة إخوة أكبر مني ( رغم تخصصاتهم العلمية )

و تاثرت بهم دون ريب قارئا في المنزل بعض الدواوين ..

و حين نجحت إلى الصف السادس علمني أخي ( الطبيب الآن ) في العطلة الصيفية وزن الشعر ( كانت مدة الدرس نصف ساعة في الأكثر )

و كتبت في اليوم نفسه قطعة من الشعر التفعيلي و بيتين خليليين

و في المدرسة و أنا في الصف السادس  شجعني مدرس اللغة العربية في مدرسة القنيطرة الأستاذ حسن حسين على كتابة المزيد و احتفى بي في الصف و في الإدارة و قال لي : ستكون شاعرا كبيرا ..

 

و في المرحلة الثانوية اسست مجموعة أدبية باسم ( نادي القلم الأدبي ) و كنت رئيس ذلك النادي و من الأعضاﺀ الأستاذ الصحفي  محمد مسلميني ( مراسل جريدة الثورة فترة طويلة ) و شاعر قصيدة النثر الأستاذ حسين درويش (  المحرر  الآن في إحدى الصحف الإماراتية ) و نشرنا في عدد من الصحف و في مطلع تسعينيات القرن المنصرم  أصدر الصحفي السوري الراحل رياض نجيب الريّس عددا خاصا من مجلته الشهيرة ( الناقد ) تحت عنوان : الشعر العربي اليوم . و كان العدد ملفا لنماذج الشعر العربي حينها

قال الريس إنه انتخب نصوص العدد الثمانين من  ألفين و خمس مئة نص ارسلت إليه و كانت قصيدتي ( الجريدة ) إحدى قصائد العدد بدون مواربة : كتب أحمد مطر بعدها قصيدة تحاكي قصيدتي يقينا

** الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لإنتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ماهي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟

صحيح أستاذة ليلاس.. الموهبة وحدها لا تكفي.. لا بد من صقل الموهبة بالاطلاع على المنجز الشعري و النقدي العربي في كل العصور و لا بد من إتقان علوم العربية و تقنيات الشعر ثم لا بد من وجود تجربة حياتية مميزة فالإنسان الذي لا تهزّ مشاعره بعض الحالات الإنسانية و تدفعه حدّ البكاﺀ هو لوح أو صخرة لا ينبجس منها ماﺀ الشعر

** كثير من  الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟

طبعا ما نسميه بالحظ هو علاقات عامة و خاصة لتسويق بضاعة قد تكون رديئة

تلامذتي في المدارس يكتبون شعرا أفضل بمراحل مما يسوده بعضهم  و ينال كل الرضا من المطبلين و المزمرين و جوقة مسح الجوخ

** ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي السريعة ؟

الحركة الأدبية في هذا الوقت ( منذ عقدين من الزمن ) يمكن تشبيهها ب( السَّلَطة ) لكن هذه السلطة تجمع متناقضات و عناصر  غير منسجمةلنتخيل  طبقاً من سلطة الفواكه و تم حشر الثوم و البصل في المكونات !!!ثمة مواهب كبيرة لا تنكر أقرؤها بكل الحب و السعادة و الإشادة و في الوقت نفسه أمر على إنجازات موهومين سودوا صفحات التواصل برداﺀاتهم مع الادعاﺀات الفارغة العريضة ..

** هل يمكن القول أن المعلم هو الأساس لإطلاق أي موهبة أدبية ؟

قطعا للمعلم دور مهم و جوهري : زهير بن أبي سلمى تلميذ زوج أمه اوس بن حجرو زهير أستاذ ابنه كعب و ابو تمام تلميذ مسلم بن الوليد و ابو تمام أستاذ البحتري .. وصولا إلى العصور الحديثة التي ظهرت فيها المدارس النظامية و الجامعات و بدأ الأساتذة بتوجيه طلابهم الذين يرون فيهم نبوغا مبكرا

** ما رأيك بالنقد ؟

النقد دواﺀ لا يستغني عنه إلا الفاشلون الأردياﺀ الذين يخافون على كتاباتهم المحشوة بالأخطاﺀ من سلطة النقد .. النقد يوجّه و يزيّن و يدفع بالتجارب إلى الأفضل لكن لا يجوز تسويق  الانتقام الشخصي تحت مسمى النقد ليس النقد محصورا في كشف العثرات إذ هو في الوقت نفسه قراﺀة جمالية للنص تعين المتلقي و تثقغه و ترفع مستوى الذائقةو في كل عصر :  ما بزغت نجوم في سماﺀ الشعر العربي إلا بوجود حركة نقدية نشطة

**  هل ترى أن الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر ؟

 لا شاعرتنا الذواقة .. الشعر العربي لا يتقهقر لكن فيه مافيه .. فيه تيار الرداﺀة و الشللية و أمراض التعاظم الفارغ .. و هذا لا يلغي وجود نوابغ نكن لهم كل الاحترام و نقرؤهم بكل إعجاب

** ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم ؟

في العصور القديمة لم يكن أحد يستحق الوصف أنه شاعر  و هو يتعثر في علوم العربية .. كان ألف باﺀ هذا الفن ( و الأدب عموما ) إتقان علوم العربية و تقنيات الشعر و الآن يسمي بعضهم نفسه بالشاعر الكبير مع أنه ينبغي عليه  العودة إلى المدرسة لدراسة النحو و الصرف و العروض من جديد ( مع ظني أن بعضهم راسب لا محالة  إن عاد )

لكن ..أظن أن في الشعر العربي المعاصر مواهب عبقرية  متفوقة أحدد منها  تمثيلا بدر شاكر السياب و من أراد التحقق من كلامي هذا فليقرأ من قصائده مثلا : المومس العمياﺀ أو قصيدة بورسعيد1956 …  ثم ليوازن تجربته بديوان كبير لشاعر قديم كأبي العتاهية مثلا

**ما نوع الشعر المفضل لديك ؟

أحب قطعا الشعر الذي  ينبجس عن ثقافة .. فتكون أبيات النص عالما كونيا مصغرا الشاعر قد يكتب بيتا يعدل فكرة رواية كاملة

و لا اعني بذلك الشعر الفلسفي حين يتفلسف الشاعر يصبح نصه جافا خاليا من التفصيلات المحببة الشعر ليس فنا سرديا و لا فلسفة متعالية و الإحساس في الشعر أحد مولدات النص و  تجلياته لكن بعض الشعر يخفت فيه وقدُ المشاعر لصالح الأفكار

** هل الشعر صناعة ؟

 – نعم الشعر صناعة و صياغة و تحرير و تنقيح فالارتجال موجود مثلا في ديوان المتنبي  متمثلا بقطع رديئة .. و زهير بن أبي سلمى صاحب الحوليات هو زعيم تيار الصنعة في الشعر الجاهلي

و قد نشر نزار قباني صورا عن كتاباته بخط يده و فيها دوائر التصحيح و الإضافة و الحذف و التغيير كل فن عظيم يحتاج صبرا ليقدم نتائج مرموقة خالدة

 

** ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية ؟ وهل أنت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟

أتعامل مع فنون الشعر بمنطق الحرية و قبول الآخر و عدم احتكار اسم الشعر

انا لا أكتب شعرا منثورا و لن أفعل اكتب الشعر البيتي الخليلي الذي يسمونه بالعمودي خطأً و اكتب التفعيلي و أقرأ فيهما لكنني أرى في كتابات محمد الماغوط جمالا و جاذبية و شعرية ثرية

** كيف ترى الوطن في شعرك ؟

الوطن في الشعر هم معاصر نادرا ما نرى شواهد على الشعر الوطني قديما و شعري الوطني ليس صراخا و لا افتعالا .. إذ أنظر إلى حلب و دمشق و سورية  نظرة العاشق المتغزل .

مع حبي لكل بقاع الضاد بل إنني احب الارض كل الأرض : فهي ميراث أبينا آدم لنا جميعا

** ماهي العوامل التي أدت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟

 نعم

من نتائج النت الحد من انتشار الكتاب الورقي و سهولة الرجوع إلى معظم الكتب عبر الشابكة بكل يسر طبعا يبقى الكتاب عبر  النت كصورة الحبيبة و أما الكتاب الورقي فهو الحبيبة نفسها حين احتضن الكتاب بين يدي  أمتلك شعورا غامرا بالالفة و الحب و السعادة

** كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟

لا شعر بدون حواﺀ فهي الملهمة الحقيقية المتفوقة بدرجات على مصادر الإلهام المزعومة كشياطين وادي عبقر ايهما الأولى : إيحاﺀ الشياطين أم إلهام الملائكة في صور بشرية حوّائية ؟ و الشعر شعر سواﺀ أكتبته أنثى او كتبه رجل نازك الملائكة صنو السياب

و اليوم ثمة شواعر عربيات متفوقات دون ريب و مبدعات حقيقيات

** هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا ؟

 نعم

كان الشاعر قبل عصر النت لا يُطبع له ديوان إلا إن كان شاعرا حقيقيا بكل معنى الكلمة .. فالناشر لا يغامر .. لا بد أن يثبت الشاعر مكانته في الوسط الأدبي و يشيد به النقاد و يكوّن جمهورا

أما الآن فلا قيمة تذكر لبعض المطبوعات المحشوة  بأخطاﺀ و عثرات لا تليق بهذا الفن العظيم.

صدر لي في 1994م عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ديواني الأول ( غيمة النار ) بتقديم أستاذي الراحل الدكتور فهد عكام (المقدمة اكثر من ثلاثين صفحة )و في 1997م اصدرتُ في صنعاﺀ  ديواني الثاني ( نقوش يوسفية على جدران البئر ) فكتب شاعر اليمن الدكتور عبد العزيز المقالح  وقتذاك في جريدة الثورة اليمنية :  ( لو كان العصر عصر ألقاب لاستحق أحمد إبراهيم السيد لقب شاعر القطرين سورية و اليمن )

**ما هو سر نجاح الشاعر ؟

سرّ نجاح الشاعر في وقتين :

– في حياته : قد يكون مرد ذلك ماله أو منصبه أو الرضا عنه او علاقاته  او موهبته الحقيقية .

– و بعد رحيله : قطعا يكون إنجازه الشعري العبقري هو السبب

و أذكر أن ابن المعتز في كتابه ( البديع ) تجاهل الاستشهاد بمعاصره ابن الرومي لعدم رضا العباسيين عنه كما أن أبا الفرج الأصفهاني تجاهل معاصره المتنبي في موسوعته الكبيرة ( الأغاني ) لغضب سيف الدولة على أبي الطيب لكن بعد توالي الزمان : ابن الرومي و المتنبي نجمان لا يغيبان

**لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية ؟

تستغربين ربما : لا أعد أن حياتي تتضمن أسرارا رغم خصوصية تفاصيلها و ثرائها و عجائبيتها و روح التحدي فيها … و لكن دون ريب فإن شريكة حياتي تسمعني أكثر من غيرها بطبيعة الحال

** لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ؟

 كتبت كتابا في تعليم العربية لغير الناطقين بها ( او للناطقين بغيرها ) منذ ربع قرن تقريبا و لي مدونة شعرية تمثل مرآة لحياتي منذ أن كنت غلاما و علمت العربية للآلاف في المدارس الثانوية في اليمن و الأردن و سورية ( و علمت فترة في جامعة صنعاﺀ ) و قد كتبت في الصحف مقالات متنوعة و لي تفسيرات نحوية و لغوية …. إلخ  غير مسبوقة و ما زلت أكتب في الشعر و الأدب و علوم العربية و لا اعد ذلك عملا أو مهنة إنه تنفس طبيعي ( أو طبعي ) لتكويني الشعري الثقافي على أنني ازعم أنني في الشعر أبدع صورا و نماذج فنية و جملا مموسقة تعد إضافة حقيقية لم يقترفها أحد من قبل و هذا ما لاحظه أكثر من ناقد أكاديمي كالأستاذ الدكتور فهد عكام رحمه الله

** ماهي كلمتك لجيل اليوم ؟

لجيل اليوم :

لا تستسهلوا و لا تستعجلوا

لا تسجلوا على أنفسكم أنكم كتبتم ذات يوم نصوصا رديئة

ليس المهم أن تحظى بلقب ( شاعر ) فقد يكون نجاحك في ميدان آخر قارئ مثقف واحد خير من ألف شاعر رديﺀ

** كلمة تحب توجيهها إلى القراء ؟

 أشكر صديقتي الشاعرة الذواقة ابنة الشهباﺀ الأصيلة صاحبة النصوص البديعة الأستاذة ليلاس زرزور

و أشكر القراﺀ الأكارم الذين تابعوا هذا اللقاﺀ الطيب قارئين كل ما قلت .. فلا يقرأ مقابلة  في هذا المجال إلا مثقف حقيقي .

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!