الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الشاعرة إيمان الشواش في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء وأسئلة: إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في إحدى المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الأسبوع الشاعرة إيمان الشواش
1. كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
فراشة سحبت خيطا من الجنة وجاءت إلى الأرض..
امرأة من الجنوب الشرقي للمغرب ،حاصلة على شهادة في القانون الدولي وأشغل وظيفة في حقوق الانسان
2.ماذا تقرأين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
الآن أقرأ لغابرييل غارسيا ماركيز، كثيرة هي قراأتي أقرأ وأعيد القراءة، كما أني أكتب هنا وهناك، في الحقيقة كل ما قرأته عشته لدرجة أنني أنغمس في الشخصيات، أردد حواراتها وأتقمص أدوارها حتى لطالما اعتبرت نفسي بمثابة تلك الشخصية الحاضرة في كل الروايات ..
لا أخفي عليك أنني انبهرت برواية “عزازيل” ليوسف زيدان لدرجة أنني بدأت بكتابة الرق الأخير، رافقت الطبيب الراهب هيبا في أسفاره وأفكاره، اخترقت معه جدران الأديرة ودخلت حياة الرهبان، تعلمت وصفاته الطبية وكنت في الآن ذاته عشيقته. .
عندما أشتاق وتحن نفسي للذة القراءة أعيد قراءة عزازيل كما أن رواية “الموت في بابل الحب في اسطنبول “من الروايات التي استمتعت بقراءتها.
3.متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتبين؟
كنت أكتب في عقلي وأخزن في ذاكرتي وأنسج خيالي عقدة عقدة وأنا طفلة صغيرة أداعب وجنة أمي وهي تسرد الحكايا ،حكاية ما قبل النوم. .
بدأت الكتابة عندما طرحت هذا السؤال: ترى لماذا لم يكتب آدم تجربته الإنسانية في جنة السماء؟ فبدأت بكتابة تجربتي الإنسانية في جنة الأرض وكان أول ما كتبته “ولدت في جنة الأرض كما ولد آدم في جنة السماء”
أكتب لأعرف نفسي، معنى لوجودي، لإشباع ظمأ أحاسيسي، عَلَّ من نزف ذاكرتي تخرج بذرة تزرع في أرض قاحلة تجعلها جنة يانعة. .
4.ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها ؟
كطفلة تسكنني قريتي التي صرخت فيها أول صرخة، عشت فيها أول دقائق حريتي أبكي عارية، بلا إسم، بلا خطيئة، بلا توجهات، وبلا حقد بشري ..هي مدينة قلبي وسكن روحي ،إليها أشد الرحال حين يجتاحني إعصار الشوق ويضربني شلال الاشتياق إلى طفولتي.
كامرأة تسكنني إسطنبول، أخذتني هذه المتجبرة أسيرة عشق لا ينتهي، سقت روحي فهمت بـها فكأنها لقلبي الرواء، أسمع بين أزقتها أشعار ناظم حكمت .. أرقص مع دراويشها ..في بسفورها ألقي أمنياتي .. أروي ظمأ روحي..
5.هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة ؟
لا أستطيع الحكم على كتاباتي سأترك ذلك للقارئ، كل ما أعرفه أنني أستمتع بالكتابة وأحاول تقاسم لحظات تعتريني فيها أحاسيس تداعب خيالي ..ربما الكتابة أحبتني من نفسها فانكتبت .
أعمالي المقبلة رواية أسميتها “موسم العودة الى القدس ” وأنا الآن بصدد إتمام الجزء الأخير منها
6.متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟
الكتابة أعمق من مجرد وضع حبر على ورق، هي حالة إنسانية ولحظة تخلو فيها الروح إلى صفائها، لحظة تحرر الروح من سجن الذات والتحليق في عوالم خفية لا يعرف أسرارها إلا من اعترته تلك اللحظات وتلبسته ملائكة الكتابة، بل أضيف هي المعرفة التي نحملها معنا إلى الحياة الأخرى وستظل ترافقنا في خلودنا.
7.ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
لم أتمنى يوما أن أكون غير نفسي، أن أكتب غير الذي أحس والذي أفكر فيه
الكتابة في حد ذاتها طقس..
قد يغيب عني ملك الحروف وقد يأتيني في صبيحة يوم يجتاحني ويأمرني: اكتبي
يحضر لي قلما وأوراقا ويبدأ بإملائي تعاليم الحقبة التي جف عندها مداد قلمي فأدخل معه في حوار وأبثه شكواي: إن حروفي قد عقتني غير آبهة بمعاناتي وتركتني في صحراء الأبجدية، أصعد تلال الحروف وانزل منحدرات الكلمات ذهابا وإيابا بين السطور والجمل التي استعصت أفعالها فيجيبني بنبرة الآمر: اكتبي، سأعلمك كل الأسماء وما فيها من سر، فقط اكتبي فما يكن مني إلا أن أمسك قلمي، فاندهش من سيل الكلام ونزف الحروف وجريان الجمل، تتسابق، فيغمي علي وتصيبني حمى الكتابة ويكون الذي يكون..
8.هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
المبدع كالبلسم للجروح، تتسلل إبداعاته إلى دواخلنا، هو ذاك الصوت الخفي، تلك الاحاسيس التي عجزنا التعبير عنها باسم مسمى من المسميات، صوت المجتمع وفكره وضميره، هو الملجأ المنيع الذي نأوي إليه، نحتمي بحضنه، بين سطوره نسافر إلى عوالم لم نكن نستطيع الغوص فيها لولا محاولة، جهد، إصرار، وتمرد مبدع ..
9.ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب
العزلة هي التي تصنع الكاتب، لطالما آمنت إنه من رحم العزلة يولد الإبداع والعزلة هي حرية الكاتب
10.شخصية في الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
شخصيات كثيرة وليست واحدة ..
معاوية بن أبي سفيان يعلمني دهاء السياسة، هارون الرشيد يرسم لي خريطة أحلامي، امرؤ القيس الكندي ينثر حروفه الماجنة على جسدي يحرره من عبودية اللذة وعرف القبيلة، يوسف بن تاشفين يعبر بي البحر عل سفن نصري تولد من جديد، المعتمد بن عباد يعزف لي في الزهراء أغنية، فيديريكو غارثيا لوركا يلقي على شرفتي في غرناطة كل يوم وردة جميلة، سليمان القانوني يخلدني حضارة.
11.ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
ببساطة لا شيء أنا شاكرة وممتنة لكل ما حدث في حياتي، لسنا مضطرين للبدء من جديد لتغيير الحياة التي نصبو إليها، الحياة في حد ذاتها فرصة أو فرص، فمع كل إشراقة شمس يوم جديد تفتح نافذة أمل ..
12.ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
الفقد نسبي كل يراه حسن موقعه وتمثلاته للشيء، شحنة من الانكسارات والآلام التي تظل ترافقنا دائما لتشكل جزأ من ذاكرتنا ..
13.صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن ديوانك الذي سيصدر قريبا “رسالة عاشقه “. كيف كتب وفي أي ظرف؟
رسالة عاشقة هي نصوص إبداعية حالمة، يشكل موضوع العشق فيها حجر الأساس، هي دعوة للروح للتحليق عاليا في سماوات العشق حيث تلتقي الأرواح وتتعارف، عشق بنكهة الحنين إلى الأمجاد التي مضت، أمجاد لا يزال الحنين إليها هم وقضية كل واحد منا، كتابات فيها من العذرية نصيب، من تصوف المتصوفة نصيب، من مجون الصعاليك نصيب، ومن الالتزام بقضايا الوطن والانتماء والهوية نصيب..
14.الى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز. الى دهاء وحكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
لا هذه ولا تلك، أنا لا أؤمن بهذه التسمية التي لا تعدو أن تكون مجرد شعار يراد به ما يراد، بل أجزم قاطعة أنها لم تفرز إلا مزيدا من الصراع ..
ليست المرأة وحدها هي التي تعاني في مجتمعاتنا العربية المليئة بالأعطاب التي تتناقلها الأجيال والتي تكرس واقعا أليما تضيع معه حقوق الجميع.
15.ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
لا ليسكنها فقط، بل ليخلد مروره فيها.
الإنسان مبدع خلاق بطبعه، حقيقة لا يمكن تجاهلها وما سعيه لتدوين وتوثيق مساهمته في المجتمعات الإنسانية على مر العصور إلا تأكيد على أهمية هذا الفعل الإبداعي، ففي الكتابة تخلد الأفكار والأشخاص ..
الإبداع جسر لتحقيق الخلود، والكتابة هي تعبير عن الواقع وفق رؤية إبداعية تداعب الخيال.
16.كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
الواقع الافتراضي يحقق الانتشار السريع والتعارف المتبادل بين الكتاب والقراء والاطلاع على الثقافات المختلفة، والتجارب التي تساهم إلى حد كبير في إغناء تجربتنا وفي نفس الوقت واقع تميزه الفوضى
بالنسبة لي تجربة مفيدة جدا، استطعت من خلالها أن أتعرف على أصدقاء من الحقل الأدبي، وأن يتعرفوا على كتاباتي، نسجت صداقات ما كانت لتحصل لولا هذا الفضاء الأزرق، فشكرا لمارك
17.أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
الحياة مليئة بالذكريات السارة والمؤلمة، وفقدان من نحب هي أصعبها، في الحقيقة نحن نخاف من فقدان من نحب، أولئك الذين رافقونا وأصبحوا جزأ من كياننا، في كل مرة نفقد واحدا منهم نفقد جزأ منا، وإلا ما قيمة الحياة بدون من نحب؟
وفاه أبي أدمت قلبي، سرقت بهجة طفلة، طبعت خريطة حزني وخلفت فاجعة لدي
أجمل ذكرى هي كل الولادات التي شهدتها من طفولتي إلى الآن
18.كلمة أخيرة أو شيء ترغبين الحديث عنه؟
خالص شكري وامتناني لك الصديق رضوان على كرم تواصلك معي واستضافتي في هذا اللقاء الأدبي الرائع، مع متمنياتي لك بمزيد التألق والإبداع، شكري أيضا لكل من يثابر على تشجيعي ولكل من مر قارئا لهذا الحوار.
وفي النهاية من العشق يولد الإبداع:
عندما تبدأ رحلة عشقك وتجاوز الحدود المقيدة لفكرك، عندها فقط تبدأ بخط أول حرف في أبجدية وجودك، ووضع أول لبنة في بناء روحك، ورسم أولى معالم جغرافيا جسدك، سيعشقك كل ما يحيط بك، ستشرق الشمس من ابتسامتك ستتسابق الريح هفوا إليك، ستركع الجبال تواضعا لك ستتراقص الألحان تمجيدا لك، ستنثر الورود رحيقها وتزرع قلبك سعادة.سترنم المآذن والكنائس والدير آيات عشقك، سيكشف عنك حجاب المعرفة، سيزول غلف قلبك وغشاوة بصرك، ستبصر وترى وتفهم وتعرف، عندها ستهيم…
أتمنى أن تكون كتاباتي قد لامست أرواحكم.

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!