الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الكاتبة الأردنية إنعام القرشي في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء وأسئلة : إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الأسبوع الكاتبة الأردنية إنعام القرشي
1. كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
خريجة ادارة اعمال وعملت في القطاع المصرفي، اهوى التصوير الفوتوغرافي، اكتب القصة القصيرة والرواية، انسانة تحب الكلمة وتعشق الصورة، تبحث عن المختلف في كل شيء، اتدرب على الصبر، احب الشعر والفلسفة واحلل كل ما تقع عليه عيني .
2. ماذا تقرأين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
اقرأ الآن رواية بعنوان “رجل عديم الأخلاق” للكاتب الفرنسي الحائز على جائزة نوبل اندريه جيد، واجمل كتاب قرأته مؤخراً ” كافكا على الشاطىء “
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتبين؟
بدأت الكتابة وأنا في المراحل الابتدائية، حيث تقدمت لمسابقة ادبية خلال ذهابنا الى مخيمات الشباب والشابات في العطلة الصيفية وكتبت قصة قصيرة استوحيتها من حدث حقيقي في احدى القرى، وحازت قصتي على الجائزة الأولى على الشباب والشابات وتم نشرها في مجلة النشاطات الكشفية وتقاضيت مبلغ عشرة دنانير اردنية وهدية قلم حبر باركر مكافأة، بعدها بدأت النشر في المرحلة الاعدادية في الجرائد الرسمية.
اكتب، لأنني اشعر بأن الكتابة هي الحالة الوحيدة التي انفصل بها عن الواقع واصبح في مكان آخر انظر من خلاله الى كل من حولي كي اتمكن من العودة ثانية اليه لأن الواقع يسرق منا احلامنا برمشة عين، ولكي اثبت وجودي وما بداخلي على الورق لعل هنالك تائه تستهويه كلماتي وتكون له طريقاً مختلفاً يسلكه في هذه الحياة الصعبة.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
احب مدينة “فينيسيا” البندقية في ايطاليا، ذهبت اليها يوماً وتجولت بها وبأزقتها واحببتها كثيراً وهي المدينة الوحيدة التي اشعر بالرغبة في زيارتها مرة اخرى وربما السكن فيها، صورت مناطقها كثيراً وزرت اسواقها وكنائسها، ورأيت الكثير الكثير من الفنانين هناك يرسمون اجمل اللوحات، ركبت قواربها فهي مدينة ساحرة تختلف عن مدن العالم الأخرى كونها تقع على بحيرة البندقية الكبيرة.
5. هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
من الصعب ان اقرر اي شيء بخصوص انتاجي المتواضع، فكتابي الأول هو مشروع قصصي بعنوان “مرايا قصصية” لكاتبات من جميع انحاء الوطن العربي بالضافة الى 27 فنانة تشكيلية ايضاً.
اما كتابي الثاني فهو مجموعة قصصية بعنوان “ثرثرة أمام جبل قاسيون” صدرت عام 2021 وقد كتب بعض النقاد عنها كلاماً جيداً واتمنى أن تشارك مجموعتي هذه في معرض الرباط القادم.
اما اعمالي المقبلة فقد انتهيت مؤخراً من كتابة روايتي الأولى وسوف تنشر خلال هذا العام إن شاألله، واقوم بالتحضير ” لمعرض صور فوتوغرافي” وهو الأول منفردة خلال الخريف المقبل بإذن الله.
6. متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟
ولماذا أنا التي احرقها؟ وهل أنا “نيرون” لأستمتع بهذا الخراب؟ لا لن يحصل، كل من لا تعجبه كتاباتي ما عليه الا أن يلقي بها خلف ظهره ويتجنب الحرق محافظة على البيئة،
اما موضوع الاعتزال ..! فأنا لا اعتبر الكتابة وظيفة كي اتقاعد منها، ولا هي كعارضة ازياء عليها أن تتنحى في عمر معين، بالعكس تماما سأتمسك بالكتابة الى آخر لحظة طالما في جعبتي شيء ليكتب، فأنا احترم الكلمة في كل مكان والإنسان لا يستطيع الاستغناء عنها فهي ثورة داخلية تبقي الانسان على يقظة دائاً وقد تتفجر في اية لحظة لتجمل الحياة وتعطي للعالم طعماً مختلفاً، الكلمة كالعصفور دائمة السفر لا تستقر في اي مكان وقد تمتد لأجيال قادمة وستحبها كما احببنا من قبلها القامات الأدبية السابقة.
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
تمنيت لوانني كتبت رواية “الحب في زمن الكوليرا” للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز،
ليست لي طقوس كتابة معينة ولكنني افضل أن اكتب في ساعات المساء المتأخرة بعيداً عن الضجيج،
واكون عادة حافية القدمين لأشعر ببرودة الأرض من تحتي، وبغير هذا فانني لا استطيع التركيز واتحرك كثيراً وتطير الفكرة.
8.هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
لطالما كان المبدع والمثقف له دور كبير ومؤثر في مجتمعه، فالمجتمع هو اقوى اختراع في هذا العالم واهمها، وعادة يتحرك المثقف و يتنقل في عدة مجتمعات مهمة ابتداء من المدرسة وانتهاء بدور الثقافة مروراً بالصحف والمجلات،
وبمقارنة خفيفة ما بين المثقف والمبدع في هذه الأيام والأجيال القديمة نرى أن هنالك فرق قد يكون واسعاً، سواء بالقراءة اوالكتابة او طرح المواضيع، ففي هذه المرحلة تراجعت همة المثقف وانعزل بعد ظهور التكنولوجيا المتطورة والنت الذي شتت المجتمعات ومع تراجعه للخلف اعطى فرصة لمجموعات مقلدة ضعيفة تدّعي الثقافة بالظهور الى الواجهة مما اثر في المنظومة المجتمعية الثقافية. ومع كل هذا فإن القارىء والمتلقي هو الفاصل في تقييم أي عمل ادبي.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
سأعترف بأن العزلة في فترة الوباء افادتني كثيراً فقد قرأت الكثير من الكتب التي كنت قد ابتعتها من المعارض ولم يكن لدي وقت لانني كنت مشغولة بنشاطات كثيرة خارج المنزل خاصة التصوير،
انهيت اعمالي الكتابية التي كانت غير منتهية واتلفت كميات من الورق التي كانت بحوزتي بعد فرزها، كانت العزلة اجبارية لكنني لم اشعر انها قيدتني ابداً فالحرية بالعقل لا بالحركة بلا هدف، فقد كنت املك كل شيء في عزلتي تلك، الكتاب والقلم والورق، كانت هنالك اوقات للتأمل واعادة صياغة كثير من الأمور،. الا انني افتقدت رؤية بعض الأهل والأصدقاء،
10. شخصية في الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
كنت اتمنى أن التقي بالكاتب “محمد شكري” مؤلف “الخبز الحافي” واظنك توافقني الرأي ان حياته غريبة مختلفة وله فلسفة عميقة علّمتها له الحياة دون أي وسيط ، كان لدي الكثير من الأسئلة تحتاج الى اجابات منه لكن الموت اخذه قبل ان نراه ، رحمه الله، لطالما اعتبرته كأسطورة العنقاء التي خرجت من الرماد.
11. ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
لو اتيح لي ذلك وعدت للبدء لغيرت جميع معلماتي في مرحلة الطفولة وتمردت على سلوكي الخجول الذي سلبني الشجاعة في تلك المرحلة نتيجة الخوف منهن وعدم القدرة على طرح الأسئلة التي كانت تدور برأسي او مناقشة المعلمات في اي موضوع مما افقدني القدرة على مواجهة الغير في تلك الفترة واخذ حقي وأن لا اتنازل عنه مطلقاً، ولكنت عشت بشكل افضل وقتها بعيداً عن الخوف واستمتعت بطفولتي بطريقة اخرى و بذكريات اجمل.
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
الطبيعة نفسها لا تقبل الفراغ هكذا يقول العلم، وقد يكون من السهل ان نملا هذا الفراغ اذا ما رغبنا بأشياء كثيرة من حولنا، اما الفقد فهو موجع بلا شك ولكن نعمة النسيان التي انعم الله بها علينا تساعدنا على أن نحول الم الفقد الى ذكريات جميلة دائمة، بأن نكتب عنهم ويصبحوا اهم شخوص قصصنا، ندعوهم للحوار معنا ونطلب منهم الجلوس في اي مكان يريدون بين اسطرنا ليرشقوا النقاط فوق كلماتنا، ففي مثل هذه الحالة يتجول الألم بعيداً وتصبح قلوبنا اكثر خفة لنستطيع ان نكمل هذه الحياة .
13. صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن مجموعتك القصصية “مرايا قصصية” . كيف كتبت وفي أي ظرف؟
صحيح ما قلت، طرأت فكرة هذا الكتاب عندما كنا مجموعة من كاتبات القصة على الفيس بوك نكتب القصة القصيرة جداً من خلال فريق ثقافي حيث طرحت احدى الكاتبات ان نقوم بعمل كتاب يجمع هذه القصص وينشرها، راقت لي الفكرة لكن عند التنفيذ لم يكن هنالك همة عالية للبدء في هذا المشروع الا الصديقة التي اقترحت ثم غابت هي ايضاً دون أن نعمل اي شيء،
بعد فترة من الزمن فكرت بعمل مشروع كتاب يكون شاملاً لكاتبات من جميع انحاء الوطن العربي للقصة القصيرة، ورغم انني اعلنت عن فتح المساهمة للجميع سواء بالمشاركة او العمل الا انه لم يشاركني في هذا المشروع احد، ولكنني لم اتقاعس، ولا اخفيك انني كنت اشعر بالتعب الشديد في التعامل مع امزجة الكاتبات كونهن من ثقافات وبيئة مختلفة، ولكنني كنت اعود واصمم على انهاء هذا المشروع ، واخترت لجنة نقاد وكتاب من خارج الأردن لاختيار القصص المناسبة لوضعها في الكتاب، شارك بالمجموعة 77 كاتبة واضفت اليها 27 لوحة لفنانات وكاتبات من جميع انحاء الوطن العربي ، وعملت في هذا المشروع لمدة ثلاث سنوات متواصلة من الجهد والتنقيح والانتظار والبحث والتدقيق،
في الحقيقة انا اعتز بهذا الكتاب واعتبره خطوة سليمة لقيمته الأدبية ولفتح المجال لكاتبات جديدات وقامات ادبية وللتعرف على كاتبات من مختلف المناطق. وقد تم اصداره عام 2019 واقيمت له حفل توقيع في المكتبة الوطنية وشاركت في هذا الحفل بعض الكاتبات المشاركات في المجموعة.
14. الى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز.الى دهاء وحكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
ما زالت هذه المشكلة قائمة منذ الأزل، وبكل صراحة وقد يغضب مني البعض ارى أن سبب المشكلة الرئيسية تكمن في التربية من داخل البيت، هنالك القمع والضرب والصراخ، لا حوار او تفهّم للطرف الآخر والا لماذا تختلف عنا المجتمعات الآخرى؟ أنا لا اعرف لماذا تصر المرأة العربية أن تتساوى مع الرجل؟ ومن اجل ماذا طالما انها تخضع للشريعة الاسلامية في بلادها والتي فنّدت اصغر الأمور لكلا الجنسين حتى لا يكون هنالك اية ملابسات، وكل من يطالب بالمساواة ما هو الاشخص يحمل شخصية اخرى داخل شخصيته وثقافتة خاصة اذا ما كانت المطالبة غير مادية، وبرأيي أن العنف الذي يمارس ضد المرأة هو مشكلتها الأساسية وهو الأولى وما يجب ان يحارب وأن يقف الجميع ضده في اي مكان وأن تكون هنالك قوانين صارمة بحق هذا الفعل.
اما طرحك للحكمة في بلقيس والجرأة في الدكتورة نوال فهي معادلة رابحة اذا ما اجتمعت الاثنتان معاً، اعتقد أن من يطالب بالمساواة يجب ان تتوافق ثقافته الداخلية مع ثقافته الخارجية حتى يستطيع ان يتعامل مع الجميع بنفس الطريقة، ان يلجأ الى الحوار، ان يحلل الامور يسمع ويتفهم قبل ان يصرخ ويطلب المساواة وان يسأل نفسه السؤال الكبير؟ هل أنا اعدل بين افراد اسرتي واتفهم طلباتهم ومشاكلهم لكي اطالب بالمساواة من الخارج؟ إن لم تكن تلك الثقافة موجودة فلن يتفضل بها عليه احد .
15. ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
طبعاً مهمة ، ثقافة معرفة اطلاع تجديد، ها نحن في القرن ال 21 وما زلنا نقرأ كتب و تجارب الكتاب في القرون الوسطى وما بعدها وقبلها وما زلنا نستفيد ونطلع على تاريخ العالم والأرض وكل شيء عليها من دون ان نسافر لها وانما تأخذنا الكتب الابداعية الى اقصى الأماكن،، ثم ان الكاتب يطرح العديد من المواضيع والقصص لها علاقة بالمجتمع الذي يعيش فيه حتى وان لم يضع الحلول لها ولكنها تدخل الى عقل وضمير القارىء ويتصرف من خلال فهمه لها.
اعتقد أن الثمن الذي تطلبه الأرض لنسكن فيها هو المحافظة عليها، وحمايتها من التلوث لأن الله سبحانه وتعالى سخر الكون كله لنا وهذا شرف وتكريم عظيم يجب أن نقدره حق قدره.
16. كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
في البداية كانت افضل بكثير وكان هنالك من يهتم بالمواضيع الجادة والأدبية من قراءة ونقاش لها علاقة بالنصوص ولكن بعد كثرة الخيارات والمواقع لم يعد هنالك من يقرأ او يهتم واصبحت المواضيع التي يتوجهون اليها هي المواقع المسلية وخلافه.
17. هل تعتقدي أن قصصك القصيرة تصلح لتحويلها الى أفلام؟
نعم، وهذا ما حصل فعلاً، حيث قام المخرج محمد عبدالرحيم بتحويل قصة لي بعنوان “كابتشينو” الى فلم قصير تم تصويره في احدى مناطق عمان.
18. كلمة أخيرة او شيء ترغبين الحديث عنه ؟
بداية اشكر الشاعر والكاتب الصحفي رضوان بن شيكار شكراً جزيلاً على هذا اللقاء وهذه الأسئلة القيمة التي تعطي فرصة لنتعرف على كاتبات جدد من الوطن العربي،
في النهاية احب أن اقتبس من كتابات الكاتب الياباني هاروكي موراكامي هذه الجملة:
” ما اريده هو القوة على تحمل الأشياء بهدوء، أشياء مثل الظلم، سوء الحظ، الحزن، الأخطاء، سوء الفهم.”

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!