حوارية الإعلامي (صابر حجازي) مع الروائي (محمد فتحي المقداد)

لصحيفة آفاق حرة
______________

صابر حجازي
يحاور الروائي والقاص السوري محمد فتحي المقداد

في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا ويأتي هذا اللقاء رقم ( 118 ) ضمن نفس المساروفي ما يلي نص الحوار:

س 1:- ماذا تقول للقارئ عن تجربتك الشعرية والإنسانية الحافلة بكل هذا الزخم الابداعي؟.
ج1- لا توجد هناك شخصية متكاملة تستطيع فعل كل شيء، ولكل منا توهجه بألق في فترات، وفي أخرى ذبول وانكسار. وأنا ككاتب ابن مجتمعي، ولا شك أن التأثير والتأثر المتبادل سائر على كل المستويات الاجتماعية، فالحروب والموت والدمار والفقر والتهجير، عوامل عاكسة لسلبياتها على الجميع، والكانب أو الشاعر جزء من هذه المنظومة.. فتدمر رغبته الإبداعية، التي من الممكن توالدها في ظروف الاسترخاء ورغد العيش وقليل من يستطيع تجاوز هذه العقبات بنجاح، وبأقل الخسائر.

س2:- حدثنا عن نشأتك وطفولتك الباكرة ؟
ج2- في الأرياف نشأة أبناء الفلاحين متواضعة بكلّ المقاييس، الهمّ الأوّل السعي لتأمين لقمة العيش، ولدتُ نهاية سنوات العطش 1964في مدينة بصرى الشّام أقصى جنوب سوريّة من محافظة درعا، وكانت الماء تأتينا في صهاريج بواسطة عربات القطار. ودرست في مدارسها إلى نهاية المرحلة الثانويّة. وانطلقت بعدها إلى ميدان الحياة والعمل والخدمة الإلزامية في الجيش، ولم أكمل تعليمي الجامعيّ، للأسباب التي ذكرت.

س3 :- إرهاصات الكتابة الأولية – هل تذكر منها شيئًا، وكيف كانت رحلة إصداركم؟.
ج3- منذ أيام الدراسة كانت محاولاتي الأولى، وهي أعز ما كتبت في حياتي؛ يبدو لأنها البداية. والأمر الأهم هو القراءة المستمرة تقريبًا بشكل يوميّ، كالطعام والشراب والحاجات الأساسيّة من أجل بقائي على قيد الحياة.بعد الألفية بسنوات قليلة وانتشار الأنترنت، كان اللقاء الأهم في حياتي بشرائي جاهز حاسوب مستعمل، ومنه الانطلاقة الحقيقية في العام 2008. وكتبت ثاني أعمال رواية (بين بوابتين) وهي ما تزال مخطوطًا، وقبلها كتبتُ خواطري (أقوال غير مأثورة) العام 2001.

س 4:- يلمس القارئ أنّ لأعمالك جزالة وفصاحة، وتمكن من اللغة العربية – فما الخلفية الثقافية التي منحتك هذا التميز؟.
ج4- أوّلًا وأخيرًا هي القراءة المستمرّة والتعليم الذّاتي، بالنسبة لي كانت بشكل منفتح، قرأت في جميع الاتّجاهات الفكرية وتيّاراتها. والتمكّن في اللّغة العربيّة عودتي لتعلّم مبادئها النحويّة، وعلامات التّرقيم، والأشياء البسيطة التي نسيتها من تباعدي عن أيام الدراسة بفترة زمنية طويلة، استغرقتني فيها متاعب العيش.
‏س5 :- ‏ كيف تحدث من واقع تجربتكم حالة المخاض الأدبي- وكيفية ميلادها علي الورق ؟.
ج5- الكتابة مخاض عسير.. أتمنّى لو أنّني لم أتورّط فيها، فكم حرمتني النّوم فكرة راودتني أقضّت فترة راحتي. وإدمان الكتابة جعلني أخر كثيرًا من الحياة الاجتماعية التي ينعم بها أصدقائي، الميل إلى الوحدة وتقليل الاختلاط بالآخرين إلى الحدّ الأدنى، حتى لا أفقد علاقاتي جميعها مع أصدقائي وأقاربي ومحيطي الحاضن لأفكاري.

س 6 :- يظل الوطن هو الشق الأهم والأكبر- فما الذي يمثله الوطن بالنسبة لك؟ وما هو موقع الهم العربي بشكل عام في فكرك وإبداعك؟.
ج6-الوطن هو الحلم الأعظم، وهو حامل ذواتنا مرتحل فيها معنا أينما حللنا، بما تركنا فيه من ذكريات وأحلام وآمال وطموحات. فالوطن إذا كان يعني ذرات التراب مؤكّد أنّ هذا موجود في مكان آخر تقيم أنت فيه. بل الوطن المعنى هوما استدعى التضحية من أجله، لكن في مشرقنا العربيّ، أهمّ قضيتين: (مصلحة الوطن.. ومصلحة المواطن). كل ما حصل ويحصل مبرّره هذا، وتحتهما أدرج أعداء الوطن والمتآمرين حسب الإعلام الحكومي الموجّه، في أحاديّة تتجاذب وعي الجماهير لتضليله وتشتيته.وفيض كتاباتي تتمحور حول الإنسان المُنتهك الذي جُرّد من ذاته، وهو يعيش تحت خيمة الفقر والبؤس، مُكمّلًا للتعداد كرقم، مطلوب منه السّمع والطّاعة، مطلوب منه التأييد لحاكمه والتصفيق له على جميع الأحوال، وفي جميع الأوقات.

س 7 :- هل تجد أن الادب- بوصفه حافزا – يمتلك القدرة علي الحض والتحريك؟
ج7- لا يزال للكلمة سحرها الخاصّ والمؤثّر في النّفوس، ولولا الكلمة لما كانت التحرّكات الجماهيرية الواسعة باتجاه الميادين للاعتصامات فيها، وإسقاط نهجًا دكتاتوريّا، حالمين بمستقبل مُشرق ينعمون فيه بالحريّة والحياة الكريمة، كمواطن له كامل الحقوق التي تكفلها الدساتير التي علاها الغبار على الأرفف في المتاحف.

س8 :- انتاجك الأدبي: نبذة عنه؟.
ج8- الأعمال المطبوعة:
– كتاب ( شاهد على العتمة) طبع في بغداد 2014.- رواية ( دوامة الأوغاد) طبعت في عمّان 2016.- كتاب (مقالات ملفقةج1) طبع في عمّان 2017.- رواية (الطريق إلى الزعتري) طبعت في عمّان 2018.- رواية (فوق الأرض) طبع في عمان 2019- مجموعة أقاصيص (بتوقيت بُصرى) 2020
ملاحظة:
هناك قسم من الأعمال الروائي (محمد فتحي المقداد) متاحة على مواقع تحميل الكتب المجانية من خلال بحث محرك البحث “جوجل”.
الأعمال المخطوطة:
– رواية ( بين بوابتين). – رواية ( تراجانا ). – رواية (دع الأزهار تتفتح).- رواية (خيمة في قصر بعبدا) – قيد الإنجاز في مرحلتها النهائية.
– مجموعة قصص قصيرة – بعنوان ( زوايا دائرية).- مجموعة قصص قصيرة – بعنوان (رؤوس مدبّبة).- مجموعة قصة قصيرة – بعنوان (قربان الكورونا).
– مجموعة ق ق ج – بعنوان – ( سراب الشاخصات).- مجموعة ق.ق.ج – بعنوان – (قيل وقال). – كتاب مقالات ملفقة ج2 – مقالات أدبية.
– كتاب إضاءات على إبداعات قراءات أدبية.
– كتاب أقوال غير مأثورة خواطر و تأملات. – كتاب بلا مقدّمات خواطر وتأملات. – كتاب مياسم خواطر شعرية.
– كتاب رقص السنابل أبحاث في التراث الحوراني.- كتاب الكلمات المنقرضة من التداول تراث.
– كتاب جدّي المقداد سيرة الصحابي المقداد بن عمرو0

س 9: ما هي مشاكل الكاتب العربي؟ وما هي العراقيل التي تواجهه في نشر كتاباته والتواصل مع القارئ؟.
ج9- أهمّ مشكلة في وضعنا العربيّ عمومًا “الحريّة” على الصّعيد العام، وقوانين الطّوارئ، والأحكام العرفيّة، والآن استحداث قوانين المراقبة الإلكترونية. والرّقابة على المُصنّفات الفكرية والأدب، عقبات كثيرة في طريق الإبداع المسهم في مسيرة الارتقاء للمستقبل المنشود. أمّا على صعدي الشّخصيّ فمثلي مثل عشرات الآلاف مثلي، لا أعرف أيّ من التحدّيات التي أستطيع تجاوزها بسلام.

س 10:- ماذا كتبت أخيرا والوطن يمر بتلك الاحداث الحالية؟.
ج10- وثّقت الكثير والكثير مما تيّقنت من صوابه المنحاز لحقوق الإنسان عمومًا، وتعرية الممارسات الشّنيعة من الأنظمة والمعارضات التي جاءت فاسدة على شكل الأنظمة التي تُعارضها. حتى في طريقة التفكير في نهجها الفكريّ الرّافض للآخر. من المهمّ جدًّا لنا التّركيز أيضّا على السّلم الأهلي والمجتمعي، لننعم بالهدوء، ولتستبين الطريق واضحة بمعالمها من أجل أبنائنا. وارثو الوطن وحيثيّاته من بعدنا.

س 11:- ما الذي تمثله حالة الكتابة ؟ هل هي لحظة اشتعال أم انكسار؟.
ج11- في الحقيقة إنّ تحريق الفكرة في داخلي يتعبني، وتشتعل اللّحظة بحطيم انكسار الماضي. فلا تهدأ دواخل وتستريح إلّا ببشائر ميلاد الفكرة حيّة مقروءة على الورق أو وسائل التواصل.

س 12:- هل غياب فن الدراسات النقدية ، والناقد الادبي ذو الرؤية، في تناول الابداع الادبي بشتي مجالاته، عامل بالسلب علي الحركة الأدبية بالوطن العربي؟.
ج12- يا سيّدي حركة المجتمعات الإنسانيّة متشابهة بتحرّكاتها في جميع الاتّجاهات، وإفرازاتها تكاد تون متطابقة بين الشّرق والغرب إلى حدّ ما، فالنّاقد مثل الأديب والشّاعر ابن لمجتمعه، إذا ارتقى مجتمعه فقد ارتقى هو، وإذا كانت مناخات الحرّة سائدة فهذا يفتح آفاق التفكير بلا حدود، وتأتي الإبداعات، وتقدّم النّقد وطرائقه، رهن تقدّم كافة العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية.

س 13:- يختبئ داخل كل مبدع طفلا ، يمثل له مصدر الدهشة التي لا تنتهي‏,‏ ما الذي تبقي من ذلك الطفل في نفسك ؟
ج13- الطفل نائم في داخلي يستيقظ حنينًا للعب وشقاوة الطفل، وما زلتُ طفلًا مٌشاغبًا، لكنّي لا احطّم ألعاب أولادي، التي من الممكن أن ألعب بها إذا أتيحت لي الفرصة، بعيدًا عن أعينهم. لكي لا أقابل بسخريتهم.تؤلمني دمعة طفل، ويحرقني موتًا من ماتوا تحت القصف ووجوههم ممرغة بالتراب، والبراءة تفرّ من وجوههم توهّجًا، وابتسامة بعد مفارقتهم الحياة.

س 14: كتبتَ الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جدًا، والبحث والنقد الأدبي، أيا من هذه الفنون أكثر قربا منك؟ وأقرب إلى تمثيلك؟ ولماذا؟
ج14- الأقرب هو الأعمال الروائية رغم أنّها متعبة ومرهقة، وتستزف وقتي الطويل، لكنّها قادرة على استيعاب كلّ ما أفكّر به، ولو أنّني أستطيع لما بارحتها إلى ساحات القصة القصيرة، والقصيرة جدًا والتي كانت نقطة انطلاقي بداية قبل سنوات، وجاءت الرّواية تكليلًا لفن السّرد والقصّ الأدبيّ. رغم أنّي كتبت النّقد رغمًا عنّي، لسبب بسيط أنّني لابدّ من كتابة شيء ما عمّا قرأتُ وفهمتُ، وتسجيل ملاحظاتي عليه على الورق في دفاتري للتوثيق.

س 15 أنت عضو في عدد من الجمعيات الثقافية والأدبية؟ هل استطاعت تلك الجمعيات ان تقوم بما تأسست من أجله أولا، وفي الدفاع عن حقوق أعضائها ثانيا؟
ج15- لا شكّ بالدّور الإيجابي لهذه التجمّعات الثقافيّة والأدبية، عندما فتحت منصّاتها لي للقاء الجماهير، وكانت نافذة انتشار على نطاق واسع، من خلال بناء علاقات قائمة على الفعل الأدبي والإبداعي. والحقوق في شرقنا سوق ضياع.

س 16 : – لقد حصلت على عدد من الجوائز؟ حدثنا عنها – وما مدى تأثير ذلك في الكاتب ؟
ج16- الجوائز لم تقترب منّي إلى الآن، مازال الوقت مُبكّرًا للفوز بإحداها؛ لكنّني حصلت على الكثير من التكريمات والشهادات التقديرية، نظرًا لمشاركاتي الكثيرة مع التجمعات والملتقيات والمنتديات الأدبية والفكرية.

س 17:- مشروعك المستقبلي – كيف تحلم به – وما هو الحلم الأدبي الذى تصبو إلى تحقيقه؟.
ج17- أعتقد جازمًا أن الأحلام لم تُخلق حتّى تتحقّق، واللّهاث خلفها كأنّي أرض خلف السّراب ولن أبلغه، لكنّي سأشتغل على كتاباتي الروائيّة، التي تخدم مجتمعي وأراه يرفل بالأمان والحريّة، وأنا أواصل فرحتي بذلك.

س 18:- هل تستقي مواضيع كتاباتك من رصد الآخرين – أم أنك لجأت بالأحرى إلى تجاربك الخاصة كي تنسجي عالم قصصك؟.
ج18- ما زالت جعبتي نابضة بمخزوناتها التي لم تُكتب إلى الآن، بانتظار دورها إذا كتب الله لي العمر لإنجازها، ضمن مشروع فكري وأدبي متكامل. بالطبع أيضًا لا أستطيع إنكار دور القراءات المختلفة في توليد بعض الأفكار، ومن ثمّ إعادة تدويرها لصنع منتج فكريّ جديد في ذاته.

س 19:- المشهد الثقافي الادبي الحالي في سوريا – كيف هو ؟
ج19- حاليّا المشهد غائم تظلله مشهدية الحرب والتهجير وقساوة العيش، التي خلقت إبداعات أدبية جديدة خاًصّة على الصّعيد الروائي، وهذا بحاجة لفترة هدوء ما بعد الحرب حتى ينتبه لهذه الأعمال، فأدب الأزمة والحرب واللجوء صار ظاهرة سريّة بامتياز.

س20:- أنت عضو في العديد من المنتديات الثقافية والادبية ولك موقع خاص باسمك-فهل اسنطاعت الشبكة العنكبوتية تقديم الانتشار والتواصل المستهذف بما تاسست من اجلة وصنع علاقة بين الاديب والمتلقي ؟
چ20- أن ثورة الاتصال والتواصل ساهمت إلى حد كبير بالانتشار السريع للكتاب والأدباء.. وخرجت بهم من قوقعة المحلية إلى رحاب العالمية. وهذا دافع قوي لتكون كنابتنا بلغة مفهومة لكل قارئ عربي أينما كان، والفصحى هي الحل. والابتعاد عن اللهجات المحليّة لأنها غير مفهومة إلا في مكانها.

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!