رضوان بن شيكار يستضيف الشاعر بوجمعة لكريك في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء وأسئلة :إعداد وتقديم: رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الشاعر بوجمعة الكريك
1.كيف تعرف نفسك في سطرين؟
بوجمعة الكريك، 54 سنة من مواليد الجوهرة السوداء، جرادة. ابن منجمي و أفتخر.
2.ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
في بداية هذا الشهر الفضيل بدأت قراءة المجموعة القصصية للروائي الياباني هاروكي موراكامي « Après le tremblement de terre » الذي يحكي عن حياة اليابانيين ما بعد زلزال كوبي سنة 1995. أما أجمل كتاب طالعته هو “هذا الرطيب” من ثلاثية الروائي المغربي محمد مباركي.
3.متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
البداية كانت مبكرة شيئا ما بحيث نظمت أولى قصائدي باللغة العربية و أنا تلميذ بثانوية الزرقطوني بمدينة جرادة ثم بعد ذلك توجهت إلى النظم بلغة موليير التي كنت و لا زلت أعشقها و كنت أطلب أنداك نشرها في المحلق الخاص يالشباب بجريدة “الرأي” l’opinion des jeunes في تلك المرحلة كانت كتابة ميزاجية تتأرجح ما بين نزوات و طيش المراهقين. حاليا أصبحت الكتابة ذلك الجزء الذي لا يتجزأ مني الذي يتجاوز “أناي” إلى غيري في محاولة لرصد بعض المظاهر الإنسانية المؤثرة.
4.ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
إذا ذكرت مدينة غير مدينتي التي رددت دروبها أولى صيحاتي فحتما سأكون كاذبا، أنا أعشق مدينتي جرادة حتى النخاع و غبارها الممزوج برائحة الفحم لا يزال يملأ أدق شعيرات رئتي. الحنين يشدني إليها بقوة رغم تحولها و رغم دفن جل التفاصيل التي لا تزال عالقة بالذاكرة.
5.هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
بكل تأكيد أنا راض على ما انتجت سواء باللغة العربية أو الفرنسية لأنني عبرت عن قناعاتي، مخاوفي وأمالي و بالتالي أكون جد مقتنع بكل حرف و بكل قصيدة و كل ما كان نتيجة مخاض عسير.
6.متى ستحرق أوراقك الإبداعية بشكل نهائي وتعتزل الكتابة؟
هذا الأمر غير وارد البتة، أن أحرق أوراقي هي بمثابة اغتيال فلذات أكبادي و اعتزال الكتابة موت.
7.ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
إن كان لي الحق في مثل هاته الأمنية سأقول تمنيت لو أني كاتب “تزممارت الزنزانة رقم 10” لأنني من المولعين بأدب السجون إلى جانب أدب المناجم.
طبعا لكل مبدع طقوسه الخاصة للكتابة أما طقوسي فهي بسيطة جدا، تلزمني فقط خلوة غير طويلة لأطرز الورقة بالفكرة التي ستنبت القصيدة. أنا لا أومن بالفراغ كما لا أومن بتقوقع الكاتب أو المبدع على نفسه و إحاطته بطقوس خاصة و كأن الإبداع سحر ساحر.
8.هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
لا، لا أعتقد بأن المثقف و المبدع مجرد مبدع خارج السرب و السبب هو أن المبدع، مهما كان مجال الإبداع الذي يشتغل فيه،
ينهل تفاصيل مشاريعه الإبداعية من المحيط الذي يعيش فيه و بالتالي، و هذا حال المبدع، هو من يترجم المظاهر و المتغيرات المجتمعية في شكل من أشكال الكتابة أو صنف آخر من أصناف الإبداع. الكاتب لسان المجتمع يعبر عن مشاكله، مخاوفة و تطلعاته. إذن انطلاقا من هذا نصل إلى حتمية تأثير المثقف و المبدع ليس فقط في المنظومة الاجتماعية بل في جل المجالات الحياتية للإنسان.
9ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
العيش في عزلة إجبارية يعني القطيعة مع كل مظاهر الحياة التي منها أستمد فلسفتي في الكتابة. بالنسبة لي الإبداع لا يحتمل الفراغ و العزلة فراغ لأنك تفرغ الآخر من مجال بصرك و مجال تفاعلاتك النفسية و المجتمعية كما أن الإبداع لا يعتمد فقط على المخيال أم المتخيل، على المبدع أن ينصت إلى نبض المجتمع ليكون صادقا فيما سيبدع.
10. شخصية في الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
الشاعر عبد السلام بوحجر رحمه الله تعالى و أكرم مثواه، شاعر الجماليات العليا، كان أستاذي لمادة اللغة العربية و آدابها و تكريما لميولي لمطالعة الدواوين الشعرية و نظم قصائد بسيطة في بداية المشوار، أهداني نسخة من أول إصدار شعري له الموسوم ب “أجراس الأمل” (1985)
11. ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
حقيقة لا أود تغير أي شيء في حياتي لأني جد راض عما عشته و ما أعيشه و الحمد لله، أشتغل بمهنة شريفة و مشرفة، صنعت باستحقاق إسمي في ساحة الأدب، أمارس بحرية و عشق شغفي الثاني و هو تصوير الحياة البرية، سعيد بزوجتي و أولادي إذن لا مجال للتفكير في هكذا طرح نهائيا.
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
تأفل الأشياء و تشرق الذكريات. إيماني بالفراغ ضعيف جدا !!
13.صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن ديوانك الاخير : ” ما بعد الخريف” كيف كتب وفي أي ظرف؟
“ما بعد الخريف” ديواني الأخير الدي صدر عن مطبعة بلال / فاس 2021 جمعته، وضبت قصائده و أنجزت غلافه مند ما يزيد عن سنة مضت و بقي محفوظا في ذاكرة الحاسوب إلى حين .. لكن الظرفية العالمية العصيبة التي عشناها السنة الماضية بسبب فيروس كورونا المستجد، أربكت كل حساباتي فتوجست من الموت قبل إخراج هذا العمل إلى الوجود و لعل التقديم المقتضب جدا الذي أستهل به الديوان خير دليل على هذا الخوف مما سيأتي حيث كتبت :
” لن أغادر هاته الدار نكرة، حروفي على مقاس العمر نظمتها،
فاذكروني بقافية البسمة و مقام النقاء”
14. ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
الإنسان مبدع بالفطرة و هذه حقيقة علمية لا محيد عنها و لا ينكرها أحد. نقش على الحجر، رسم مخاوفه، اخترع الكتابة للتعبير عن ذاته فكانت العلاقة الوطيدة بين فعل الكتابة و الواقع المعاش. لقد أبدع المثقف في التعبير عن واقعه شعرا و نثرا و لعل جائحة كورونا دليل كاف ليبرز هاته العلاقة. نعم، الإنسان يحتاج فعلا إلى الكتابة الإبداعية ليسكن الأرض و على حد قول فولتير الذي ذكر في إحدى رواياته « l’homme est né ut operaturum » بمعنى الإنسان الفاعل / المتفاعل مع كل ما يدور في فلكه و يعبر عنه كل بطريقته و درجة نضج تفكيره.
15. كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
في خضم التحولات التي يعرفها العالم و التي يطغى عليها البعد التقني كان و لا بد من مسايرة الواقع الجديد، أكيد أن تجربة النشر في المواقع الاجتماعية كان لها صدى طيب و أتاح الفرصة للعديد من الطاقات لتبرز مواهبها و قدراتها و لكن بقدر ما كان لهذه التجربة من إيجابيات فقد كرست أيضا الكثير من الرداءة و الكثير من السرقات الأدبية كذلك فبمجرد نشر نص ما على المواقع الاجتماعية تفقد ملكيتك له.
16. أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى : نجاح المقهى الأدبي الذي أنشأته في مدينة ترجيست، المدينة الصغير الهادئة القابعة بين جبال الريف.
أسوأ ذكرى : أن تخرج من حياة أناس كنت إليهم أقرب إليهم من حبل الوريد لمجرد سوء تقدير.
17. كلمة أخيرة او شيء ترغب الحديث عنه؟
كلمتي الأخيرة عبارة عن تكريم للمرحوم والدي و كل عمال مناجم الفحم الحجري بجرادة في شكل قصيدة :
من شرفة بقلبي
من شرفة بقلبي
هب نسيم الهوى
سافر بي عبر زقاق
المدينة النائمة قهرا
بحي مغربي
انتشلت طفولتي
تذكارا بعطر برد الشتاء
وأنا أعد الخطوات
وبين الخطوات
الكثير من المحطات
زهد في الحلم
وإفراط في الحرمان
كنت سيد ليلي
أمحو من شوائب النهار

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!