3 مليون جنية «أتلفها الهوى» في قرية 6 أكتوبر ببئر العبد

ناصر ميسر \خاص \آفاق حرة للثقافة

قبل عامين تقريبا غرقت مساحة كبيرة جدا من قرية 6 أكتوبر إحدى قرى مركز بئر العبد بشمال سيناء، في مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية التي تسببت في انتشار الأمراض وانتشار الحشرات من الناموس والذباب، لجانب دخول المياه الجوفية لمنازل أهل القرية الأمر الذي استدعى إيجاد حل جذري للمشكلة التي باتت تشكل خطرا داهما على منازل المواطنين وحياتهم، ما استدعى حضور اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء إلى القرية على رأس وفد من القيادات التنفيذية بالمحافظة وتم معاينة المنطقة الغارقة بالمياه وعلى الفور أمر المحافظ الجهات المعنية ببحث الحلول المناسبة للقضاء على المشكلة التي تؤرق مضاجع المواطنين.
وتم عمل دراسة علمية بمعرفة معهد الموارد المائية بشمال سيناء،التابع للمركز القومي لبحوث المياه قام بها فريق بحثي من المعهد تقول الدراسة التي ممكن إيجازها في عمل قناتين كشبكة صرف سريعة تتجه نحو نقطة صفر في اتجاه منطقة إقطية، ومجموعة اقتراحات بمعالجة التسرب الناتج من خط المياه الحلوة،ولكن لم يتم تنفيذ هذه الحلول التي تعد الأقرب إلى إنهاء المشكلة لنقل المياه خارج القرية بطريقة متواصلة نظرا لوجود منازل المواطنين بمنطقة منخفضة عن سطح البحر ورشح المياه وارتفاع منسوبها لا يتوقف.
إلا انه وحسب شحته حسين، رئيس قرية 6 أكتوبر، فإنه تم الاستغناء عن خطة سحب المياه واستبدالها بردم مسطحات المياه، باقتطاع جزء من منحة قدمتها وزارة التعاون الدولي بمبلغ 5 جنيه مليون لقرية 6 أكتوبر بصفتها صنفت من القرى الأكثر احتياجا وبتكلفة 2 مليون و800 ألف جنيه، وتم إجراء مناقصة من مجلس مدينة بئر العبد إدارة العقود بموجب القانون 89 لسنة 1998 بشأن المزايدات، وفي إطار هذا القانون وتقدمت 11 شركة لردم البرك ورست المناقصة على شركة الحامد للمقاولات بالإسماعيلية كمناقصة عامة وبدأت في ردم البرك وخلال عملية الردم تضررت عدة منازل بسبب تقدم المياه أمام أكوام الرمال ودخولها إلى المنازل.
وأضاف رئيس القرية، أنه بعد مرور أسبوعا واحدا من بدء العمل تم صرف مستخلص مالي للمقاول بقيمة مليون و250 ألف جنيه، رغم أن قيمة العمل الذي تم أقل بكثير من هذا المبلغ وتم تشكيل لجنة بقرار رقم 139 لسنة 2016 من الإدارة الهندسية ببئر العبد لمراجعة الأعمال وحصر كمية الرمال والردم واكتشف عدم إجراء الميزانية الشبكية لرفع المناسيب ومعرفة كميات الردم، ولكن لم يحدث هذا وتم تسريع وتيرة العمل ليلا ونهارا بصورة عشوائية خلال الأسبوع الأول من العملية للحصول على مبلغ مليون و250ألف جنية بالمخالفة لبنود المناقصة.
وأكد رئيس القرية، أنه كان يشرف على العمل بصورة غير قانونية كل من المهندس فرج نصار وسليمان عدلي فيما لم تصل كل من المهندسة سارة منصور حسين والمهندسة إيمان سالمان سليمان المشرفتين على الموقع ولم تتم متابعة العمل طوال فترة العملية، رغم أنني طالب بحضورهما ولكنهما لم تصلان أبدا إلى الموقع، وكان يتم الاكتفاء بمرور ومتابعة كل من المهندس فرج نصار والمهندس سليمان عدلي وذلك أيضا بالمخالفة لبنود المناقصة.
وأشار إلى انه تم تجاهل بند مهم من المناقصة وهو بند الدك والدمك الذي ينص على يقوم المقاول بدك المنطقة التي تم ردمها بواسطة المرور بالمعدات الثقيلة على سطح المنطقة، ولم يتم الالتزام بذلك بموجب خطاب من المهندس غنام بإدارة بئر العبد الهندسية رغم دفع قيمة تنفيذ هذا البند الوارد بالمناقصة وقد اعترضت على إعفاء المقاول من المسؤولية بواسطة المهندسين، ولم يتم تنفيذ بنود خاصة بإلزام المقاول بإعادة الشيء لا صله بعد انتهاء العملية من إصلاح للطرق الداخلية بالقرية ورفع كافة المخلفات، ولم يتم الالتزام بمتابعة العملية بواسطة مهندس نقابي من خارج الإدارة الهندسية لعمل الميزانية الشبكية وتم عملها بالمخالفة من قبل مهندسين بإدارة رمانة الهندسية بتكلفة وصلت لنحو 50 ألف جنيه ولذلك رفضت التوقيع على محضر استلام العملية بعد انتهاءها وقام برفع مذكرة بهذه المخالفات إلى رئيس مجلس مدينة بئر العبد.
وأشار رئيس القرية، انه تم استلام العملية والتوقيع على محضر الاستلام من قبل لجنة من الإدارة الهندسية برمانة وتضم كل من المهندستان سارة منصور حسين وإيمان سالم سليمان، المشرفتان على العملية رغم عدم حضورهما ومتابعتهما لأي مرحلة من مراحل عملية الردم المخالفة للمناقصة، ولكونه رفض التوقيع كرئيس لوحدة 6 أكتوبر المحلية، تم التوقيع بواسطة علي سالم أحد الموظفين بالوحدة المحلية رغم المخالفات المبينة بتقريري اللجنة المشكلة.
وحسب رئيس القرية، فأن عملية ردم البرك ليس حلا، لأن المياه في هذه المنطقة تتجمع من مصدرين دائمين احدهما مياه البحر لان 6 أكتوبر منطقة سبخات تحت سطح البحر، والمصدر الأخر هو كثرة استخدام واستنزاف المياه لري الأشجار في القرية، الردم قد يكون حلا وقتيا فقط،ثم تعاود المشكلة بالظهور مرة آخري،وقد تم إيداع الدراسة التي سبق إجراءها بمكتب المحافظ منذ الانتهاء منها ولكنها راحت إدراج الرياح وتم طمسها كما طمست دراسات سابقة قبل ذلك.

وحسبما ورد بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، فإنه تم صرف مبلغ 2 مليون و842 ألف جنيه، ورغم ذلك فإن عملية الردم التي تمت هي دون المستوى، وهناك مناطق داخل أسوار خاصة عبارة عن مزارع لمواطنين، وبعض المناطق مردومة بطبقة رمال رقيقة، وما زالت أشجار الغاب والبوص ظاهرة بها، ولم يتم تنفيذ بند الدك، مع ترك أكوام من الرمال أمام منازل مواطنين معينين، مع صعوبة حصر كميات الرمال لعدم وجود لجان متابعة واشرف لمتابعة عملية الردم، بالإضافة إلى أن كمية الردم المذكورة بمستخلص المقاول أكثر مما تم تنفيذه على أرض الواقع حسب تقرير وشهادة شحته حسين رئيس الوحدة المحلية لقرية 6 أكتوبر بشمال سيناء.

وأكد تقرير اللجنة المشكلة بالقرار رقم 139 لسنة 2016 من الإدارة الهندسية بمجلس مدينة بئر العبد، أن هناك صعوبة في حصر كميات الردم دون الاستعانة بالميزانية الشبكية الابتدائية المعتمدة من جهاز الإشراف والإدارة الهندسية برمانة حيث آن طبقات الردم تغطي المسطحات دون معرفة كمياتها ومنسوب الأرض الطبيعية

وأقرت اللجنة أنه لم يتم دمج أعمال الردم الظاهرية والمسطحات تحتاج زيادة معدل الردم بنسبة 35 سم، وأشار التقرير إلى أن المقاول ترك الطرق الداخلية المؤدية إلى البرك متهالكة نتيجة الأوزان الثقيلة دون إعادة الشيء إلى أصله، مع ترك الحشائش والبوص على أطراف أماكن الردم ولم يلتزم المقاول بإزالتها حسب شروط المناقصة.

وعاينت « صوت الأمة »، الموقع الذي تم ردمه، وتبين لم يلتزم المقاول المنفذ للمناقصة لأي بند منها فكانت العملية عبارة عن سلق بيض، ولم تزال غابات البوص نهائيا، لم تتم عملية الدمك نهائيا، تم ردم البرك بطبقة قليلة من الرمال بحيث لم تنتهي العملية إلا وظهرت المياه على سطح الرمال الموضوعة وتبللت ورشحت لتعاود من جديد لتبدأ الأزمة بعد أيام من إتمام المناقصة المشبوه تنفيذها وبعد استلام المواقع التي رفعت وتم عمل كروكيات لها.
والآن وقد انتهت العملية والتي كلفت الدولة مليونان وثمانمائة ألف جنيه، ومناقصة بتوريد مائتان وأربعون ألف متر مكعب من الرمال النظيفة التي لم تنفذ ولم يورد حقيقة ربع هذا الرقم من الأمتار، وحسب عدد من أهالي قرية أكتوبر أنه تم ردم بعض الأراضي التي لم تكن في خارطة الكروكيات لأقارب المقاول وتم حصر مناطق لم يتم عمل أي شيء فيها وتم ردمها بمعرفة أصحابها وإهمال بعض المناطق لأصحاب المصالح الخاصة.

علاوة على ذلك ومن شروط المناقصة أن يوفر المقاول طرق خاصة لإيصال الرمال إلى المواقع وعند استخدام شوارع القرية أن يعيدها إلى أصلها إذا حدث لها أي تلف وبالفعل تدمرت شوارع القرية بشكل كامل نتيجة مرور سيارات النقل الثقيل عليها وانتهت العملية ولم يتم إعادة الشوارع الى أصلها أو إصلاح ماتم إفساده منها مما تسبب في صعوبة حركة السير للسيارات والمارة في معظم شوارع وطرق القرية.

وتم استلام المواقع وتم صرف فلوس المقاول، إلا أنه أهالي القرية يطالبون الجهات المختصة في ديوان عام المحافظة ووزارة الحكم المحلي ورئاسة مجلس الوزراء لتشكيل لجنة محايدة على أرض الواقع، ومحاسبة كل من له يد في هذه العملية والموافقة على استلامها، رغم أنها غير مطابقة للمواصفات الواردة بالمناقصة المطروحة لعملية الردم.

 

عن ناصر ميسر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!