اضاءات في نص (كن فلسطيني) للشاعر مظهر عاصف./ بقلم الشاعر عدنان العمري

تشكل منظومة الشعر الثوري الحماسي ركيزة أساسية في بناء الأدب العربي . وربما تكون إلى جانب الشعر الغزلي أساس الثقافة العربية ولبنتها الأولى على مر الحضارات والحقب الزمنية ….
وفي العصر الآني الكثير من الشعراء حمل على عاتقة القصيدة الثورية إلى جانب القصائد الحياتية والشخصية .
لما فيها من ثقافة خاصة بنا وبمجتمعاتنا ..
ولأن هذا الطرح يحتاج لمئات الصفحات سنأخذ اليوم قصيدة
تلخص جانبًا من أدب المقاومة والخطاب الشعري الثوري ..
قصديتنا اليوم
لشاعر صلب يتنقل بين الشعر العروضي والتفعيلة وقصيدة النثر الحداثية . الشاعر مظهر عاصف
الشاعر اللغوي نعرفه برأيه الثابت 1+1=2 غالبا
وأحيانا يرى لا بأس لو صار =33بشرط أن يصب في مصلحة الأدب دون المساس بمفاهيمنا ومنهجنا ..
تشغل القضية الفلسطينية هماً واسعًا ملازمًا له تماما كما تشغل منه القضية العربية والوطنية حيزًا كبيرًا ظاهرًا من خلال كم القصائد التي تغنت وندبت و تطلعت بكافة البلاد العربية .
ويحسب له أنه لا يفاضل في شعره بين مدينة و أخرى أو بالأصح بين بلد عربي وبلد عربي أخر .
سمعناه وقرأناه في قصائد لبغداد و عمان ودمشق وبيروت وصنعاء والكثير من المدن العربية بما يعكس حسه الوطني وغيرته و حنقه على حالنا وحال هذه الوطن أجمع ..
لنأخذ الأن فسحة من الطيران في قصيدته الخطابية الثورية
#كن_فلسطيني
إستهلال موفق لأن القصائد التي تبدأ بفعل الأمر يأتي خطابها ذاتياً أولاً وجماهيراً ثانياً
(كن فلسطيني
لتشرب روح نخوتك الدماء
وأعصر من الزيتون زيتًا وأحتطب
جذع الغصون المائلات مع الهواء )*
هل أكثر من هذا خطاب يدعوك لأن تنظر بعيدًا في رؤية الشاعر
يخاطب ما تربينا علية وما هو يجري بالعربي مجرى الدماء تلك النخوة العربية التي يطرب لها القلب .
(لتشرب روح نخوتك الدماء كن فلسطيني )
أدب مقاومة وخطاب حماسي واضح الإتجاه يرى الشاعر بأن النخوة من شروطها أن تحمل في دمك العربي
فلسطين كـ هم أول وكـ بوصلة لتبرز سماتك العربية الأصيلة ….
يستمر الشاعر بمحاكاة النخوة والغيرة على فلسطين وبطرح احداث مرت عليها بطريقة مختزلة ذكية بقوله
( خذ من عظامك
ومن عظام الميتين الأبرياء
خذ ثوب جدك
حطة
خذ حجة تركية
قوشانه
قمبازة
خذ ما تشاء من الحجارة
وأرصف الدرب المؤدي للسماء)*
من هنا نشاهد بعض ملامح الرجل والحياة الفلسطينية في بعض سمات فترة زمنية مرت بها
خذ عظامك وعظام الأبرياء
يحاكيك كـ شهيد أو مقبل لتكون لتأخذ في طريق إنتصار ذاتك ونخوتك .
إشارة لطهر الشهداء ومن قضوا على تراب فلسطين
خذ ثوب جدك وحطة وقمباز
هي ما يخص رجال فلسطين باللباس التقليدي والتراثي وما يشكل تميزا في الهيئة العربية الفلسطينية عبر زمن ممتد لجذور أهلها.
خذ حجة تركية وقوشان ما يرمز للحال المعاش أبان الحكم العثماني .
خذ هذا كله أيها العربي الفلسطني
وعبد لك طريقا نحو الإرتقاء …
(أنت العدوُّ بكل ما أوتيتَ مِن أملٍ
وموتٍ
وابتداءٍ
وانتهاء
والصابرُ المقهور أنتَ
وما يكون من افتراسٍ
وانقضاضٍ
واندفاع
والناطق المكتومُ سيفاً ..لا أحابي
فالأرضُ فيها ما عرفتَ من الأفاعي
غيرَ أنك من بلادٍ
والداتٍ _ دون شكٍ _ للسباع)*
كانت هواجس الشاعر الإبداعية
تداعب رغبتة بالانعتاق ما هو قائم بذاكرتنا الثقافية وتدعونا للخروج
من مخاض الكلمة الممجوجة وطرحنا بمواجهة حقيقة موضوعية فنلاحظ التمايز بين المفردات والدعوة الواضحة -خلف ستار إيضاح وجهنا الذي كان- للعودة على نهج المقاومة وعلى خطى من ساروا قبلنا إليه …
(لا لستَ من يمضي ويتركنا
بدرب الشوكِ نمشي كالحفاة
لا لست من يلقى المنيةَ في الفراشِ
كما الطغاة
أنت المحاربُ
والمشاكسُ في زمان اللاحياة
فلمن تركت الشعر ..قل لي ؟
لا تكن متواضعاً
شعرؤانا من ربع قرن ينطقون بلا شفاه
شعراؤنا لم يرسموا حجرًا بريشتهم
تلطخ بالرثاء
شعراؤنا إذ يمدحون الكحلَ قد عقروا الظباء
إذ يُقحمون الحب في أشعارهم ذبحوا الحياء
إذ يأكلونَ الصرفَ والإعرابَ من لحمِ النحاة
شعراؤنا يتجولون بدور أزياء الربيع وهم عراة
شعراؤنا وصَفوا الخيامَ ولم تدس
أرضَ الخيامِ سطورُهم
وصفوا الصفيحَ ولم تكن
أقلامهم تحتَ الصفيحِ
ولم تسر
تحتَ الصفيح حروفُهم
شعراؤنا في كلِّ وادٍ يبحثون عن السلام
في كلِّ حربٍ يصنعونَ الخبز من أجل السلام
في كلِّ قصفٍ يطحنونَ البن من أجل السلام
في كلِّ قبحٍ يرتدون الطهرَ من أجل السلام
شعراؤنا لا يعجنونَ الفجرَ في أشعارهم
إلا بأفران الظلام)*
هنا نجد أساس الشاعر الفني
الذي سعى لإيجاد أدواتٍ جديدةٍ
لتكون شعراً متحرراً من قيود النمطي و ما جاء به الشعراء السابقين
يتنوع الشاعر هنا بين السرد الشعري والمحاكاة للوضع الراهن من ناحية شعراء قد أخذوا منهج التغني بالأرض ولها كـ (موضةٍ ) او مجاراة لهدف ما كأن يصعدون على حساب المتاجرة بالكلمة الرنانة والقضية الأصلية لمعرفتهم وقعها على المتلقي
او على الجمهور العربي .
وهذا ما أدى بالشاعر إلى الإشارة
لهذا الصنف من شعراء المتاجرة وأمثلتهم كثيرة و قد نجح بعضهم بما صبا إليه …
*(كن فلسطيني
فهذي الأرضُ تعلمُ من تكون
ومجنزراتُ القتلِ تعلمُ من تكون
والبندقيةُ في يدِّ السفاحِ تعلم من تكون
يا من أضفتَ لفلسفاتِ العصرِ فلسفةَ المَنون
وأضفتَ للتاريخِ تاريخَ المشانقِ
والحجارةِ
والسجون
وأزلتَ عن وجهِ الخرائطِ كلَّ أصباغِ المنابتِ والأصول
فالقدسُ ليست في المكانِ وإنما
والقدس ليست في الزمانِ وإنما
هي حيثُ ما انفتقَ الصهيلُ
وحيث ما انفجرَ الصليلُ
وحيثما كنَّا تكون

لا لست من يمضي وحيداً
دون سيفٍ جاء يشربُ من دماكَ
فكنت حوضاً للمياه
من دون وقعٍ
وانفجارٍ
واغتيالٍ
دون أن يلقاك (ناجي) في الشظايا باحتفاء
الحرٌّ والصلعوك لا يمضي وحيداً في أناة
فدعِ اللحودَ
فليسَ للأرض احتفالٌ أنت فيهِ لكي أراه
ما كنتَ تبحث ذاتَ يوم عن مسارحَ تصفيكَ
وعن منابرَ
عن قطارٍ يحملُ الركابَ من أرضِ الممات..الى الحياة
فلم اتخذت الأرض مسرحَك الأخيرَ بلا فناء؟
ماذا أغرّك في الترابِ
وفي الرمالِ لتبتدي؟
(بلقيس) ماتت يوم قام النايُّ يعزف للجناة
(بلقيس) ماتت يومَ صارَ الشعرُ يُقرى للجياع
(بلقيسُ) من نسلِ القصيدةِ
مِن نساء مدينةٍ
يلبسنَ ثوبَ القدسِ
أو ثوبَ البكاء.)….
يعود بنا الشاعر بعد جولة من التوضيح والمخاطبة إلى بداية النص الثوري بـ (كن فلسطيني )
ويكمل بأن يدرج ما قامت به أيادي الفلسطينين من أفعال مشرفة
وكيف رسمت تاريخًا ودروسًا من البطولة لا تحصى …
ولم ينسَّ الشاعر دور النساء المساند والفعال نساء كانت ولم تزل على قدر العطاء والمثابرة وتقديم التضحيات ..
في هذا النص كن فلسطيني
أجاد الشاعر من استخدام أدواته والانتقال بنا زمنيا والرجوع لما كان ويجب أن يكون …
إليكم نص كن فلسطيني لـ مظهر عاصف
………….
كن فلسطينيْ
لتشربَ روحَ نخوتك الدماءْ
واعصرْ من الزيتون زيتًا واحتطبْ
جذعَ الغصونِ المائلاتِ مع الهواء
خذ من عظامِك
من عظامِ الميتين الأبرياءْ
خذ ثوب جدِّك
حطةً
خذ حُجَّةًّ تركيةً
قوشانَه
قمبازَه
خذ ما تشاءُ من الحجارةِ
وارصفِ الدربَ المؤدي للسماء

أنت العدوُّ بكل ما أوتيتَ مِن أملٍ
وموتٍ
وابتداءٍ
وانتهاء
والصابرُ المقهور أنتَ
وما يكون من افتراسٍ
وانقضاضٍ
واندفاع
والناطق المكتومُ سيفاً ..لا أحابي
فالأرضُ فيها ما عرفتَ من الأفاعي
غيرَ أنك من بلادٍ
والداتٍ _ دون شكٍ _ للسباع

لا لستَ من يمضي ويتركنا
بدرب الشوكِ نمشي كالحفاة
لا لست من يلقى المنيةَ في الفراشِ
كما الطغاة
أنت المحاربُ
والمشاكسُ في زمان اللاحياة
فلمن تركت الشعر ..قل لي ؟
لا تكن متواضعاً
شعرؤانا من ربع قرن ينطقون بلا شفاه
شعراؤنا لم يرسموا حجرًا بريشتهم
تلطخ بالرثاء
شعراؤنا إذ يمدحون الكحلَ قد عقروا الظباء
إذ يُقحمون الحب في أشعارهم ذبحوا الحياء
إذ يأكلونَ الصرفَ والإعرابَ من لحمِ النحاة
شعراؤنا يتجولون بدور أزياء الربيع وهم عراة
شعراؤنا وصَفوا الخيامَ ولم تدس
أرضَ الخيامِ سطورُهم
وصفوا الصفيحَ ولم تكن
أقلامهم تحتَ الصفيحِ
ولم تسر
تحتَ الصفيح حروفُهم
شعراؤنا في كلِّ وادٍ يبحثون عن السلام
في كلِّ حربٍ يصنعونَ الخبز من أجل السلام
في كلِّ قصفٍ يطحنونَ البن من أجل السلام
في كلِّ قبحٍ يرتدون الطهرَ من أجل السلام
شعراؤنا لا يعجنونَ الفجرَ في أشعارهم
إلا بأفران الظلام

كن فلسطيني
فهذي الأرضُ تعلمُ من تكون
ومجنزراتُ القتلِ تعلمُ من تكون
والبندقيةُ في يدِّ السفاحِ تعلم من تكون
يا من أضفتَ لفلسفاتِ العصرِ فلسفةَ المَنون
وأضفتَ للتاريخِ تاريخَ المشانقِ
والحجارةِ
والسجون
وأزلتَ عن وجهِ الخرائطِ كلَّ أصباغِ المنابتِ والأصول
فالقدسُ ليست في المكانِ وإنما
والقدس ليست في الزمانِ وإنما
هي حيثُ ما انفتقَ الصهيلُ
وحيث ما انفجرَ الصليلُ
وحيثما كنَّا تكون

لا لست من يمضي وحيداً
دون سيفٍ جاء يشربُ من دماكَ
فكنت حوضاً للمياه
من دون وقعٍ
وانفجارٍ
واغتيالٍ
دون أن يلقاك (ناجي) في الشظايا باحتفاء
الحرٌّ والصلعوك لا يمضي وحيداً في أناة
فدعِ اللحودَ
فليسَ للأرض احتفالٌ أنت فيهِ لكي أراه
ما كنتَ تبحث ذاتَ يوم عن مسارحَ تصفيكَ
وعن منابرَ
عن قطارٍ يحملُ الركابَ من أرضِ الممات..الى الحياة
فلم اتخذت الأرض مسرحَك الأخيرَ بلا فناء؟
ماذا أغرّك في الترابِ
وفي الرمالِ لتبتدي؟
(بلقيس) ماتت يوم قام النايُّ يعزف للجناة
(بلقيس) ماتت يومَ صارَ الشعرُ يُقرى للجياع
(بلقيسُ) من نسلِ القصيدةِ
مِن نساء مدينةٍ
يلبسنَ ثوبَ القدسِ
أو ثوبَ البكاء.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!