قافلة التيه :أضغاث الصحو في خيمة الغجري / دراسة في شعر فارس مطر –

 ا هاكِ وجهي قلِّبي صُبحي المؤجل مسِّدي عشبَ الضفاف التراتيل العتيقة ابتهال الضوء من منفىً سحيق واستكان الشاي في فوضى القلق الروح الغجرية ملازمة لأي تجربة شعرية تخوضها الذات الشاعرة ثمة بكاء داخلي صراخ داخلي ؛ ليجسد البعد الإنساني وهو يحاول ان يعطي من يحب وجهه ،هويته وامنياته المؤجلة .يجلس اليها وهي تلامس بيديها عشب الضفاف ،وعادة يكون عشب الضفاف ريان اخضر محاطا بالغناء والضوء فنحلق بعيداً لعيدنا استكان الشاي إلى الواقع ، تحاول الذات الشاعرة كسر الحصار بالهروب الى عشب الضفاف والتراتيل واستكان الشاي وهذه هي اشياء الوحشة والوحدة والركون إلى حوار الذات والتأمل ، فهي تؤسطر الغجري عبر ابتهال الضوء في المنافي السحيقة وفي هذا المقطع خلْطٌ بين الاسطوري واليومي فنلحظ ا استكان الشاي يندرج في خانة العادي اما التراتيل العتيقة وابتهال الضوء فهي في خانة الأسطوري والغجري ذاته يجمع بين الأسطوري والعادي :ٍ أشربُ الليل وحيداً.. دون عودٍ ونديم أيقظ الفقدُ اضطرابي شَدَّ أوتارَ الكمان تَلَّني نحو الجبين اعتقد ان الكتابة عن الفقد محاولة لمقاومة حزن أصيل يعشش في الذات الشاعرة فقد فقدت اماكن كثيرة الرشيدية الموصل السليمانية بغداد بلتيمورمما يتواشج وفقدان الغجري ورحيله المستمر، وعبارة تلّني نحو الجبين تؤسطر الذات الشاعرة/ الغجري اذ تشير إلى الفداء واسماعيل ومما لاشك فيه ان الذات الشاعرة قد تماهت مع الغجري بما لا يخيّب أفق توقعنا ،فهي تلبس لبوسه و ثم تؤسطره بددتني في الشوارعْ في المقاهي صعلكتني في المنافي إن استنطاق هذا المقطع لا يحيل إلاّ إلى عالم الغجر فالدوال (بدّد، صعلك ،المنافي) لو تأملنا فيها لوجدناها تنمّ عن محمول واحد هو الشتات الغجري والتبدد في العالم وبذلك يكون الصعلوك زائداً المنفى يساوي الغجري ،والتصعلك في المنفى صورة تكسر أفق التوقّع لدينا كون المنفى بحد ذاته مؤلم فكيف إذا تصعلكت فيه الذات الشاعرة ؟الغجري ذاتنا التي تجاهلناها او اخفيناها فكنا بحاجة الى شاعر يرمي الحصى في البئر ليحرك المياه الراكدة هنا ممكن ان يتأمل القارئ لمد جسر جمالي يعبر منه الى جمالية الغجري وتحولاته وحزنه وغنائه وتشتته وحبّه وعرْضها على مستويات التلقي : يصطاد رغم التيه قافلةً.. ويسري حاملاً أضغاث صحوٍ.. أمَّلَت خطواته في رَبع رمل الأحجيات سماؤه التمتد حبلى بالتساؤل والأجنَّة أرجأتْ سُكر المجاز بلا وتر … تبدو نظرة المجتمع العربي إلى الغجر نظرة ازدواجية ،فهو منبوذ ومكروه ومستهجن وهو في الوقت ذاته جميل وحر وموضع للشهوة ،وجراء ذلك تعرض الغجر إلى مرثون من التعذيب والمطاردة والمصادرة ،لذلك صار التيه وطناً للغجري ، يصطاد قوافل الحلم ويرضى باضغاث الصحو وأقل الأشياء ،حياته عبارة عن تساؤل وأحجيات ،ومجهول، وتشير عبارة (سماؤه التمتد حبلى بالتساؤل )إلى استمرار هذا المجهول الذي يحاول ان يشيعه النص عبر علامات موزعة بشكل مدروس (التيه ، القافلة ، السّرى ، التساؤل ) مخلفا مسافة جمالية تمتد بين ماتركته الذات الشاعرة عبر افق توقع القارئ وللغجري اندلس مفقود هو قرية كفروك : كفروك تعطي فوانيسها وتبلور في راحتيك ربيع السنونو، عصاري الحصاد وصوت القطا من سيحفر بئري يعيد احمرار الكنود* وجَرْسِ المراييعِ عند الغروب.

الدكتور أحمد شهاب

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!