قراءة في رواية “أنا عشقت” بقلم. آحمد العربي. سوريا

لصحيفة آفاق حرة

.قراءة في رواية: أنا عشقت

.الكاتب : محمد المنسي قنديل

.نشر دار الشروق

.ط1 ورقية. 2012

 

محمد المنسي قنديل روائي مصري متميز. قرأنا له قمر على سمرقند و الحرب في بر مصر وكتبنا عنهم

الرواية معاصرة، تتحدث عن مدينة مصرية ما مكتظة بالناس، يسكنها الفقر والعمل الدؤوب من أناسها لتأمين لقمة العيش. في كل صباح يتكرر طابور الذهاب للمصنع للعمل من مناوبة الصباح النسائية. وتعود مناوبة الليل الرجالية. حسن و ورد؛ عاشقان يتحركان باتجاه محطة القطار. حسن يود السفر، ورد تحضر لتودعه. يحبان بعضهما منذ زمن، شبه مخطوبين. ينتظر حسن أن ينهي دراسته في الماجستير للهندسة ويعود للزواج. الانتظار ممضّ و صعب وقاسي. يسافر حسن. لكن ورد لا تغادر المحطة. في الليل يرصدها ناظر المحطة جسدا كشبح لا يتحرك تلعب به الريح. تحاول الكلاب الشاردة نهشه. تتجمع أجهزة الدولة. قسم الشرطة سيء السمعة الذي يذيق الناس اسوأ عذاب والطبيب الشرعي ووكيل النيابه. يقررون انها ميته كجسد خارجيا. قلبها ما زال يعمل. وهي متشبثة بالأرض، لم يستطع أحد زحزحتها. تركوها دون معرفة التصرف الأنسب.. علي طالب الطب في سنته الأخيرة، من بلدها، يرى ما حصل. يفكر من دافع إنساني أن عليه مساعدة البنت “ورد” و حل مشكلتها. علم بحبها وتوصل لوالدها. علم ان والدتها ميته منذ القديم. وأن حسن رجل يحضر قليلا ويغيب كثيرا، وان ورد شبه يائسة مما تعيش. اصدقاء حسن على قلتهم لايعرفون الا انه يدرس في الجامعة. فكر علي بأن إحضار حسن سيعيد الروح لورد. او على الاقل عليه المحاولة. تواصل مع معارفه وعلم بعض المعلومات عن جامعته. ذهب إلى الجامعة ولم يجد له أثرا. تعرف على “سمية” وهي طالبة قريبة لزميلته، من الناشطات ضد النظام والفساد. تشارك بالتظاهر والعمل السياسي المعارض. لجأ إليها وعلم ان حسن كان معيدا في الجامعة ولكنه طرد منها منذ سنتين. سجن ايضا بسبب نشاطه السياسي المعارض. طرد لذلك ولانه ابن للعامل الناشط الذي سجن ايضا وقتل في السجن. تابع علي البحث عن حسن. ساعدته سمية التي سنتتبع عالمها. فهي وحيدة أهلها. امها ترعاها ووالدها يهتم بكل شيء الا عائلته. وله مسالكه الغير سوية. ستجد في مدرّسها بديلا يستغل حاجتها للحنان والحب ويعاشرها جسديا. لتصل إلى الحمل الحرام. تبحث عن حل فالفاعل يتنصل وهي تلجأ لزوجته. لتؤمن لها سبل الاجهاض وتكاليفه. وتكتشف ان استاذها مصاب بجنون حب الذات والادعاء الثوري والثقافي ويصطاد المراهقات ويضعن معه. تجهض وتحاول أن تبدأ حياة نظيفة جديدة. تلتقي بعلي وتساعده بالبحث عن حسن وتتمنى لو تحبه ويحبها. حسن وسمية يصلان لعبد المعطي خريج السجون. الذي تعرّف على حسن بالسجن. كان جزء من سيرك وهو مهرجه. أحب فتاة في البلدة ولم يستطع المغادرة. عمل في المتحف وعشق مع الزمن احدى تماثيله النسائية. واتفق مع صانع الفخار على صناعة مماثل لها، وهذا ما حصل. وبعد فترة يتم مهاجمة بيته ويضبط التمثال الشبيه الفخار على انه الاصل ويسجن. في السجن سيكون ضحية فقره وضعفه وسيتحول للسخرة ومطيّة ومسخرة للسجناء الآخرين. والاستخدام الجنسي ايضا. عندما جاء حسن كسجين جديد عامله بالحسنى ثم تبناه ووضعه تحت حمايته. وعندما خرج كان بيت حسن مأواه. لكنه خائف الآن؛ الحي احترق اغلبه. وهو سكن عشوائي، الحرق تمّ بفعل فاعل. وأهل الحي غاضبون والشرطة والأمن يحاصرونه. شيخ الجامع يجمع الناس ويخبرهم أن على الرجال التجمع والذهاب مع الأمن لتوقيع عقد تملك البيوت البديلة. ذهب الرجال لكن للسجن ودمرت المنطقة وتفرق الناس. هناك حديث عن معامل صينية كبيرة قادمة ستبنى هنا. عبد المعطي خائف مما يحصل. علي ينتظر حسن وحسن لا يظهر. ينام في بيته وبين أوراقه يجد صورة لمرأه وعليها رقم هاتف. يتصل في المرأة ويذهب اليها. إنها ذكرى المرأة الثرية التي لم تقدم له ما يفيده الا رقم هاتف لرجل آخر اسمه اكرم. اكرم الثري التاجر رجل الأعمال الذي لم يقدم أيضا ما يفيد. سنتعرف على ذكرى؛ الفتاة الفقيرة، والدها المتوفى وزوج امها الذي يتحرش بها ويحاول اغتصابها. تعمل في محل ملابس فاخرة. ستتعرف على أكرم رجل الأعمال الكبير، سيحاول ان يضمها لقائمة حريمه. ترفض بداية ولكنها تتجاوب معه أخيرا. ترضى أن تكون صاحبته سرا بعلاقة جسدية كاملة. وأن يعوضها بالمال، مع محل تجاري، يعطيها فرصة للنمو والصعود في السلم الاجتماعي. سنتعرف على هذا العالم، حيث قدمها التاجر للمعلم الكبير الباشا الحوت صاحب الرئيس وشريك ابنائه. ليكون أول من ينام معها؛ وهذا هو العرف. الحوت يتحكم بالسوق وأعمالهم كلهم. وهي لم تكن لتقبل هذه المهانة. لكنها فهمت انها هنا كسلعة..د وهي واحدة تبيع نفسها في سوق الدعارة لتحقق بعض الامتيازات. ترى نفسها تغوص بالخطيئة والضياع أكثر. سيقدمها اكرم لشركائه ليمارسوا الجنس معها وترفض. وتذهب توشي عليهم للحوت ؛ إنهم يريدون التخلص منه. يحتفظ بها لنفسه. ويزج باكرم وشركائه بالسجن بتهم جاهزة عن تجارة بأغذية فاسدة و ضرر بالمصالح الوطنية. يلتقي اكرم بحسن بالسجن ويساعده في مواجهة زيناتي البلطجي ويحميه. ويساعده للخروج من السجن اخيرا. لكن لهدف اتفقا عليه. سيعرف حسن أن هناك من يبحث عنه. يختطف علي، يضعه في قبر أقرب للموت منه للحياة. يرتاب منه وان هناك من أرسله وراءه. لكن علي يؤكد له انه جاء ليخبره بوضع حبيبته ورد لعله ينقذها ان عاد اليها. لم يصدق بداية وكاد يقتله. لكنه قرر إشراكه في أعماله وبعد ذلك سيذهب الى ورد. سنعرف أن حسن واكرم اتفقا في السجن أن يساعد اكرم حسن للخروج. وعلى حسن أن يقتل كل من كان سببا بسجن أكرم. منهم ذكرى عشيقة الباشا الحوت والحوت نفسه. شارك حسن رغما عنه بالعملية كحماية. وقتلت ذكرى والباشا. كيف وصلت يا حسن الى هذا؟ !!. سيتحدث لنفسه. كيف اضطهد ولم يغفر له ان والده عمل ضد النظام. ولا خروجه هو بالتظاهر ضد الاستبداد والفساد. زرع داخل نفسه فكرة الانتقام الفردي المباشر ممن اعتقد أنهم أعداؤه المباشرين. صار قاتلا محترفا. واداة بيد الاطراف تغتال بعضها. وعندما حضر علي إليه و واجهه بوضع ورد. قرر الذهاب إليها بعد أن اغتال الباشا الحوت وذكرى عشيقته. وصل حسن إلى البلد وفي المحطة وجد ورد منتصبة مكانها وكأنها تنتظره. اقترب منها وقليلا من اللمس والهمس والعناق والقبل. بدأت الحياة تعود لورد وبدأت تتحرك وتسير مع حسن خارجة من المحطة تحت نظر الجميعهنا تنتهي الرواية.. وتبقى مفتوحة الأحداث . الأشخاص لم يصلوا إلى مقاديرهم. حسن هل يستمر بالانتقام أم لا

الرواية تقول إن الفساد والخراب والفقر والضياع الاخلاقي واستباحة البلاد والعباد. أدّت إلى التعبئة النفسية والإستعداد للجريمة وممارستها. البعض رضي ان يكون اداة بيد الظالمين. والبعض تمرد فرديا. لكن الكل جاهزين موضوعيا وذاتيا للثورة على هذا الواقع الذي يذلّ الكل ويستبيح انسانيتهم. إنها رواية تقول إن الربيع العربي كان قدرا صنعته وقائع المظلومية. وان حق الناس بالحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية والحياة الافضل لن يقف بوجهها اي سد او يمنعها اي مانع. وان الثورة قادمة وهي قدر البشر ليصلوا إلى حقوقهم. وهذا ما حصل ولو أن هناك من اغتال الربيع العربي. لكن الصراع لم ينتهي والحقوق لا بد أن تؤخذ مهما طال الزمن أو ازدادت الصعوبات

 

..احمد العربي…

27.4.2016…

 

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!