.قراءة في رواية.امرأة ليس الا. الكاتبة:  باهية الطرابلسي

لصحيفة آفاق حرة:

_______________

 

.قراءة في رواية.امرأة ليس الا.
الكاتبة:  باهية الطرابلسي.

ترجمة :الزهراء رميح.

الناشر: المركز الثقافي العربي.

ط1 .2005. ورقية

 

باهية الطرابلسي كاتبة مغربية، كتبت روايتها بالفرنسية، ترجمتها الزهراء رميح.

بطلة الرواية من المغرب العربي،عاشت في مدينة الرباط ثم مدينة الدار البيضاء، نحن أمام البطلة “ليلى” التي تعتمد لغة السرد بطريقة الاعتراف الشفاف، والذي يحوي في داخله تطور الشخصيات وتفاعلها مع ذاتها ومع الحياة، فيها صدق قراءة الحالة الإنسانية، لا تحتوي على مواقف مسبقة لصياغة أحداث موجهة، البطلة مخلصة لبوحها، و تتلمس طريقها نحو تحقيق الذات والرضا عن النفس، وتحقيق المعنى في الحياة.
مع ليلى في الرواية  نتحرك، و نتوسع في التفاعل مع عالمها وامتداداته، ومنها ننطلق لتكتمل الصورة والحكاية والعبره ايضا. ليلى فتاة من أسرة موسرة أدركت نفسها في الدنيا فتاة يتيمة، توفيت والدتها بعد ولادتها، و تربت في كنف زوجة والدها التي كانت مربيتها اصلا، الوالد تزوج أمها عن حب، وعندما ماتت كان زواجه من المربية هو الحل لأجل الطفلة ولتستمر الحياة، و تنجب بعد ذلك “رشيد” أخوها غير الشقيق، ستعيش ليلى شعور الذنب بأنها سبب وفاة والدتها، ستحب مربيتها وتغار منها لكونها أخذت دور امها ، ستسعد بمجيئ اخيها، وستحزن انه اخذ الاهتمام العائلي عنها، وأنه الذكر، وأنه المفضل في مجتمع شرقي، ستقرر ان تكون متميزة، وأنها ستتصرف وفق إرادتها هي صانعة نموذجها الخاص، ستكبر وتراهق وتدخل عالم الانوثة دون عناء، فامها الجديده كانت لها الام الحقيقيه، ستكتشف انها انثى وانها مرغوبه وستراودها رغبة جامحة لتخوض تجربة العلاقة المفتوحة، وتحقق لنفسها الاعتبار الذاتي.، وتقع بتجربة تنتهي بخيبة مع رجل بعمر والدها، حيث يفشل معها جنسيا، وليترك داخلها ندبة أنها لم تدخل التجربة الجنسية المكتملة، يوجد في عالمها الصغير ابن صديقة والدتها “فاضل” يكبرها بسنين عدة، ستراه  نموذجها وحبها الكبير وزوج المستقبل، وتمضي الايام هي تجهز نفسها للنجاح في الشهادة الثانوية “البكالوريا”، وبعدها الذهاب لفرنسا لتكمل الدراسة، فاضل سبقها الى هناك، في كل مرة يعود من فرنسا الى المغرب، تتعلق به أكثر، وتعد نفسها معه بحياة جميلة، اول خيباتها كان قرار فاضل التزوج من فتاة مغربية تعرّف عليها في فرنسا وتزوجها، تبلع ليلى غصتها، تقول لنفسها وهي منكسرة لن تنتهي الدنيا عند فاضل. تنجح في البكالوريا، ثم تذهب لتكمل دراستها في فرنسا، تدخل في نشاط محموم مع الشباب المغاربي المهتم بالشأن السياسي وقضايا المرأة والعالم، وتكون قريبة من الحركات اليسارية الكثيرة، التي تستهلك وقتها متفاعلة بشكل دائم ولكن في حلقة مفرغة، تسكن مع صديقتها شيماء الفتاة التي رهنت مجيئها لفرنسا للعلم فقط، بينما انهمكت ليلى في الشأن السياسي والتفاعلي مع بقية المغاربيين، تعرفت على عمر الشاب الذي يكبرها قليلا والمتمكن فكريا وله حضور طاغي والذي جذبها، لكن له صديقه، وبعد تفاعل تقبلت فكرة أن يكون صديقها ايضا، ويكون بينهما علاقة مفتوحة  حيث تدخل معه تجربة الجنس الاولى، وتكتشف كم ترغب به وكم هي أسيرة له، وكيف تقبل ان يكون بعلاقة مزدوجة معها ومع صديقته الفرنسية، تكتشف انها مستعبدة لرغبتها به واستسلامها لرغباته، وأنها عاجزة عن أن تستحوذ عليه، وتمر الايام عليها وتكتشف عجزها عن أن تكون ذاتها التي ترضيها، تستمر بالعلاقة مع عمر رغم عيوبها، وتتعرف على شاب فرنسي ، تتفاعل معه ، تكتشف علاقة مختلفة فيها القبول المتبادل وعدم الامتلاك، وتقوم علاقة مفتوحة معه ايضا، تخبر عمر بذلك، ينزعج ويضربها ويبرر ذلك لها انه يريد الزواج منها، وهي تحتقره لذلك وتخرجه من حياتها، وتخبره كيف يقبل أن يكون له علاقة مزدوجة وهي لا، تعود لعالمها الخاص. تتواصل مع والدها الذي عاش حياة انعزالية خاصة، بعد أن خرجت زوجته من متابعة امور البيت لكي تفتح محلا تجاريا و لتنجح وتخطط لتطوير أعمالها، وتدخل عالم النساء الثريات اللواتي يعشن على قصص العشق خارج مؤسسة الزوجية، النميمة والاستعراض وتعويض كل أشكال النقص، زوجة الوالد يرتفع نجمها ويزداد جفاء علاقتها مع الوالد، والأخ سيكبر ويلحقها ليكمل تعليمه في فرنسا، ستهتم بعلمها وتحتفظ بصديقها الفرنسي، وهي متفقة معه أن لا زواج بينهما، وأنها ستعود للمغرب. تنهي ليلى دراستها الجامعية، تعود مع صديقتها إلى التي تزوجت شاب مثل تفكيرها وتتزوجه، تعود للمغرب لتجد الوالد في عالم وامها (مربيتها) في عالم آخر، وهم منفصلين واقعيا، يعيشون تحت سقف واحد، تتعب ليلى من الحياة العائلية بعد اعتيادها الحياة الخاصة دون قيود، تبحث عن العمل وتجده وتجد معه أن البطالة خانقة، وان للحصول على عمل شروط لها علاقة بمدى تنازل الفتاة لمديريها وزبائنه من الخليج وغيره، وان هناك دعارة مقنّعة تحت مسمى العمل، تحطاط وترفض ان تكون سلعة جنسيه تفقد احترامها لذاتها قبل فقدانها الاحترام الاجتماعي. يعود فاضل وكان قد طلق  زوجته، فاضل حبيب الطفولة والحلم الذي لم يمت، يدخل عالم ليلى مجددا، يتقرب منها ويتوافق معها على الزواج بعد تجربة تواصل جسدي، لكن الزواج لن ينجح، فقد كان فاضل على علاقة مع امها المنفصلة واقعيا وجسديا عن أبيها، وكان الزواج غطاء للعلاقة المحرمة بين الأم وفاضل، تكتشف ذلك و تترك البيت وتسكن وحدها ، تصارح والدها بما تعلم، وتبين أنه يعلم  ثم يطلق الام ، يتزوج الوالد من فتاة متدينة وينجب طفلا جديدا ويغوص بالتدين اكثر، يعيش حياة سعيدة مع زوجته الجديدة، مع وجود طفل وعقيدة تملك زمام نفسه، ليلى ستصبح أكثر واقعية، تتقبل حياتها وتتزوج من زميلها المطلق لزوجته والذي يربي ابنته، وتكرر رحلة امها معها، وتحمل وتنجب وتصبح اما، تهتم بولدها، تختلف مع زوجها لانها بحاجة للعمل فوق انها ام، وتتمكن من العمل . تمر الايام وتتواصل مع امها وتكتشف كم تحبها، وانها سامحتها، وأنها تحررها لتتزوج من فاضل، وتقبل الحياة كماهي، ولسان حالها يقول لست إلا امرأة ؟!!. وتنتهي الرواية هنا.

في تحليلها نقول:
نحن أمام رواية شديدة الصدق والشفافية، وتقول لنا ان الانسان ابن بيئته وظروفه الاجتماعية، وابن لغرائزه وابن واعتقاداته ، نتاج الخيارات المحدودة في حياته، في مجتمع لا يحترم إنسانية المرأة ويجهلها، ويحولها لمتاع واحيانا لسلعة، يتصرف معها بازدواجية، سيجعلها ضحية حتى عندما تحاول التحرر، واننا عندما ندخل لعمق الحالات الإنسانية للمرأه والرجل، فإننا سنفهم تصرفاتهم و نتفهمها، لكننا لن نستطيع أن نتسامح تجاه أي هدر لإنسانية الإنسان فردا وجماعة.
رسالة الرواية اننا ان لم نتحرر ذهنيا بعد، ولم نعي ذاتنا كبشر، ولا حاجاتنا الانسانية على تنوعها واتساعها، واننا يجب أن نتوافق على منظومة  قيم تحترم الانسان فينا وتتحرك لحياتنا الافضل، وان يكون ذلك كمجتمع وليس كأفراد فقط، لكي نخرج من سلسلة الإنسان المهدور، ومن حلقته الدائرية، عابرة الاجيال والزمان.
.إنها رواية تؤكد حاجتنا للانتصار للإنسان، حقه بحياة حرة ، كريمة ، عادلة وسعيدة ايضا.

..احمد العربي…
13.9.2013.

١٤/٩/٢٠٢١م.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!