قراءة في نص “زمن البكاء” للشاعرة الليبية /آمنة محمد علي الأوجلي.

  • كتبت : الشاعرة والدكتورة /
    نوال علي حمود.(عشتار سوريا)
    تحت عنوان:
    **إبحار في قصيد** تقول
    استوقفتني قصيدة رائعة بعنوان “”زمن البكاء “” للشاعرة
    السامقةالأستاذة آمنه محمد علي الأوجلي من ليبيا الحبيبة وقصيدتها الرائعة …

“”زمن البكاء “”
العنوان : زمن البكاء
عنوان واسع كبير فضفاض يشمل كل ما للكلمة من أحداث وأوقات؛ نعاني فيه مانعاني وتكاد المآقي لا تجف …
أن يكون هذا الاسم العظيم(زمن ) معرفا ب (البكاء )….
هي نظرة شمولية متمكنه ترصد الواقع برتوش مما يحيط بحياتنا وإنسانيتنا …
(زمن البكاء ) ق.ن.ح. قصيدة نثرية حداثية مؤلفة من خمسة مقاطع، في كل مقطع منها رسمت لنا وجعا قد يكون خاصا ، لكنه في العموم يهيم
مترنحا ..
في شذرتها الأولى تقول شاعرتنا :
(احتجتك في زمن البكاء
والعمر يركض لا رجاء
والصبر موت )
احتجتك /يا له من فعل صريح وواضح وبلا مواربة تطرق به سمع من أرادت ان توضح له مقدار معاناتها وكأنها تضع كل وازن حمل كاهلها دفعة واحدة بين يديه رغبة منها في التغيير فجاء فعلها متصدرا جملتها الفعلية أملا في قادم افضل …
وهذا الاحتياج ليس في زمن الرخاء وإنما في (زمن البكاء )
في زمن صعب تميز مواقفه الغالي من الرخيص؛
زمن ( العمر يركض لا رجاء )
هنا انتقلت إلى جملة اسمية تفيد الاستقرار والثبات ..
فالعمريركض، لايتوقف بلاهدف
و( الصبر موت ) كم هو الوجع الذي يعتمل في نفسها حتى تشبه الصبر بالموت بأدة تشبيه محذوفة ووجه شبه مخفي ..
وهو تشبيه بلاغي بحت طرزته محبرة الشاعرة باتقان
وفي شذرتها الثانية تقول :
(وجعي تمدد ما انطوى
والليل في جفني ردى
تاهت خطاك في السراب
وما دنوت …)
تعبير فاق الخيال ( وجعي تمدد ) معاناة بلا حدود واستمرار هذه المعاناة رسمته من خلال مبتدأ جاء خبره فعل ( تمدد ) في زمن ماض مستمر ولا نعلم إلى أين سيصل …
(والليل في جفني ردى )
وكأنها أرادت إيضاح صورة ( التمدد ) من خلال الاقتباس
من قوله تعالى في سورة الليل
أيه ( ١ ) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى }
شبهت وجعها بظلمة الليل وتمدده كان الليل يغشى المكان بأثره ..
(ما انطوى ) ما نافية ، انطوى
فعل (فعل: خماسي لازم، متعد بحرف). اِنْطَوى، يَنْطَوي، مصدر اِنْطِواءٌ.
وانطوت القصيدة : اشتملت
انطوى الثوب : التف على بعضه
انطوى على نفسه تراجع ..
وبهذا نعلم أن الشاعرة توظف كلمتها بكل حرفية فالذي يتمدد لن يتراجع او ينكمش ..
وللعلم استخدامها لكلمة ( طوي ) لم يكن عبثا، فهي كلمة دالة على فعل ورمزا للعودة والمتابعة[ يقال أن شمعون وصي عيسى (عليهما السلام ) عندما ذهب إلى قبره لوداعه لم يجده بل وجد منيله مطويا وموضوعا موضع الرأس ففهم أنه عائد ليتم دعوته ] و[نجد هذه العادة في الأماكن الفاخرة حيث يتم تناول الأطعمة ووضع منديل بجانب الشخص لاستخدامه فإن النادل لا يقرب المنديل او يرفعه طالما كان مطويا فهذا دليل عودة الشخص ومتابعته لتناول الطعام…] وكأن شاعرتنا ترى الموت والسكون من خلال هذا الظلام
كأنه ردى مطبق عليه جفني الموت ..
( تاهت خطاك في السراب
وما دنوت )
السراب لا شيء او ما يراه البصر زوغا في الصحراء وعندما نحاول اللحاق به لا نجده وتضيع خطانا معه
ونبتعد .
في المقطع الثالث تقول :
(احتجتك في عصف الجراح
والليل تصفعه الرياح وقوافل
الأشواق تنشج في دمي
سوسنة تهفو لحضنك
كم قسوت
كم قسوت )
هي الحاجة الشديدة للسند والعضد والمنقذ وهذه الحاجة تكون في ذروتها عندما تكثر الجراح ويتخبط من يعيشها
والتي حولت حياتنا لعصف شديد …
كعصف الرياح في ليل مدلهم تصفع كل شيء …
ورغم هذا وذاك العصف والألم والوجع حد التوهان …
قوافل الأشواق تتحرك في دمي معلنه رغبتي واملي كسوسنة تشتاق حضنك لتشعر بأمان ..لكنك شديد القسوة
وتتساءل بتكرار بهدف التأكيد
(كم قسوت
كم قسوت)
وهي لا تنتظر الجواب فهذا إحساسها سجلته بنبض الشوق
الشذرة الرابعة تقول شاعرتنا :
(يا انين قصائدي يا تميمة
قدري المعطوب
في قيظ جحيمك أرتمي
يغتالني نصل غرورك
والسكوت ..)
ياله من وجع حولته لصورة انين في قصائدها وفصلت منه الرجاء لبيان ماحل بها
بل اكثر من ذلك راته تميمة تقلدتها علها تحميها لقادم
مهما كان ممزق القدر …
وهاهي ترتمي بلا مقاومة في حرارة نار التي تلظاها بلا مقاومة بل مستسلمة لاوجاعها بسبب خذلان سندها
ونصل غروره الفتاك في صمته رغم طلبها واحتياجها
وفي شذرتها الأخيرة تختم قائلة :
( مرصودة بعينيك أهذي حلما
مسكونة بحنين الأغنيات
وأمطار دمع
استل من شفتيك ذوابة
ابتسامة
برجيم غيك مانجوت)

يا لها من خاتمة سبكتها الشاعرة من احاسيسها وردود فعل ذاك السند او الحبيب اللا مبالية …
فتقول مستسلمة لقدرها مرصودة بعينيك والرصد ثقافة وصلت إلينا من الاجيال الغابرة وثقافتهم ان هذا الرصد لصاحبه واسمه فقط ولن يكون لغيره، وهذا ما جعل الشاعرة تشبه حالها بمن يهذي من الحمى احلاما غير موجودة
(مسكونه ) تعيش داخلها كائنات غريبة تمثل الحنين في الالحان الاغاني الشجنه
ودمع منهمر كانه وابل مطر تساقط على (ذؤابة ) وهو ما كان من الشعر على الجبين في مقدم الرأس.
لكنها وبمفارقة عجيبة وضعت تلك الذؤابة ابتسامة على شفتي الحبيب
وهذا بفعل ( رجيم ) شيطان مطرود من الرحمة ..
( غيك ) كذبك واحتيالك
فكان هذا سبب مانحن به وعدم النجاة ……
ملاحظة :
رغم العاناة والالم والوصف الذي اتقنته الشاعرة لنعيش معها اللحظة
نجد الامل متسللا بين جمله كبيارق نور ترشد وتداوي ..
ابدعت شاعرتنا واجدت وكان لوقع إبداعك الكثير من الدهشة والمفارقة …
لن نلجأ للإحصاء كما نصنا اديبنا الكبير شوقي ضيف
بل سنكتفي لأنك قدمت من البيان والجمل الفعلية المتغيرة والاسمية المستقرة ومتمماتها بديع البيان لدرجة عشنا بها معك ..
ملاحظة :
القدر لا يظلم فهو مخطوط من نور وسندس وبتدبير العزيز الحكيم …
نحن من نخطيء ونتوه عن تسيير أمورنا …
ولتكن الرياح في خدمة سفننا وكما يشتهي الربان
محبتي ومودتي شاعرتنا
بقلمي عشتاار سوريا
د/ نوال علي حمود
______////______////____

قصيدة الشاعرة
آمنه محمد علي الأوجلي
من ليبيا / بنغازي
“زمن البكاء”

احتجتك في زمن البكاء
والعمر يركض لا رجاء
والصبر موت

وجعي تمدد ما انطوى
والليل في جفني ردى
تاهت خطاك في السراب
وما دنوت

احتجتك في عصف الجراح
والليل تصفعه الرياح وقوافل
الاشواق تنشج في دمي
سوسنة تهفو لحضنك
كم قسوت
كم قسوت

يا أنين قصائدي يا تميمة
قدري المعطوب
في قيظ جحيمك أرتمي
يغتالني نصل غرورك
والسكوت

مرصودة بعينيك اهذي
حلما
مسكونة بحنين الاغنيات
وامطار دمع
استل من شفتيك ذؤابة
ابتسامة
برجيم غيك ما نجوت.
برجيم غيك ما نجوت.

آمنة محمد علي الأوجلي.
بنغازي/ليبيا

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!