( المسكوت عنه في المجموعة القصصية “امرأة خاوية الفراش ” للقاصة/جهاد الجفري )

بقلم : الناقد اليمني عبدالفتاح اسماعيل الخضر
تعد القاصة جهاد الجفري قاصة مغايرة وفريدة ومتفردة ومتمردة فقد جاهدت كثيراً من أجل الدفاع عن حقوق المرأة وأبراز معاناتها المركبة التي تتكأ على موروث ديني مغلوط وعادات جعلتها كترس يعمل في أله ، فهي التي يجب أن تنجب وتكون وعاء متعة للرجل فكل حركاتها وكلامها وهمسها ولمسها ونظراتها محسوبة وإلا اتهمت بالخيانة والتفريط بالشرف ،فالقاصة الجفري أدانت المجتمع وسألته وعرته فمجتمع تستفزه نهداي امرأة مجتمع بائس… مريض… سادي…تستبد به كل الوساوس القهرية،فالمجموعة القصصية “امرأة خاوية الفراش ” جمعت كل صنوف أوجاع الأنثى كطفلة أو أم أو زوجة أو أرملة أو مطلقة ،فقد كابدت القاصة/ الجفري في مناهضة كل الظلم والعنف الذي يقع على المرأة بصوره وأشكاله المختلفة من العنف الجنسي والتعنيف الجسدي والتعذيب النفسي وغيرها كثير، فقصص هذه المجموعة جريئة بدون مهادنة ومباشرة بدون مواربة تعري بنية اجتماعية أكلها الدهر وشرب بنية ذكورية لاتعير للأنثى أدنى حق وتتدعي التدين وتتغنى بالإيمان ليل نهار ،ففي قراءتي هذه يمكن أن أعرج على بعض النصوص القصصية التالية:-

– ففي قصة ” أول ليلة ” تطرح قضية هامة وحساسة جداً “أول ليلة على فراش الزوجية وكيف غدت المرأة مجرد سرير عابر لرجل يشبع نزواته بعنف ضد أنثى رقيقة تحتاج لمشاعرالحب والأمن والثقة في هذه الليلة أكثر من عنف جنسي يمزق احشائها .

– أما في قصة ” سجن ” قصة جريئة إلى حد كبير تعبر عن كيف يمكن لمرأة تعيش مع رجل مثلي لايحتاجها وإنما يحتاج إلى رجل أخر.
– كذلك في قصة” قاتلٌ مُبتسم ” تتحدث هذه القصة عن نقطة حساسة كيف للشريكين أن يصلأ إلى ساعة الذروة والمتعة في ظل رجل يقذف بسرعة ماراثونية وامرأة تشتعل شوقاً بسرعة فكيف تجتمع السرعتان سرعة القذف وسرعة الشوق.

– إيضاً في قصة ” نساء الشاشات ” فالشاشة لذة مكتملة عند رجل مضطرب جنسياً فلم يعد للمرأة أي فرق بوجوده أو عدمه ، فأن جاء إلى السرير لاتنام من شخيره ، وأن ترك السرير لاتنام من القهر في كلتا الحالتين لاتنام.
– قصة “ماوراء الجدران ” قصة أكثر جراءة تعبر عن المسكوت عنه في العالم الخفي للمرأة وأي مرأة انحرفت عن السواء والطبيعي وكانت ضحية تنشئة اجتماعية سيئة تفتقر للقدوة الحسنة التي أهتزت بنظرها فوجدت مثليتها الأنثى عشيقه تتلوى حولها وتستعر فيها ، فهي خاوية من علاقة طبيعية.

– وعندما نعرج على قصة “ابنة السكران ” البنت التي طردها أبوها إلى الشارع كيف قادها هذا لتكون فريسة لذئب بشري تقبض منه الفتات مقابل متعة ليس هذا وحسب بل وصل الحد إلى استقطابها من قبل إحدى المدرسات لتكون ضمن مجموعة الجنس المثلي مع بنات جنسها.

– ففي قصة ” فيصل ونور ” تذكرنا القاصة/ الجفري بحرب 13 يناير1986م المؤلمة التي راح ضحيتها الألآف من الأبرياء مثل فيصل زوج نور والأب لثلاثة أطفال.

– أما قصة “قصوا شعري ” مفاداها أن المرأة ضحية في كل الأحوال حتى وأن تزوجت بالسر فزوجها المرتعش خوفاً من زوجته العلنية لن يحرك ساكن حتى لو ضربوا زوجته السرية وقصوا شعرها.

– وأخيراً قصة “الظلام الجميل ” فالأم قد تتحمل كل الظلم والعنف والإزدراء الذي يقع عليه من رجل فاشل عاطفيًا ومهمل نفسيًا بسبب صغارها ..فالبيوت كثيرة بمثل هكذا نساء يعيشنَّ على هامش الحياة كشجرة بلا أوراق وجسد دون روح…

– وختاماً يمكن القول أن هذه المجموعة القصصية قد كشفت عن المستور والمسكوت عنه فيما يخص المرأة التي تمزقها الخيانات بكل صورها وتعبث بها ذكورية مجتمع ينظر لها كنزوة عابرة على فراش الألم فهي ممزقة بين الكبت والقهر والحرمان مسلوبة الهوى والهوية فاقدة لكل خياراتها المصيرية ، فالمرأة خاوية الفراش بكل الأحوال بسبب الموت والحرب والخيانة والشذوذ وسلطان القبيلة وكهنوت رجل الدين فهي محاصرة بين الحرام والحرام فقط في واقع مكهرب يرمي بكل مشاعرها وعواطفها واحتياجاتها في أقرب حائط محاذي لرغبتها ، لكن بالمقابل هناك إشارة جميلة أستشفيتها من إهداء هذه المجموعة وهي الرجل الاستثنائي فليس كل رجل وحش وعابث وخائن فالرجل سكن للمرأة وأمنها وأمانها فالزوج المخلص جنة للمرأة والأب الحنون ملاذ لفتاته الحائرة والعاشق المسؤول عن وعوده ووجوده ثقة وحب لعشيقته…

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!