قراءة نقدية لنص فوضى غاوية للشاعرة التونسية بسمة مرواني

كتب : الشاعر والناقدسلطان الهالوصي 

يا الدمعة الراشحة ألما

زارنى ائتلافك حين فجاة

حين موقف حين الذكر تتسلل ملثمة

تاتينى مهربة

تخترق نفايات كل الصمت

مابين قضبان القلب والشفة

فاكفر بالنبراس والقناديل المطفأة

واحدق في الازرق

عسى الابواب تفتح زهورا ووحيا

وتنجلي دخانية الغين

فالطموح يا ربنا مخدول ومتآكل ومبتور

فهب لنا من لدنك طموحا

نرقى به لقارة النغم والحبور

 

نص من فئة القصة القصيرة جدا ( الومضة ) أسجل إعجابي له ..

وضعت القاصة الرقيقة عنوانا يحفظ للخاتمة صدمتها ودهشتها لجذب القارئ حتى نهاية النص .. والجميل فى العنوان أنه يحمل صفة المفارقة ! وهي إحدى خصائص نص الومضة فوضى…غاوية أي مغرية حتى الضلال

وهل هناك فوضى وفي نفس الوقت مغرية حد الضلال!

فالمفارقة بالتضاد تزيد إحساسنا بالأمر وإيصاله بطريقة أفضل من المباشرة.

بمهارة استخدمت الشاعرة خاصية التكثيف باستخدام أفعال الحركة القوية مثل … زارني ، تأتيني ، تخترق ، فاكفر ، واحدق ، تنجلي ، فهب ، نرقى

للإختزال والإقتصاد بديلا عن السرد وقد نجحت القاصة فى خاصية التكثيف.

بكل حنكة استخدمت القاصة اسلوب النداء مرتين فقط :

الأولى في بداية الحدث ..يا الدمعة الراشحة أملا

ونادت الأنا للقاصة من موضع المتظاهر بالقوة المتماسكة رغم الحدث وهو الدمعة المؤلمة داخليا والتي تنزل غصبا لا طوعا مسببة تلك الفوضى .

فالبطل هو أنا القاصة ويريد التماسك والتظاهر بالقوة رغم الألم..وتأتي الدمعة غصبا فاضحة ضعفها .. وتلك مفارقة جميلة

والمرة الثانية تستعمل النداء فى الإنفراجة وهي المخرج الجميل للخاتمة بالدعاء إلى الله .. ألا بذكر الله تطمئن القلوب.

وحين…. ، وحين …. وحين ..الإيحاء

بملازمة الحزن والأسى فى جل الأوقات والأحوال ..وكأنها تأتلف عليها الأعداء بتوالي انهمار الدمعة وراء أختها لكسر هذا التظاهر والتماسك فتصنع الفوضى.

وعلى سويحل التكثيف رمقت القطرة الفواحة عطرا أكثر من مرة فى بوحها…

تتسلل ملثمة ، مهربة

تخترق نفايات الصمت

ما بين قضبان القلب والشفة …الله ما أجملها من صور بليغة رقيقة جديرة بصنع فوضى داخلية ظهرت غصبا مظاهرها

المفارقة الأخيرة في الخاتمة

أنظروا:

الطموح يا ربنا مخدول ومتآكل ومبتور.

هب لنا من لدنك طموحا نرتقي به لقارة النغم والحبور.

وكأنك يا سيدتي تبحثين عن المدينة الفاضلة!

أسجل إعجابي وبقوة ، تقديري واحترامي ومودتي صديقتي الأديبة الأستاذة التونسية /بسمة مرواني.

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!