لمياء المجيد تكسر جداراً أخر للصمَت في أوج الرياء والتسلط في ديوانها ” صخب الألوان “

 

آفاق حرة

هاشم خليل عبدالغني – الأردن

صدر حديثاً للشاعرة التونسية لمياء المجيد ديوانها الثالث ” صخب الألوان ” عن دار زينب للنشر ،يحــتوي الديــوان ستــين قصيدة  مـــوزعة على 128 صفــحـة تتخللها لوحــات فنــية تشكيلية تخــدم غرض بعــض القصــائد، سبق للشاعـرة أن اصــدرت ديوانين همــا “حــين حررت صمتي ” ودــيوان ” موجات زفيري ” إلى جــانب كـتابــة بعــص الخـواطر والقصـص القـصيرة  وهـــذه الـــدواويــن ثمــــرة إبــداعها وتجربتها الشعـــرية الممتدة، التي شهدت نموًا وتطورًا من ناحية الرؤى والأدوات الفنية.

لمياء المجيد ابنة مــــدينة قليبية الواقعــة فــي الشمال الشرقي التونسي وهي من أهـــم مرافئ الصيد فــــي تونس ، وهي من اشهر المدن السياحية وتعتبر حوهرة الوطن القبلي .

لمياء المجيد تعمل حـــاليا في التدريس بدرجة أستاذة فوق الرتبة مميز  شاركت في العديد من الندوات و الملتقيات الثقافية و الأدبية، ونالت مجموعة من شهادات التشجيع و الشكر والتقدير والتميز والأوسمة و الدروع، من مؤسسات ثقافية عربية وتونسية ،ونُشرت بعض قصائدها بصحف ورقية، و مواقع إلكترونية بدول عربية و تونسية .

في ديوانها ” صخب الألوان “تلامس الشاعرة المعاناة التي عصفت بالشعب التونسي ،بعد الفشل الذي منيت به الأحزاب الحاكمة بعد الثورة ،وبروح ظمأى للتعير والتطوير وروح تعانق الحياة  ، تبحث لمياء المجيد عن خلاص الانسان التونسي من سلطة الأقوياء ،في مجتمع تحكمه ايديولوجيات متناحرة ومصالح ذاتية .

وتجدر الإشارة إلى أن الشاعرة اعتمدت على تقنيةغيرمألوفة في قصائدها السابقة تقنيةجديدة تجمع بين الفاظ غير مألوفة للقارئ،تحتاج لشرح وتفسير وهذا ما فعلته الشاعرة ، فيما يلي سنلقي الضوء على القصائد موضوع بحثنا .

في نص” الأرض ..قصيدة ” ترى الشاعرة لمياء المجيد ،أن البلاد تئن تحت واقع اقتصادي وسياسي متردي ،فشلت في علاجه عدة تيارات حكومية متتالية ،وتتساءل بألم وحب،إلى متى ستستمرأوضاع البؤس والشقاء، الى متى سيستمرالنزيف في بنية مجتمعنا التونسي ؟ ومتي يحدث التجديد ويتم التغير ؟

( اللّيلة شديدة السّواد ظلْماء … متى يغزرُ المطر ؟ ينزل الشّتاء

الأرض تنتحب .. الغصون يكسّرها الغضب

فتحات، تعرّجات، آلاف الحدود )

تعدد الشاعرة بعض الكوارث التي جلبها تجار الشعارات والأفكارالمهترئة المستوردة،الذين حشروا االطاقات المبدعة في شقوق خلقية، خنقوا أماني الشعب..وتسببوا قي هجرة الشباب عبر البحاروالمحيطات ،وافرغوا الوطن من طاقاته المبدعة، وضيقوا الخناق على الأحرارالشرفاء .

كما تشير لمياء المجيد للفشل الواضح ،في ادارة الملف الاقتصادي للبلاد وهذا الفشل ادى إلى الوضع الراهن ، من بطالة مرتفعة وانخفاض في القوة الشرائية وزيادة في التضخم.

 ( خنق الأماني .. ملء الخدود

و المُسابقين الموت .. برًّا و بحرًا .. كأنهار

طقوسٌ جنائزيّة للأحرار

تتلوها جلسة فاحشة خمريّة باقتدار

حُفرٌ مسدودة .. بزجاج مسحوق

حجر الصوّان مثلوب .. جيْبٌ مخروم

مَبْأَسَةٌ، أسعار من نار.. أين الدّينار ؟ ضاقت الأنفس

مصبوغة بالفضّة، بالدّمقس،.. بالوُعود… و الفعلُ مفقود )

وفي قصيدة ” الثّالثة… ثابتة”تتحدث لمياء المجيد عن الفلاح التونسي وتتساءل إلى متى سيبقى مهمشاً مذلولاً مهاناً؟ هذا الكادح الذي يعقدُ صداقةً مع الأرض والأشجار، الذي يُخطّط الأرض ويرسمُها بعرق جبينه وتعبه،وهو وحده الذي تبوح له الأرض بأسرارها، ويبوح لها بكلّ الأمل الذي يحمله لها؛ لأنّه يعرف قيمتها .

وتشيرالشاعرة للحيتان الذين يبتكرون في مصانع استغلالهم وجشعهم احدث الأساليب لسرقة عرق  الفلاحين الكادحين ..ويسوقون للناس معسول الكلام يقولون ما لا يفعلون ..

إذا حاول الفلاح أن يزرع الأرض ويعطي ، سلبوا جهده وارضه عن طريق التضيق عليه ،والتجارة في تعبه ، مما أدى الى خسائر ضخمة للفلاحين الذين أصبحوا لا يستطيعون تسويق محاصيلهم، وأصبحوا فريسة سهلة لاستغلال التجار وتحكمهم والذين يعرضون شراء المحاصيل بأسعار متدنية جدا ويقومون ببيعها باضعاف تلك الأسعار، فالشاعرة تطالب بالبحث والتدقيق في سلسلة العلل المؤدية لها، ومعالجتها  معالجة علمية منصفة .

(( هذا الفلاّحُ… إنْ يزرَعْ ، قمحًا، شعيرًا…أحرقوا أرضهْ

و النّصفُ الباقي محْصُولُهْ … يُكبّرُ اللّهَ في ليْلِهْ

إنْ قُلنا المحصولُ موْفورُ..يَفِي القاصي… و الجارَ…

رأينا المركبَ يرسُو سكْرانا… منَ التِّبرِ، يُحمِّلُ أطنانا

سُلطانُ البرّ و البحر

و صدى الزّجَلِ يُمزّقْ…. غُبارَ العيشِ… و الحاضرْ…

بالأمسِ القريبِ، لمْ يكنْ هُنا أبدا…جَحْجَاحًا

اليومَ مُسَوَّدُهَا و سيِّدُها

الفلاّحُ يُلمْلِمُ ألحانهْ … يختنقُ بِمَذَاقٍ غيرِ زيتونهْ

يُنَكِّسُ شُمُوسَ تِيجَانِهْ ))

 لا يغيب عن ذهن لمياء المجيد أن تذكرنا ، أن المتكبرالمتعجرف القادرعلى تحمل التكاليف الباهظة، لنمط حياةٍ فاخرٍ لا مثيل له،ومن يلبس الحرير، ويتكئ على الوسائد الفاخرة، لا يمثل الشعب، ولن ينصف المعذبين .

(( لمْ يعُدْ حَشْوَ قميصي .. منْ يجعلُ الدِّمَقْسَ لِباسَهْ

الكِبْرُ مَقَاسَهْ .. يُصفّفُ النّمارقَ مُتّكَآ

و يُخاطبُ القومَ… منْ عَلْياءْ…))

تبحث الشاعرة عن وطن أجل وانقى واطهر،فتقارن بين ما عشقته في وطنها وبين ما حل به مع ظهور الجماعات التكفيرية المنحرفة عن منهج الله عزوجل،فالشاعرة  تناجي الوطن ، بنبرة هادئة تعلوها ضبابية حزينة،تستذكرالشاعرة  كل ما عشقته في وطنها، خصب سهوله ،شموخ جباله ،نقاء سمائه،وزرقة بحره ،صفاء سمائه موسيقاه وموشحاته.. ولكن يا وطني،بفعل الإنتهازيين والمرتزقة ،تكدرت حياتنا وفكرنا وازدات ظلمة،وزاد قلقنا وغمنا،وتداخلت امورنا وزادت التباساً،فأصبحنا نعيش أزمة هوية وتشوش الوعي لدى شعبنا .

إن لمياء المجيد تحلم بوطن آمن تسوده السكينة والحرية ،وتؤكد أن الانتماء والوفاء والفداء للوطن ، فالعشق لك يا تونس.

(( وطني…أحببت فيك اللّون الأخضر …رائحة الثّرى بعد المطر

اليومَ أُشرِبتِ الأرض بلون الدّم، ينسابُ أحمر

عشقت فيك زُرقة البحر.. بياض الغيْم.. صفاء السّماء

اليوم الجوّ تكدّر.. بقتامة الغيْضِ .. حقدِ الدُّخَلاء

أنا اليوم أحترق فوق النّار

صدحتُ معك المالوفَ و المُوَشَّحْ

الأفق بالبكاءِ و الزّغاريدِ  ..اليومَ تَوَشَّحْ

أُسافر في المدى .. أحلم بالصّفاء

أجلس على شاطئك المرمر .. يحرسني القمر

أسأله وطنًا… لونًا أجمل…))

المتناقــضون كمــا تراهــم الشاعــرة لمياء المجــيد ،هــم الــداء الأكبر الذي يعانيه المجتمع التونسي لأنهم عدلوا عــن الــطريق المستقيم عــمــدا او سهــوا كثيراً أو قلــيلاُ،بـحثاً عن مكــاسب ذاتـية فــالشاعرة تحــذر من المضللين ،وتنبة الناس إلى ضرورة اتقائـهم، ولــن يـــتأتى ذلك إلا بالعــقل الـــراشــد الـــذي يتمـــتع بالنباهــة والفــراسة، فتصـف الضلال بشــوك حــاد،يـدور ليحط مـن قيمة مـوروثنا الإنساني كــالورم النافــر فــي الجــرح ، يحــتسي الفســاد ويعاقـــره، كـذبا وبهتانـا يلبسون ثوب الوعي والادراك والاستقامة ،وهم لا عهود او مواثــيق لهم ،يحــقرون الأبية مـــن النساء .. الحيية البكر التي لم تمس .

( الضَّلالُ … كَمَا القَتَادِ   … يَحُومُ… يَنْكُزُ التِّلَادَ  

كَمَا الوَرَمِ… في الجرحِ ينفرُ  … يُعاقِرُ الفسادَ

زِيغًا… يتجلْبَبونَ بالرّشادِ … لا مِيثاقٌ، لا عهودٌ

يَزْرُونَ عالياتِ الهَوَادي ….يَمُورُونَ بين أَبَايَا الخَرائِدِ 

بحْثًا عن الوِسادِ ….بعد انتهاءِ المَزادِ)

        تـتحدث الشاعرة لمياء المجيد فــي قصيدة ( يــا وطناً ) عن اخفاق مشروع الأحــزاب الدينية والعلـــمانية الحــاكمة، وتــؤكد أن هـــذا الاخــفاق لــم يأتِ عــبثاً أو نتيجة لمواقف سياسيــة أو آيديولوجية معينة، وإنما جاء بعد تقويم تجربة باتت تمثل خطراً حقيقياً على الشعب التونسي ومقدراته ومكتسباته.

فتخاطب الوطن تونس بلوعة وألم ، يا وطناً اتعبته وآذته الأمراض السياسية والاجتماعية والاقتصاية المتتالية ، منذ أمد بعيد ، ياخضراء .. لم ارَ من خضرتك وثرواتك الطبيعية ،إلا ما في جيوب المتنفذين وقصورهم ،او في الأناشيد والأغاني  فقط ، لم أرَ أي شيء ملموس على ارض الواقع .

( يا وطنًا… بَرّحْتَ في العِلَلِ… عِلّةٌ تتلوها علّة

منْ قرطاجة المهد ..منْ إفريقيّة.. منَ الثّورةِ

خضراءُ… ما شهدتُ خضرتها …إلّا في قصور ذَوِي الحِقْدِ

أوْ تَرْنيمةٍ لِقصيدٍ ..عزْفًا على مقامِ النَّاهَوَنْدِ)

وتتساءل لمياء المجيد هل أحلم بربيع تونسي ، تتحقق فيه النهضة في كافة المجالات الحياتية ، وتتابع الشاعرة مؤكدة أن النهضة لن تتكلل بالنجاح في مجتمع لا يتم فيه ضمان الحقوق والحريات الأساسية، والعدالة للإنسان التونسي .

( أ أَحلُمُ فيكَ بربيعٍ منَ الوردِ…؟ منَ الشّمسِ أغزلُ خيوطًا

إلى الوَهْدِ مُمْتدِّ …و أنا… وحدي…أمْ بخريفٍ فيكَ مُرْبَدِّ…؟)

ترى الشاعرة أن أن صورة تونس في ظل ( مجلس النواب )الذي اطلقت عليه الشاعرة مجلس المعرة أي ( العيب ، الإثم ، العري، الإساءة )صورة كئيبة حزينة تدمي العيون أسفا على ما أصاب تونس العزيزة الكريمة، من ضعف وهزال وهوان، وهي التي عرفها التاريخ والجغرافيا قائدة للتطور والحضارة الانسانية وحامية ومخلصة لأمتها من القهر والضيم..تونس لم تفقد كرامتها وعزتها بشكل يضاهي ما فقدته اليوم ،في عهد احزاب نيابية كل منها يعتبر نفسه مملكة مستقلة .

تشير الشاعرة أن النواب يدخلون للمجلس عراة من الفكر والمادة يتحركون بالريموت ،وفق إرادة سيدهم الذي أوصلهم للمجلس ، فهم نواب بلا سمات وبلا ملامح، ولكن حالهم ينقلب للضد حين يغادرون المجلس ، يستعرضون بطولاتهم الكرتونية ،برؤوس حامية مستأسدة ، فهم اصحاب الماضي المجيد ،وهم البصيرون بالامور ،وهم في الحقيقة أقل الناس شأنا ومكانة ،يتحركون في دائرة ضيقة بين المفاخر والمعايب كما تسخر الشاعرة من النواب اثناء سير الجلسات، لأن كل منهم بواد يهيم .

(يَدخلونَ أعْراءً…. رُكُونًا على المَجالس

كأنّهُمُ الصّلصالُ … اسْتوَى في يدِ الخزّافِ

فَخّارَا.. يُغادرونَ…و الهَامُ رِئْبالُ  ….

و هُمُ الخوالي و الدّواهي … و الحالُ… نِعَالُ…

يَتَثَلَّمُونَ… بين المَنَاقِبِ و المَثَالِبِ … حرفه

ذَا يُرْعِيكَ سَمْعًا … و ذاك يُهَوِّمُ ….. ذا الصّوتُ لاقِحُ ……

و ذاك زفْرَةٌ لَهُ تَنْقَصِمُ … بين التَّوَانِي… و النِّزالِ… 

بين التّمادي…و الإعلالِ… يُرفَعُ المجلسُ)

وعما يحدث في مجلس النواب  من كوميدياء سوداء، تواصل الشاعرة لمياء المجيد ، فضح وتعرية ممارساتهم في قصيدتها “نوائب ” الذي تحول لمهزلة لتتحول قبة مجلس الشعب وجميع هياكله إلى ساحة للصراع وتبادل العنف المتواصل بين البرلمانيين الذين تفرقهم جميع الملفات والمواضيع الجادة ، في هذا المجلس تحولت أحداث العنف والتشنج والاحتقان إلى خبز يومي بين نواب البرلمان التونسي الذي أضحى حلبة صراع مفتوحة بين مختلف الكتل البرلمانية.

هل هم نواب أم نوائب ؟؟ ما هذا السعار الذي أصاب مجموعة من النواب  طيلة سنوات مضت ، هذه المجموعة التي جيئ بها في عتمة ليل انتخابات وهمية ، لا هَمَ لهم الا البحث عن العز والجاة والمال ، جاءت هذه المجموعة بأوهام وخزعبلات، حسبهم المواطنون رجالات وطن وهم لا يستحقون أكثر من لقب طبل أجوف .

( وُلاةٌ…نُوّابٌ…نَوَائِبُ…لا يَمينٌ، لا عهدٌ، لا ذِمَمُ

مجلسٌ… شُورى…قلبٌ… نداء…اِئْتلافٌ…خِلافٌ…

وِفاقٌ…نِفاقٌ…مَا زَعمُوا…بِئْسَ الجُنَاحُ .. كلّ سبّابةٍ غرقت

في زُرْقة الحُلُمِ

في كلّ آنٍ ….قَبَسُ ذُكاءٍ، يكادُ ينْبلِجُ …رِدّةٌ لظلامِ اللّيلِ

لها قِدَمُ…لا يكفُّ اللّسانُ عن الشّتْمِ، عن التُّهَمِ ، تحت قُبّةٍ

مُمَثّلُها ظالِمٌ أَثِمُ …لِسلطانِ الوَجَاهَةِ …والمالُ مُحْتَكِمُ )

تخاطب الشاعرة في” قصيدة استفهاميّة”المتنفذذين الجدد، الذين يمارسون ظلمهم  تحــت غطاء قــانوني ، وتتساءل ألم تروا الجياع وما هــم فيه من قهر وإذلال،؟! ألــم يئن الأوان لترفعوا ايديكم عن خبز الفقراء ؟ اتركوا الــناس تعيش حياتها كما تريد ، ففي عهدكم تناسل الجوع والفقر.

 كـــما نلحــظ مــن خــلال ثنايا النص، أن الشاعرة تـدعـــو للتخلص من العبودية الناعمة ،التي تمرغ كرامة الإنسان في الوحل، وتهبط يثقافه المجتمع للـحضيض تريد الشاعرة أن  يمارس الشعب حقه ويعبر عن ارادته ليرى العالم معاناته .

( أَلَمْ تر إلى الجِياعِ  ….كيف مدّت الأعناق ؟

ألمْ يئِنْ لِلَّذينَ عَظُموا …أنْ يرفعوا الأَكُفَّ عن الأعذاق ؟

هلْ للزّهور الواقعة تحت وقْعِ السّنابك

منْ ساقٍ ؟ .. لِمَ يرتابون ؟ )

وعن الشهداء الأبرار تتحدث لمياء المجيد في قصيدة( الشهيد ) بعزة وكبرياء وفخر ملفوف بالحسرة والرجاء ،فللشهداء الأبرارمكانة خاصة في قلوبنا ،الذين اخلصوا للوطن وضحوا من أجله بكل شجاعة وبسالة ، قدموا ارواحهم ودماءهم من اجل عزته وكرامته ،وحققوا انتصارات وبطولات مشهودة .

وتشير الشاعرة في نصها، أن وراء كل شهيد امرأة تقف كوطن، حكايات بطعم الألم ومرارة الفراق ، سردتها الأمهات الثكالى وهن يتذكرن لحظة رحيل زهرة العمر والشباب، ولم يجزعن ووجدن فى بقاء الوطن واستقراره العوض والخير والسكينة رغم الحزن الذى يعصر قلوبهن، يشعرن بالفخر لأنهن قدمن لتونس رجالا هزموا الرعب من الموت، والخوف من طلقات الرصاص، وتصدوا للإرهاب الغاشم بكل بسالة وصمود وقدموا أرواحهم قربانا لأرض الوطن . أم الشهيد ” أجمل الأمهات “كما قال عنها محمود درويش ( أجمل الأمهات التي انتظرت أبنها ، أجمل الأمهات التي انتظرته ،وعاد مستشهداً، فبكت دمعتين ووردة )

( أَلَا يا أمَّ الشّهيدِ جُودي بالدّمعِ انهمارا

فَفِي الدّمع تسْري راحةُ الصّدر

وَارَوْا قُرَّةَ العين التّراب .. دَثَّروه بالتُّربِ و الصّخر

بِئْسَ حوادثُ الدّهر .. إنَّ الموتَ غدّارُ

و إنَّ لِصُرُوفِ الدّهرِ أطوارا ..حُلْوُ الحياة يَليهِ فراقٌ و إمْرَارُ

وَلْهَى اِبْكيهِ .. حَقَّ لكِ أن تذرفي الدّمعَ مِدْرَارا

و أبٍ ذِي الرّجاحةِ و الصّبرِ ..ما تبكيهِ بِنَزْرِ

إذا ما خَلَتْ لك الدّارُ ..ما شاء كان بِمِقدار

تلك مشيئةُ الأقدار…)

 خلاصة القول : ترى لمياء المجيد.. أن هناك بون شاسع بين مصالح النخب السياسية، ومصالح الناس ،حيث يسعى الكثيرون من المنضويين تحت لوائها، لتعظيم مكاسبهم الشخصية والعائلية ،وتأمين مستقبلهم متخذين من المصلحة العامة وسيلة لتحقيق مكاسب خاصة، والتي ما أن تتحقق حتى يضربون عرض الحائط ،بمصالح الناس التي طالما تغنوا بها.

كما اشارت لمياء المجيد إلى أن الأحزاب المتعاطية بالشان السياسي، تبيع للشعب التونسي وعوداً وهمية ، ولكن الشعب لم يعد يشتري هذه الوعود الكاذبة .

يفهم ضمناً من قصائد الديوان أن الشاعرة تطالب بحياة معرقية ،فالمجتمع المعرفي حلم شعبي إنساني ، في مراياه الثلاثة ، الحب ،العلم ،العدل .

ولا يسعني في نهاية هذا المقالة المتواضعة ،إلا أن اتمنى للشاعرة لمياء المجيد موفور السؤدد، وهي تشق طريفها صوب امتلاك ناصية الحرف العربي ، مع خالص التقدير والإحترام .

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!