الفضائيات مراهقة سياسية بقلم الأستاذ قُصي الفضلي

قصي الفضلي .. يكتب :

الفضائيات مراهقة سياسية

تمخضت متابعتنا لأثير القنوات الفضائية العربية المتعددة الميول والانتماءات الفكرية والسياسية وما نشاهده من كم هائل من الـ (برامج ) التي تعنى بالشأن السياسي ، لكون السياسة هي (الشحنة الموجبة ) ، التي تدير وبشكل أساسي كل الفعاليات الحياتية وما يصدرعنها من قرارات مؤثرة تلقي بظلالها الوارفة على تفاصيل حياة المواطن .

شخصنا من خلال رصدنا للبرامج الحوارية وما يتوجب عليها من واجب مهني لتسليط الأضواء على قضايا الساعة الساخنة وهموم الوطن ، وشاهدنا بكل يسر عدم موضوعية و ضعف وهشاشة وضبابية خطابها فكرياً وحوارياً وعدم القدرة بالتأثير في الشارع والمواطن على حد سواء ، وافلاس ( البعض ) من مقدمي البرامج وفقدانهم السيطرة على إدارة الحوار وقيادته الى بر الأمان و الخروج بمحصلة نهائية لقضية المطروحة على طاولة النقاش ، لجملة من الأسباب ولعل اهمها افتقار مقدمي او مقدمات البرامج لـ (كاريزما )، الواجب توفرها بالإضافة الى عدم امتلاك الجراءة والشجاعة جراء الضعف الواضح في الجوانب الثقافية لمن يتابع ويشخص بعيون (الخبير) ، فضلاً عن فقدان المعايير المهنية وعدم الايمان بكون (الإعلام) رسالة تحمل في ثناياها مضامين انسانية ،واتخاذ المنبر الإعلامي كمهنة فقط وبوابة لكسب لقمة العيش ، ما جعلهم في شبه عجز عن وضع العلاجات والحلول الناجعة لموضوعة النقاش .

اليوم اصبحت البرامج الحوارية منبراً واسع المدى للمهاترات الإعلامية والتجاوز والنيل المقصود لمن يستدعي ظهورهم كـ (ضيوف) وعبر شاشات تلك الفضائيات للاستعانة بخبراتهم وآرائهم تحت عناوين ومسميات (الناشط ) المدني، وتارة كـ(فطحل ) في الشأن المعني واحياناً (محلل) سياسي وصولاً الى لقب خبير (استراتيجي) ، وهم بشكل وآخر يتحدثون بمصطلحات عقيمة وتكرارها أمامنا ، والمناداة بلغة المصالح المقيتة لتحل بديلاً عن الوقائع وايجاد الحلول العقلانية و الايجابية المأمولة ، ونستمع لسيل من اتهامات الجارفة بالسرقة والفساد والخيانة ، والعزف على اوتار المصالح الطائفية و الحزبية والفئوية وانغامها (المشروخة ) ، والتحدث علناً و بلغة التحدي وجرح المشاعر والأستئناس بضرب المصلحة الوطنية و أمام أنظار جميع المتابعين ، فضلاً عن استثمار الأحداث التي تطفو على السطح سواء في الجوانب الأمنية و الإقتصادية و السياسية وحتى الرياضية لأنها تهم شريحة الشباب الواسعة ، والأهداف واضحة تماماً لكل لبيب وهي السعي في الميدان والتنافس لأسقاط و التسقيط (الأخر) ، و إثارة البلبلة والإرباك والقلق في المجتمع سعياً لنشر الفوضى وبقاء وطننا العربي في خضم ازمات متتالية ودوامة الخلافات .

ونختم سطورنا بالقول ان حرية التعبير في الوسائل الإعلامية حق مكفول دستوريا ً ويعد من المظاهر الايجابية المعبرة عن مدى حرية وديمقراطية الدولة ، ودعامة أساسية تقوم عليها الأنظمة الحرة والمتحضرة .وحرية الصحافة تعني : (ان للصحفي الحق في الحصول على المعلومة اللازمة ، وله حرية القول ونقل المعلومة واضافة لذلك فله الحق في حرية البحث ومناقشة الآراء والاتصال بالآخرين )، لذا نجد لزاماً على (بعض ) القنوات الفضائية الابتعاد عن السير في الدروب الوعرة و المنعطفات الحادة بغية الابتعاد عن التخبط الذي يشوه رسالة الاعلام السامية والناصعة والمضي قدما ً بعيدا عن مرحلة المراهقة السياسية ، والنضج في أساليب الطرح والقيام بالواجبات الوطنية المنوطة بهم وعدم جعل الفضائيات اسواق لمزادات (بيع)علنية على قضايا وطننا وجراحاته النازفة.

والله والوطن من وراء القصد

دمتم بخير ولنا عودة

عن نوار الشاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!