fbt

الفكرة والمقصدية/الروائي محمد فتحي المقداد

مقالتي (2) لهذا الأسبوع في جريدة أخبار اليوم السودانية.
……..
الفكرة والمقصديَّة

بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد

الفكرة عمومًا ما تخضع لدواعي كاتبها. في شتّى أحوالها. وتأتي على قدَر هِمَّته واِسْتطاعته السيطرة على جُموحها، واِخْضاعها لتستجيب لمآربه، وأهدافه المُعلنة والخفيَّة.
فهل باستطاعتنا نفي البراءة عن الفكرة؟.
لا يمكن تخيُّل أيّة فكرةٍ خاليةٍ من قصدٍ ومقصَدٍ، ومقياس قوَّة الفكرة وجودتها وأصالتها؛ تأتي من مقصديّتها ذات البُعد المؤثّرة إيجابًا أو سلبًا في محيطها الاجتماعيِّ، أو الإنسانيِّ عُمومًا.
الفكرة المُثقلة بُحمولتها المقصديّة تفرضُ نفسها على معطيات السّاحة بلا مُنافسة، وإن كان هناك مُنافس سيتراجع بكلّ تأكيد، هذا إذا لم ينحسر إلى درجة التلاشي والاندثار. معنى أنّ الفكرة ستنفرد بالسّاحة استبدادًا، لبسط سطوتها على العقول انبهارًا واستلابًا للعقول والأفهام.
فيتكاثر مُنظّروها لاحتضانها، واعتناقها بقوّة، مهووسين بفرادتها، لتتَّفق الذهنيّة الفلسفيّة في عُقولهم، وتهجسُ بها نفوسهم؛ هنا لا بدّ من التوقُّف أمام حالة بدرجة أصبحت ظاهرة لا يُمكن تجاوزها، فإمّا مُعاداتها والوقوف في الصفّ المُغاير لها بعناد وعُدوانيّة.
وإمّا أن تكون في ركابها، من عِدَاد أتباعها ومُحبّيها؛ فتتلقاها بمحبّة عن طيب خاطر، وبكامل الرّضا لتتشرّبها حدَّ الثُّمالة بهوَسٍ، وانجذاب روحيٍ. هنا لا بدّ من التوقّف أمام نقلة نوعيّة على صعيد أيّ شخصٍ وصل إلى هذه النُّقطة، لا أقولُ إلّا أنّه سيكون من دُعاتها العاملين على نشرها، مع ملاحظة أنّ موهبة الشخص لتجعل منه مِحوَرًا، يتمحور حوله الأتباع والمؤمنون، بتلقينهم ما تبيّن له من علم، وسيزيد عليه خبرته، ومعارفه المختزنة فيه.
إذا وصلت الفكرة هذا الحدّ بعد تجاوز مرحلة المؤسّس والتأسيس؛ لتدخل في طَوْر التجذّر، تليها مرحلة الانتشار خارج نقطة مركزها، وحمَلَة الفكرة: هم العاملون على تسويقها من خلال منصَّات الخطاب المُتاحة لهم، كوسائل الإعلام المسموعة والمقروءة، وحاليًّا وسائل التواصل الاجتماعيّ واليوتيوب، وهو ما ساهم في تخطي الحدود والحواجز، ورقابة المنع والحذف التي فقدت معناها، وخسرت كلّ أوراقها لصالح حريّة الكلمة على الإطلاق، إلّا من رقابة الضمير الحيّ اليقظ الغيور على الإنسان لأنه إنسان أوّلًا، والحرص على عدم إيذائه بالإفساد الأخلاقي والعقائدي والاجتماعي، وصولًا للخير المطلق المُنجي للبشريّة، مقابل حملات التخريب والتهديم لمنظومة الأخلاق.

عمّان – الأردنّ
ـــا 14/ 6/ 2021

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!