المثقف العربي … بين عصا التخلف وعجلة التغيير ؟

 بقلم:حيدر هادي الخفاجي

يراهن الكثير من الحالمين بالتغيير على دور المثقف العربي في عملية التغيير السلمي وخلق دولة علمانية يسود فيها القانون والنظام .ورغم ان كلمة ( مثقف ) هي كلمة ( حمالة اوجه ) شأنها شأن الكثير من الكلمات ذات الخاصية المطاطية مثل ( مجاهد ) و( مناضل) و(رجل دين) و(بطل ) و( محترم) وغيرها فان الكثير من رواد المنتديات الثقافية والكثير ممن يحملون هويات المنظمات والاتحادات والنقابات الثقافية والادبية والاعلامية والصحفية ومن رواد مقاهي الرصيف ممن يحملون الحقائب المستطيلة المتدلية على الجانب هم (انصاف او ارباع مثقفين ) اذا ما تم قياس مقدار الاشعاع الصادر منهم لانارة زاوية مظلمة من زوايا المجتمع .
ان التفريق بين المثقف واللا مثقف يفترض وجود خط فاصل بين الشخصيتين ولكن في الحقيقة ان من يقف على الجهة الثانية المقابلة ( للمثقف الايجابي )هم انصاف وارباع المثقفين والجهلاء والمغيبين عن الواقع وهم اكثر خطرا من العدو الذي يخطط خارج الحدود ، بل هم ومن حيث لا يشعرون فانهم من اسلحة العدو التي تفتك بالبلاد…
ان المثقف التقليدي العربي يضع المنصب في اولويات اهدافه بعد ان يتاكد له مع نفسه فشل مشروعه الثقافي لذلك نجد ان اغلب ( واشدد على كلمة اغلب لكي لا اتهم بالتعميم ) قيادات الهيئات والجهات والاجهزة الاعلامية والثقافية والادبية دائما والتي يترأسها غالبا الديناصورات الذين لا يجيدون صنع التغيير الايجابي في المجتمع فتراهم يتهافتون على ( التكريم ) وان كان من مجلس فاسد او هيئة فاسدة او محافظ سارق او مسؤول ملوث او وزير مرتشٍ ويتصارعون على كراسي الاتحادات والمنظمات والهيئات والنقابات ليلمعّوا صورتهم البائسة بعد فشل مشروعهم الثقافي والذي يكون غالبا قد تلون بالوان السلطة في كل عهد مضى وصولا الى هذا الوقت.
ان ( المثقف الايجابي ) او ( المثقف التنويري ) او ( صانع التغيير ) او (المثقف الحقيقي) او اية تسمية تصب في نفس المعنى يعاني من محنة حقيقية وهي ان اعداد (مدّعي الثقافة)او نستطيع ان نطلق عليهم ( مثقفي الولائم ) يزداد عددهم ويتكاثرون انشطاريا في حين يعاني (المثقف الايجابي )من ( تحديد النسل ) بفعل محددات النسل الحكومية والتجهيل الفكري الذي تقوده سلطة العقل العربي الحاكمة عبر اذرعها المتعددة ومنها ذراع مدّعي التدين و المتأسلمين وذراع ( مثقفي الولائم) و( قنوات اعلام السلطة ) وذراع ( المجتمع المتخلف) الذي يعتقد البعض من قصيري النظر بأن التخلف لا تراه الشعوب الاخرى وان عدم الاعتراف به امام الغير هو نوع من الوطنية !!!
ان ازمة التغيير في المجتمع العربي في اغلبه تنبع من ( مدّعي الثقافة) الذين يضعون عصا التخلف في عجلة التطور ويهرولون بسنواتهم التي تجاوزت الستين والسبعين واجسامهم التي انهك بعضها المرض والعجز الى كراسي المناصب متخذين من ( كهلة العروش ) الذين يولدون و يموتون على كرسي الحكم مثلا اعلى يحتذون به ، في نفس الوقت الذي ينشغل فيه المثقف التنويري بمشروعه الثقافي جاعلا من كرسي المنصب حطبا يتدفأ عليه في برد المنافي او في بيته البسيط الذي يعيش فيه في حي بسيط في مدينة عربية ( متخلفة ) غالبا…
ان السلطة التي تمارس دورا تجهيليا بحق شعبها تسلم المناصب الاعلامية والثقافية غالبا الى من يشاركها الجهل والتخلف لخلق البيئة العفنه التي تساعد على نمو (فطريات الثقاقة البائسة) !
لذلك فان عملية التغيير تعتبر عملية معقدة جدا لان العنصر الرئيسي في التغيير في كل العالم المتحضر هو نفسه المستفيد من الوضع القائم المتخلف فيعمل بجد وبعمل ممنهج مدعوم داخليا وخارجيا من اجل بقاء الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر ان يسلم امره لله بانتظار معجزة قد تأتي …

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!