*زيتون المعتقل وزيتون أم خالد* بقلم المحامي- محمد الغانم

لصحيفة آفاق حرة
_______________

*زيتون المعتقل وزيتون أم خالد*

بقلم المحامي- محمد الغانم

*بت منذ سنوات أتأخر في فطوري وهي عادة تكاد تكون مكتسبة ومن وحي وبركات بل – سيئات – النزوح واللجوء نتيجة السهر حتى الفجر …*

*إن فطوري المعتاد لايخلو من الزيتون سيما الزيتون الأخضر ومَنْ مثلي لديه من زيتون المباركة أم خالد واليوم وبعد تناول إفطاري تفكهنت على صحنٍ من الزيتون ومع الانتهاء بدأت بِعَدّ النواة فوجدتها ٢٨ وكل ما أحتاجه اليوم إلى خمس أخرى لأصنع منها سُبّحَةً وهي سُبّحَة قصيرة تعدل إيمانياتي وتقصيري وليست بالقطع كَسُبّحَة أمي التي يصل عددها ١٠١ نواة …*

*أترك إفطاري الذهبي وأعود بكم إلى ذكرياتي مع زيتون المعتقل …*

*للزيتون أيام الاعتقال ذكريات وسأرسم لكم بكلمات بعض المشاهدات ولن تكون على الإطلاق ببلاغة الواقع الذي عشناه …*

*زارنا الزيتون خلال فترة الاعتقال الأخيرة ثلاث مرات بواقع زيارة واحدة كل شهرين وكانت بمجملها زيارات سريعة خاطفة يغلب عليها النظر عن بعد …*

*أذكر مرة وقد سئمت من سوء طهي البرغل وهو الوجبة اليومية شبه الوحيدة وليته برغل أخذ حقه من النار أو زاره وتخلل حباته القليل من السمن النباتي أو زيت القطن والصويا أو زيت المعدن أو حتّى ما حرّمه الشرع من شحوم البقر والثيران … أذكر أن الجلّاد إياد – لا حفظه الله – دخل مبتسمًا على غير عادته وبيده كيس من النايلون تسبح بداخله حبّات من الزيتون وأمّا الماء فلونه أصفر على أخضر ويعلوه العفن بلونه الأسود على أبيض وقام بتسليم العهدة الإيادية إلى اللئيم رئيس المهجع وما أن أغلق الجلّاد علينا الباب حتى تفتحت أساريرنا ووقفنا فرحين على أرجلنا ومن شدة فرحنا شهقنا – زيتون يا إلهي – وتحولقنا حول رئيسنا الخبيث لكنه نَهرَنا بأن عودوا إلى أماكنكم قبل أن أنادي على الجلاد إياد وعُدْنا مكسوري الخاطر وبعدها بدأ هو بالتوزيع على طريقته بحيث أعطى كل واحد منّا ٥ حبات من الزيتون وخصّ زبانيته برشوة وإضافات من الفلفل وقشور الليمون كي يكسب وِدَّهُم وأما ماء الزيتون فقد سمح لنا بأن نَدُسَّ خُبزتنا اليابسة به بحثًا عن الملوحة والحموضة والسعيد منّا من افتقده رئيس المهجع برشوة أو بقشرة ليمون وإن بدت متهالكة وهكذ فقد تبخرت فرحتنا بقدوم الضيف الجديد وبقينا ننتظره إلى أن زارنا بعد شهرين وقبل الخروج ولم تكن زيارته الأخيرة بأحسن حال من زياراته الأولى …*

*ربما لا تصدقونني إن قلت لكم بأني بت بعد خروجي أعشق الزيتون عشقًا لقداسته أولًا ومن ثم لما ترك في نفسي هناك من ألم وأوجاع …*

*أعشق الزيتون وآله وأصحابه وماءه وليمونه ونواه سيما زيتونات أختي أم خالد …*

*#خربشات_أبو_غانم.*
…..
إربد/ الأردن

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!