عندما تخلط أمريكا الأوراق! / بقلم: خالد ديريك

 

 

 

ربما لم ينبه أحد من المحللين والسياسيين، ومنذ اليوم الأول للحراك الشعبي وإلى الآن أن يصل الوضع في سوريا إلى هذه الدرجة من التعقيد والتشابك في المصالح والتغيير في المواقف السياسية والمفاجئات في النتائج العسكرية، إنها معارك كسر الإرادات وفرض الحلول بالقوة النارية والتوسع والتوغل بأي طريقة كانت على حساب الدماء السورية.

أما حديث الساعة هو عن ترك أمريكا القوات السورية الديمقراطية (الكُرد والعرب والسريان) في سوريا بلا أي حماية بين الحشود والتهديدات العسكرية التركية والسورية بعدما كانوا في نظر العالم جنود شجعان، ساهموا بشكل كبير بإبعاد شر تنظيم “داعش” عن العالم وأسقطوا عاصمة الخلافة المزعومة (الرقة)

هؤلاء الكُردالذينكانواضحاياالتقسيماتالاستعماريةفيالقرنالمنصرموجدواأنفسهمفيمواجهةأنظمة لا تؤمنإلابلونواحد،وتقمعهمبشتىالوسائللمجردإنهمأكراد، إلى حين تسليط تنظيم “داعش” عليهم وعلى بقية المكونات في سوريا والعراق،ولايزالونيبحثونعنالهويةالوطنيةعادلةوالحقوقالقوميةمستحقة …

أمريكا تنسحب!

بالرغم من النفوذ الأمريكي الجزئي في العراق حاليًا ووجود قواعد عسكرية لها هناك، لكن، مع انسحابها العسكري الكبير في نهاية 2011 أطلقت اليد إيران أكثر في هذا البلد والمنطقة، فهل سيفعله دونالد ترامب في سوريا كما سلفه في العراق!؟

لاتتركأمريكاأيأرضدخلتها،بسهولة،مالمتجدمنيحفظعلىأقلمصالحهاهناكأوتحاولالعودةمرةأخرىمنخلالالفوضىالخلاقةأوإذاكانالبديل الممنوح لهاأفضل،البدائلهناليستالمال وحده فالدولالكبرىكأمريكاتبحثعن أراضبمافيهاوالقواعدالعسكرية لتتحكم بمصائر الشعوب والسلطات وتضبط إيقاع السياسات،وخاصةفيالمناطقالساخنةكَــ سورياالتيتشكلجسرًابينبغدادوبيروتحيثالمحورالإيرانيالذييكنالعداءلها،زدعلىذلك،تعدخطوةالانسحاب الأمريكي من شرقي الفرات في سورياتقويةلـدورمنافستهاروسياالمتعطشةللمياهالدافئةفيالشرقالأوسط، ومحطة لإنعاش داعش مرة أخرى …

 

محنة الكُرد، ودخول العرب!

وبعد تقوية دور دمشق بمساعدة حلفاءها على حساب وهن المعارضة وتشتتها، والتي وظفت أغلبها نفسها كـأداة لتحقيق الأهداف والمآرب الداعمين لها وخاصة تركيا التي سلمت مدن وأرياف للمحور الروسي في اتفاقيات مشبوهة،ولملمة تركيا فيما بعد لهؤلاءالمعارضين العسكريينوحشدهمفيبعضجيوب منالشمالالسوري كيتستخدمهمفيحربهاالمعلنةمنذعقودضدالكُردولإجهاض المكتسباتالكُردية السورية هذه المرة، لكن توجه مجلس سوريا الديمقراطية مؤخرًا صوب دمشق وموسكو جعلت تركيا تتباطأ في تنفيذ تهديداتها الأخيرة باجتياح شرقي الفرات…

أما مسألة منح واستعادة الحقوق الكٌرد من النظام في دمشق وفي الوقت الراهن وبدون إسناد وضغط إقليمي ودولي لن تتحقق، سيحاول النظام استعادة كامل المنطقة على طريقة ما تسمى بالمصالحات المحلية… وإذا عادت أمريكا هذه المرة بشكل مباشر أو غير مباشرلخلطالأوراقمنجديدفإنها ستحاول دفع كُرد سوريا والأتراك إلى التصالحلمواجهة التمدد الإيراني …

ونستنتج مما سبق إن توجه بعض الدول العربية نحو دمشق مؤخرًا هو ليس إلا محاولة من هذه الدول وخاصة الخليجية ومصر لإبعاد سوريا عن خطر التغول التركي والإيراني وإعادتها إلى عمقها العربي قدر المستطاع، تبقى هذه المهمة ليست سهلة، لأن حلف طهران مع دمشق ليس وليدة اليوم وقد تعاظم أضعاف المرات منذ 2011 والتوغل التركي أصبح واقعًا، وبرضى المعارضة التي تشكل نسبة كبيرة من الشعب السوري، وإذا ما أراد العرب أن يبعدوا الهاتين القوتين الإقليميتين عن سوريا فإنهم بحاجة إلى دعم الروس والغرب أيضًا، وهنا تتشابك المصالح وتكمن المعضلة  فالانسحاب الأمريكي المزمع من شرقي الفرات هو في جزئها ترضية لتركيا لمساعدتها في مواجهة إيران، والروس بحاجة إلى إيران بشكل أو آخر لمواجهة الغرب… فهل ستنجح الدول العربية!

 

 

.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!