مشروع تكثير الحوادث/بقلم الكاتب / سعد بن عبدالله الغريبي

تتشابه أحياء الرياض الحديثة في تخطيطها فلا تكاد تفرق بين حي وآخر. وأقصد بالحديثة التي أنشئت في شمال الرياض بداية الطفرة عام 1395 /1975 وما بعدها. يتوسط كل حي من هذه الأحياء مربع تلتقي فيه أربعة شوارع متوسطة الاتساع (36 مترا). عمدت أمانة مدينة الرياض في الآونة الأخيرة إلى تنظيم هذه المربعات بحيث أصبحت ذات اتجاه واحد، وقد زيد في مساحة الأرصفة المخصصة للمشاة ومواقف السيارات على حساب الممرات المخصصة للسيارات مع أن المشاة لا يمثلون ما نسبته واحد بالمائة من عدد السيارات، ومع أن مواقف السيارات لن يستخدمها أحد لأنها بعيدة عن المتاجر والمنازل، وقد اعتدنا – مع الأسف – ألا نوقف سياراتنا إلا أمام المنازل أو المتاجر التي نقصدها حتى لو اضطررنا إلى وقوف مزدوج أو عشوائي!

وحرصا من الأمانة وإدارة المرور على استخدام المربع كاملا أثناء التنقل في الحي فقد أغلقت كل الفتحات في الشوارع الأربعة التي تؤدي إلى هذا المربعات حتى تجبره على دخول المربع ولا يغير مساره قبل وصوله إليه!..

سيكون الوضع جميلا لو أننا في مجتمع يراعي الأنظمة ويحرص عليها حتى لو اختفى الرقيب، لكن الواقع المشاهد يقول عكس ذلك تماما.. الواقع المشاهد يوميا أن سائقي السيارات يضيقون ببعد فتحة الدوران، أو يرون أن لفة كاملة عبر محيط المربع ستقضي على وقتهم الثمين؛ فيلجؤون لاختصار المسافة بعكس السير، أو تجاوز السرعة إلى ضعفها خاصة أنه لا يوجد في هذه الشوارع الداخلية وسائل مراقبة كآلات التصوير التي تشاهد في الطرقات السريعة والشوارع الكبيرة، أو رجالِ مرور راجلين أو درّاجين. ولذلك فبدلا من القيادة الهادئة الحكيمة التي تتناسب مع هذه المشروعات التحسينية والتطويرية لشوارعنا ومياديننا أصبحت هذه الشوارع ميدانا للمخالفات المرورية على مختلف أشكالها من عكس سير وتجاوز غير نظامي وسرعة فائقة ومجالا للحوادث المرورية اليومية..

أول الدروس التي يتعلمها المتدرب على السياقة هو أنه حين يخرج من شارع فرعي إلى شارع رئيس فعليه أن ينظر أولا إلى شماله ليتأكد من خلو الشاعر من السيارات القادمة لكنه الآن مضطر للتوقف تماما والنظر في كل الاتجاهات!

أنا لا أعذر السائقين المخالفين لكني أوجه عناية المرور والأمانة إلى عدم تشجيع السائقين على ارتكاب المخالفات، فما الذي يضير لو أنه أوجد أكثر من فتحة في الشوارع المؤدية لهذه المربعات قبل بلوغها لا سيما أن السرعة القصوى في هذه الشوارع لا تتجاوز الخمسين كيلا في الساعة، كما يمكن تلافي الحوادث بوضع (مطبات) صناعية قبل هذه الفتحات تجبر السائقين على خفض سرعتهم. ولا أنسى تكثيف اللوحات الإرشادية مع ضرورة وجود مراقبة من جنود المرور ولو غير منتظمة..

وأخيرا أقول للسائقين المتهورين: هدئوا النفوس تهدأ الشوارع!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!