مواطنون لا رعايا / بقلم: البشير عبيد ( تونس )

آفاق حرة 

العارفون بخفايا الامور و كواليس المشهد السياسي التونسي لا يستطيعون اخفاء المازق الذي وقعت فيه الطبقة السياسية بكل اطيافها الفكرية و تعبيراتها الايديولوجية٫خاصة التحالف اليميني الاسلاموي و الليبرالي الحداثوي الذي يتحمل مسؤولية العشرية السوداء التي عاشها شعب تونس رغما عنه..الثابت في هذه المرحلة المثخنة بالجراحات و الاخفاقات و النكسات في كل الميادين٫ان بوصلة الخروج من النفق السياسي المظلم بستدعي فورا٫اليوم قبل الغد٫صياغة برنامج وطني للانقاذ تلتف حوله كل مكونات الحركة الديمقراطية الاجتماعية و نشطاء المجتمع المدني في شكل تحالف واسع لا يستثني أي طيف سياسي سوى المجموعات المتاقضة فكريا مع قيم الجمهورية الديمقراطية بافقها الاجتماعي و سيادتها الوطنية و علوية القانون دون نسيان محاربة الفساد و الافساد بلا هوادة…ان هذا التحالف السياسي و المدني بين القوى المؤمنة بتونس اخرى ٫بامكانه خلق الحدث الذي انتظرته جماهير هذا الشعب الكادح و القطع مع منظومة 24 جويلية و ما احدثته من دمار و خراب و فساد في كل دواليب الدولة و حياة الناس….بالامكان تسمية هذا الكيان السياسي و المدني الحامل لمشروع وطني تحرري للانقاذ تحالف تونس الحرة….لابد هنا من التذكير للذين خانتهم الذاكرة ان هذا التحالف التحرري الواسع الحامل لمضامين الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية كتب عنه المفكر الاشتراكي التقدمي الكبير انطونيو غرامشي و اسماه الكتلة التاريخية٫كما كتب عنه المفكر العربي المستنير محمد عابد الجابري…..
مواطنون لا رعايا ، هذا الشعار البليغ الضارب في الصميم لم يكن واردا في المرجعية الفكرية و العقيدة السياسية لانظمة الاستبداد و الاستغلال في الوطن العربي و كل اقاليم العالم ٫ لسبب بسيط مفاده ان هذه الانظمة لم تقم على أرضية صلبة و غابت عن تصوراتها المواثيق الدولة لحقوق الإنسان ٫بل لم يكن الإنسان هو المركز و الجوهر و الاساس مثلما كتب عنه و نظر له المفكرون الكبار ٫شرقا و غربا…..
ليس خافيا على أحد أن انظمة الاستبداد و الاستغلال ٫ليس في قواميسها و مرجعياتها قيم المواطنة التي نادت بها الحداثة من منظور الديمقراطية الاجتماعية و ليس النيولبيرالية التي تنظر الانسان كسلعة و بضاعة تباع و تشترى هنا و هناك……
ان التغيير المامول والذي تنتظره الشعوب المقهورة و المسلوبة الارادة ٫هوالتغيير الحامل لمشروع قيم المواطنة بما تعنيه مقاصده الجوهرية التناقض بل التصادم مع منظومة الرعايا بما تحمله في مرجعياتها من ضرب كامل للحقوق و الحريات اقتصاديا واجتماعياً و ثقافيا…

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!