تتردد على مسامعي هذه الأيام أسئلة متكررة بطريقة ملفتة. أسئلة حول ما إن كان اللقاح المنتظر ضد فيروس كورونا ناجعا ، أحقا يضمن مناعة فعالة ضد المرض؟ والأدهى إن كان يخلو من أعراض جانبية؟ وأنه سيُسبِّب مضاعفات وخيمة مستقبلا ..وفي كل مرة ينزل علي هذا الوابل من الأسئلة ، يأخذني في تفكير عميق ..هل من حقنا أن ننتقد اللقاح، هل قضينا الأيام والليالي في المختبرات و المعامل في البحث و التجريب لإنتاجه لإنقاذ البشرية من هذه الكارثة العالمية ، ما الذي نملكه من مقومات لنقبل أو نرفض أو بالأحرى للتشكيك في نجاعة اللقاح أو سلامته ، نحن مستهلكون بامتياز ، رغم كل السنوات التي قضيتها في تحصيل العلم، فأنا أعجز عن الجواب فمن لا ينتج العلم لا يملك أن يناقشه ، ما البديل الذي يمكن أن نقدمه، ثم إننا لا ندري ما قدمته حكوماتنا من تنازلات أو ربما تضحيات لنكون من أول الشعوب التي تحظى باللقاح.
كان بإمكاننا التباهي بمعارفنا و والاعتزاز باختراعتنا زمن ابن سينا ، أبي بكر الرازي ، جابر بن حيان ، ابن النفيس و الكندي …و اللائحة طويلة.. زمن مضى، كان فيه الغرب يتهافت لترجمة الكتب والمؤلفات العربية ..
في نفس السياق و دون أن أدري قادني التفكير إلى الاستغراب و الذهول من حال البعض الذين تأخذهم الحماسة و هم مستلقون على فراش مريح، مغطون بأغطية دافئة بعد وجبة عشاء دسمة، ليُسرِّجون خيول الكلام ثم يمارسون النضال على ساحة الفيسبوك، و ينصروت العروبة على انستاغرام .. و يسجلون براءة اختراعهم على التويتر ، فأحمدُ الله أن ساحات المعارك هذهِ لم تخترع إلا حديثا وإلاّ لما فتح طارق ابن زياد الأندلس ، ولما وصل العثمانيون أقصى البقاع..و التاريخ حافل..
تعيدني مريضتي إلى أرض الواقع و هي توجه لي سؤالا مباشرا لا يترك لي مجالا للمرواغة،
-هل سأخذين جرعة اللقاح دكتورة؟
-أجل سأفعل ..لقد تعبت.
-حقا؟
-نعم سأفعل ، و لندعو الله ألا نستجدي الغرب أن يصنعوا لنا آخر جديدا بسبب الطفرات الجديدة …