“نقد النقد: مقاربة في المفهوم والاستراتيجية والمنهجية”

آفاق حرة.

 

“نقد النقد: مقاربة في المفهوم والاستراتيجية والمنهجية”، دراسة جديدة في مجلة أدب ونقد، القاهرة، العدد (420)، إبريل 2023.

أ. د. مصطفي عطية. مصر.

وخلاصة هذه الدراسة أنها تقدم تعريفا تأصيليا لمفهوم نقد النقد بأنه: خطاب يبحث في مبادئ النقد و لغته الاصطلاحية و آلياته الإجرائية و أدواته التحليلية.
فهو قراءة على قراءة، فالناقد يقدم قراءة نقدية للنص الأدبي موضع التطبيق، ومن ثم ينتج خطابًا عليه، ويأتي نقد النقد مناقشا لهذا الخطاب. وبذلك نخرج من الفهم المغلوط الذي نجده لدى البعض، بمثابة تعديل أو تصحيح لخطاب الناقد، أو إعادة إنتاجه بالشرح والتفسير والتوصيف، أو حتى النقيض من هذا أو ذاك، وهو الهجوم الكاسح، الناتج عن موقف رافض، مثلما رأينا عند رافضي النقد الحداثي، الذين رفضوه بناء على قناعات إيديولوجية أو بالتلقي السلبي الذي يضع حاجزا نفسيا أمام الجديد، دون أدنى استعداد لفهمه بشكل إيجابي، ينظر إلى الفائدة والإفادة والجدة والرؤية وطبيعة النهج العلمي بآلياته وطروحاته.
فهناك من قرأوا المناهج الغربية الحداثية ورفضوها وهم يقرؤونها دون محاولة النظر إلى مقدار ما أضافته للدرس النقدي الحديث في الأدب العربي. وهناك من رفضوها لدواعٍ خاصة بغموض الخطاب النقدي العربي الذي قام بنقدها، حيث أمعن بعض النقاد الحداثيين في نخبوية الخطاب إلى درجة الإلغاز، أو من بالغ في التنظير، وأضفى على المنهج الكثير من المديح والحفاوة، ولكن وجدنا قصورا واضحا عندما جنح إلى التطبيق. وكانت الآفة أشد، عندما رأينا نقادا نقلوا النظريات النقدية الغربية في مؤلفات لهم، لمجرد مواكبة موجة النقد الحداثي التي انتشرت مؤخرا، ولكن ممارساتهم التطبيقية نأت بهم عما نقلوه، وتمسّكوا بما ألفوه من طرائق نقدية تقليدية.
ومن المهم التنبيه على أن عملية نقد النقد تتجاوز النقاش العلمي الذي نجده في عروض الكتب، أو مناقشة الرسائل العلمية، أو التعليق على بحث أو كتاب، والمراجعات العلمية من المختصين. فنقد النقد نشاط علمي مستقل له منهجية، تتجاوز الإطار التعليمي والإرشادي إلى الاشتغال على خطاب الناقد نفسه: المفاهيم، الأفكار، المرجعيات، الآليات، الممارسات التطبيقية. وهذا من شأنه أن يكسب نقد النقد أهمية كبرى، فلن يتعامل الناقد الثاني مع الناقد الأول من باب المراجعة العلمية فهذا مستوى أولي، وإنما يشتغل على الفكر والنظرية والتطبيق.
إن من أهداف نقد النقد – بوصفه نشاطا وتلقيا للنقد الأول- إيجاد خطاب نقدي، ينتج جدلية مثمرة، من أجل دراسة الجهد النقدي المبذول في قراءة النص الإبداعي في ضوء المنهجية المطروحة، ومن ثم النظر في مدى توفيقها في استنباط معاني النص، وكشف خصوصياته. وكذلك السعي إلى كشف جوهر الممارسة النقدية ذاتها، وتفكيك منطقها، وفحص آلياتها وإجراءاتها و مرجعيات أصحابها الفكرية والنظرية والجمالية. ومن هنا، فإن نقد النقد جهد علمي، يسير في دروب عدة، منها النظر إلى التطبيق في ضوء الطرح النظري، ومناقشة التأسيس النظري ومرجعياته الفلسفية والعلمية، والنظر في جهد الناقد نفسه وسعيه في التطبيق على الإبداعات، من حيث توفيقه في الرصد والإجراء والتحليل والاستنباط والتأويل.
فالوعي بنقد النقد، يأتي على مستويات عديدة، تشكل مدخلا للقراءة والتحليل، بمعنى أننا في دراستنا لأعمال ناقد أدبي، لابد من الولوج لأعماله من زوايا متنوعة، أولها: مفاهيمه النقدية التي تشكل رؤاه التنظيرية، فالكارثة تتحقق عندما نكتشف أن هناك من يرغي ويزبد في تحليل النصوص الإبداعية، وهو بلا مرجعية نظرية، فالذوق والانطباع والخبرة المكتسبة هي الأساس في تقييمه، وهذا شأن كثير من نقاد الصحافة والمجلات والمنتديات الأدبية، ونرى أن هؤلاء في أفضل الأحوال متذوقون أكثر من كونهم نقادا، شارحون للنصوص الجيدة، يقفون عند الدرجات الأولى من السلم، وهي الإرشاد المحدود للمبدع في أخطاء وثغرات.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

تعليق واحد

  1. يونس الشلبي

    لا أعتقد أنه من السلامة الأدبية ان نضع النقد محل نقد . ثم ننقد نقد النقد … الى سلسلة لا تنتهي.
    لهذا اعتقد ان يسمى الأمر بحوار النقاد. والا ستعم الفوضى وتتشكل الفئويات المتعصبة للاشيء يتعالى افرادها بعض على بعض بلا سبب وجيه..

اترك رداً على يونس الشلبي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!