أقاصيص أقصر من أعمار أبطالها / بقلم : طارق امام

ليعيش اسمي، ربيتُ أسرةً رضيعة. ظللتُ أرعاها بمولود جديد كلما خط شاربٌ وجه طفل أو داهم الدمُ عانة طفلة. لم تكن علامات النضج تُغيّر شيئاً من طفولة أبنائي، لأن كل ذلك كان يحدث قبل أن يقف الواحد منهم على قدمين.

 

كل هؤلاء أنجبتهم لكي يُوزَّع الموتُ على السنوات بالعدل، لكي يتفرق الحصاد بين مواسمي، لكي يظل واحدٌ على الأقل حياً بعد موتي.

 

رغم ذلك ظللنا في العمر نفسه، نحبو معاً. لم أكن بين أبنائي أكثر من طفلٍ أتى قبل موعده، أخ غامض أنجب أشقاءه.

 

في لحظةٍ ما، عندما أصبحنا مدينةً كاملة من الأشخاص الذين لا يكبرون، عندما كففتُ عن تغذية العالم بأطفالٍ ينتهي مستقبلهم بتعلم المشي.. بدأنا نشيخ.

 

في اللحظة نفسها، وبالوتيرة ذاتها، صرنا بلداً من التجاعيد. كأن كل هذه السنوات، كل هذه الفتوق بين إخوة لم يتشارك اثنان منهما الزمن نفسه، لم تكن.

 

كأن كل هذه الولادات المتباعدة كثقوب سجائر في ثوب الدنيا، وُجدت فقط لكي نموت معاً.

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!