أنا لا شيء/بقلم :عمر محمد العمودي

‏أنا لا شيء…
مجرّدُ كذبةٍ
أنا الذئبُ الذي…
أكلَ يوسفَ!

أفكّرُ!

أُفكّرُ بالنصائحِ
التي ماتَ الآباءُ قبلَ أن يقولوها ..
بالشتائمِ
التي بقيت عالقةً
بعدَ اعتذارِ الطرفِ الآخر!

أفكّرُ بالأبناءِ الذين لم تنجبهم المرأةُ
التي أحبّت عقيماً

وبالأشهرِ المتبقّيةِ
من أعمارِ الذين ماتوا قبل ولادتهم

أفكّرُ بالغيرةِ بين عاشقينِ قبل أن يتعارفا،
وبالقبلِ التي أفترقا قبلَ حدوثِها

أفكّرُ بالصراخِ الذي لم يستطع إطلاقَهُ
شخصٌ يحتضرُ،
وبأوَّلِ مايراهُ الميتُ بعد أن تغادرَ روحُهُ

أُفكّرُ بالغضبِ المؤجّلِ
الذي لم تتسنّ لهُ الفرصةُ أبداً للظهورِ،
وبالحنانِ الذي ماتت الأمُّ
قبل أن تمنحَهُ لطفلِها اليتيم

أفكّرُ بمأوى الكلماتِ التي لم تجد أذناً تعبرُها، وبوجهةِ التلويحاتِ التي أخطأت مسارَها،
وبالنداءاتِ التي طُبقت عليها الأفواهُ
بعد أن تهيّأت للانطلاقِ

أُفكّرُ بالنظراتِ التي لم تستطع رفعَ الأجفانِ
التي أنزلَها الخوفُ لتحدثَ…
وبخيبةِ الغرقى
بعد إدراكهم أنّ أكثرَ شيءٍ
كان يمدّهم بالحياةِ، قتلهم!

أفكّرُ بالمرّةِ الأولى التي يحنُّ طائرٌ فيها لقفصِهِ، وبالمرّةِ الأخيرةِ التي يتوقّفُ فيها السجينُ
عن التفكيرِ بإطلاقِ سراحِهِ…

أُفكّرُ بأكثرِ كلمةٍ يريد أن ينطقَها أبكمٌ،
وبأكثرِ مشهدٍ يريدُ أن يراهُ أعمىً،
وبأكثرِ نداءٍ يودُّ أن يسمعَهُ أصمٌّ،
وبأكثرِ لحظةٍ يشعرُ بألفتِها المصابُ بالزهايمر!

أفكّرُ بالنصوصِ التي مازالت أفكاراً،
ولم يستطع الكاتبُ تدوينها،
وبحزنِ كلماتِ الأغنيةِ التي سقط “طلال مدّاح”
قبل إكمالِها…

أُفكّرُ بالضحكاتِ التي حبستها أخبارٌ سيّئة،
وبالأحلامِ التي لم يبلغها أحدٌ،
والأمنياتِ التي ظلّت بعيدةً،
والرجاءاتِ التي ماتت
في أفواهنا!

هذا اللاشيءُ، كيف يلدُ التساؤلاتِ؟
ما المصيرُ الذي ينتظرُهُ؟

ماذا عن “الذئبِ الذي أكلَ يوسفَ”…
كيف كانت ميتتَهُ؟!!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!