و هذا اللّيل نخّاس عجوز
مازال يعرّيني على منصّة الأبجديّة
كلّما مرّت بنا ذكرىات شبقةٌ فغمزته و دسّت ثمنا بخسا في جيب عتمته
كذكرى تلك الشّاعرة التي عبرتني
دون أن تخطّ قصيدة واحدة، باسمي، على صدري
و دون أن ترتشف كوب النسكفييه خاصّتها بمباركة شفاهي
تلك الشّاعرة التي تركتني نائما على صدر حلمي
و تسلّلت على أطراف حلمها نحو اللاوداع و اللالقاء!
أو كذكرى حبيبتي العصفورة
التي تركت أبواب دهشتي فاغرة
و طارتْ
طارت لأنّ أصابعي لمْ يتمّ رسكلتُها لتصير أشجارا محمّلة بالأعشاشْ
لأنّ أصابعي لا تجيدُ إلّا بناء القصائدْ
و لأنّ صدري ليس بيتا كبيرا يطلُّ على حديقة!
ذكرى كلّ قطّة تمسّحتْ بقدم ظلّي الأعرجْ
ففررتُ منها لأنّي على حبْ
و ذكرى عمود الإنارة العامّة
الذي كان بإمكانه أن يشهد ولادة قُبلة من رحم شفاهي
ليتبنّاها ثغر أنثى جريئة
و لكن ماتت القُبلةُ بسبب سوء تقدير للمسافة بين ثغرينْ
كذلك ذكرى القطارات التي لا تُجيد إلّا تبادل مناديل الوداعْ
من أجل كلّ هذه الذكريات و أكثرْ
مازال اللّيلْ قاطع الفرح و النخّاس العجوز
يُعرّيني على منصّة الأبجديّة…
الليلة
لا ذكريات تشتهي شرائي
ينهال الليل على ظهر جرحي بسوط العتمة
و يصرخ
أرقص.. أرقص.. أرقص
أرقص فرحا
أرقص وجعا
أرقص و أرقص
فأرقُصْ
ثمّ ينادي في الملأ:
مهرّج للبيع
بثمن بخس
فمن يشتريه؟!
و أنا أصرخْ:
يا سيّدي اللّيلْ
عرّني كما تشاءْ
بِعني بضاعة لا تردُّ و لا تُستبدلْ
و لكن يا سيّدي الليلْ
غطِّ بابتسامة صفراء جرح قلبي
فجرح قلبي عورة إن بدتْ لهمْ بخسوا ثمني أكثرْ
و بارت بضاعتك يا سيّدي الليلْ.