ابتسامة صفراء / بقلم : هيثم الأمين

 

 

و هذا اللّيل نخّاس عجوز

مازال يعرّيني على منصّة الأبجديّة

كلّما مرّت بنا ذكرىات شبقةٌ فغمزته و دسّت ثمنا بخسا في جيب عتمته

كذكرى تلك الشّاعرة التي عبرتني

دون أن تخطّ قصيدة واحدة، باسمي، على صدري

و دون أن ترتشف كوب النسكفييه خاصّتها بمباركة شفاهي

تلك الشّاعرة التي تركتني نائما على صدر حلمي

و تسلّلت على أطراف حلمها نحو اللاوداع و اللالقاء!

أو كذكرى حبيبتي العصفورة

التي تركت أبواب دهشتي فاغرة

و طارتْ

طارت لأنّ أصابعي لمْ يتمّ رسكلتُها لتصير أشجارا محمّلة بالأعشاشْ

لأنّ أصابعي لا تجيدُ إلّا بناء القصائدْ

و لأنّ صدري ليس بيتا كبيرا يطلُّ على حديقة!

ذكرى كلّ قطّة تمسّحتْ بقدم ظلّي الأعرجْ

ففررتُ منها لأنّي على حبْ

و ذكرى عمود الإنارة العامّة

الذي كان بإمكانه أن يشهد ولادة قُبلة من رحم شفاهي

ليتبنّاها  ثغر أنثى جريئة

و لكن ماتت القُبلةُ بسبب سوء تقدير للمسافة بين ثغرينْ

كذلك ذكرى القطارات التي لا تُجيد إلّا تبادل مناديل الوداعْ

من أجل كلّ هذه الذكريات و أكثرْ

مازال اللّيلْ قاطع الفرح و النخّاس العجوز

يُعرّيني على منصّة الأبجديّة…

الليلة

لا ذكريات تشتهي شرائي

ينهال الليل على ظهر جرحي بسوط العتمة

و يصرخ

أرقص.. أرقص.. أرقص

أرقص فرحا

أرقص وجعا

أرقص و أرقص

فأرقُصْ

ثمّ ينادي في الملأ:

مهرّج للبيع

بثمن بخس

فمن يشتريه؟!

و أنا أصرخْ:

يا سيّدي اللّيلْ

عرّني كما تشاءْ

بِعني بضاعة لا تردُّ و لا تُستبدلْ

و لكن يا سيّدي الليلْ

غطِّ بابتسامة صفراء جرح قلبي

فجرح قلبي عورة إن بدتْ لهمْ بخسوا ثمني أكثرْ

و بارت بضاعتك يا سيّدي الليلْ.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!