الكاتب بين القرار والقلق (خاطرة) بقلم الروائي محمد فتحي المقداد

لصحيفة آفاق حرة:
ــــــــــــــــــــــــــــــ


الكاتب بين القرار والقلق

(خاطرة)

بقلم الروائي محمد فتحي المقداد

بداية لنتفّق على كلمة كاتب، تكون مُصطلحًا للتعبير عن مدلولات بِعَيْنها، تتمثّل في المُفكّر والفيلسوف والشاعر والقاصّ، وغير ذلك ممّا يتعلّق بأوجه التدوين والإبداع، بمختلف أشكالها وأنواعها بتشكيلاتها الثقافيّة.
ولنتوقّف عند كلمة، القَرَار للتثبّتُ من مُقاربة معناه على وجه الدّقَّة: هو الرّأْيُ يُمضيه مَن يملِكُ إِمضاءَهُ، بأمر صادر عن صاحب نفوذ أو رأي، بالاستقرار والثّبات على رأيٍ مُعيّن. وكما ورد عن سيّدنا عليّ بن أبي طالب: “ولا رأيَ لِمَن لا يُطاع”.
والقرار عند الكاتب كما أراهُ، هو الاقتناع فيما بينه وبين نفسه، بالاقتناع للتوقّف عند نهاية الفكرة، أو المُتابعة. والاقتناع إمّا يكون ناتجًا عن عجزه عن مُجاراة إشباع الفكرة إذا كانت قويّة، وإيصالها إلى قرارة مُنتهاها في دائرة مركزها الاقتناع منه أو من قارئه.
وإمّا أن يأتي عدم اقتناعه، لعدم رِضاهُ عمّا كتبَ، ويطمح للأفضل ووصولًا بفكرته إلى مرحلة التألُّق والتفرُّد، هنا تتجلّى المُنافسة على القمّة، وهو ما نعني به التفوّق على محيطها من الأفكار المماثلة لها.
أمّا المساحة المُتاحة للمنافسة واسعة تبتلع المزيد والمزيد بلا توقّف، وفي بعض الحالات ربّما لا تتّسع، وهنا تتكوّن فكرة المُستحيل المُقيم في رؤوس العاجزين والكُسالى، ممّن اِسْتَمْرؤوا الرّاحة مُؤثرين القُعود، وعدم المُغامرة، إمّا لنفاد هِمّتهم بإظهار عجزهم، أو خوف الفشل الذي يُفقدهم الكثير، وما دروا أن الفشل طريق النّجاح، والقدرة على مُقاومة أسبابه ودواعيه.
لكنّ إفراد المساحات الذهنيّة عند الكاتب، لا تأتي أبدًا من فراغ، بل نتيجة معارفه المُكتنزة، وخبراته المُكدّسة في مُستودعات ذاكرته؛ يستدعيها عند اللّزوم لِمَلْءِ هذه المساحات باقتدار وثِقَةٍ، وتبقى الخيوط مشدودة بيده: وهو ما نعني به القّدرة على اتّخاذ القرار، وذلك من خلال تشكيل حالة من المُمكن وصفها بظاهرة، جديرة الالتفات إليها، والتوقّف في رِحابها للقراءة والتأمّل والدّراسة والمُدارسة.
كثير من الكُتّاب يصل إلى مرحلة من تشكيل هويّته الأدبيّة في جنس مُعيّن، فيتوقّف عند ذلك، مُدّعيًا بأنّه أصبح ذو بصمة محجوزة باِسْمه، ومعلوم أنّ البصمة هُويّة غير قابلة للانتحال والتزوير أبدًا، وهو استعارة من بصمة الإبهام بدوائرها الدّقيقة، يستحيلُ تشابهها بين بني البّشر. برأيي أنّ هُناك البصمة العاديّة، والأخرى الذهبيّة.

(من كتابي – كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

عمّان – الأردنّ
30\ 3\ 2021

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!