حبال/ بقلم : بسام الحروري

____

منذ انفصاله عن حبله السري وهو يمعن في البحث عن سر الحبال
فقد رافقه الحبل منذ طفولته حيث كانت أمه تشد وثاقه بحبل غليظ في غرفة مظلمة لشدة شقاواته ، ومن كوة في محبسه تنفتح على السماء أدمن التأمل في النجوم المطلة ببريقها, وبات الفتى يتسائل ، هل هذه النجوم المدلاة كثريات معلقة على حبال مفتولة بعناية؟ أم أنها مجرد طيوف تتهادى وما تلبث أن تتلاشى عند مطلع الصبح؟
حتى حبال المطر – كما خيل إليه- التي كانت تمد معونتها إلى إلى الأرض العطشى ثم تتلاشى وتختفي،كانت قد استحوذت على شيء من تفكيره المربوط بالحبال
وفي طفولته أيضا جرب لعبة شد الحبل والذي لطالما جرّه ورفاقه إلى مربع الخسارة ، لم يستسلم ،جرب القفز على الحبل مع رفيقات طفولته لكنه في كل مرة كان يتعثر ويسقط معفرا وجهه
على تراب خساراته مما جعله مثار سخريتهن ، وبسخرية طلبن منه ترك لعبة الأحابيل التي لايتقنها غيرهن ، اتسعت رقعة خياراته تجاه الحبال فعند اشتداد عوده قرر العمل في فتل حبال السفن لكن البحر والعواصف غيبا كل السفن اللاتي أوثقن إلى حباله في حال رسوهن في ميناء ما
حتى المرساوات لم يصمدن في تثبيت سفينة واحدة شدت إلى حبل من صنعه فطرد من عمله , لم يترك حبلا إلا وعلق عليه أملا، فقد علق آماله على كل حبال الرجاء ولم يفلح حتى حبال الغسيل جربها فطارت كل آماله وأمانيه ، فكر في الحبل الأخير الذي سيضع حدا لمأساته
وبينما هو يتدلى من أنشوطة حبل المشنقة تذكر أن ثمة حبلا لم يجربه.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!