هي والزلزال (خاطرة) بقلم. نجيب كيَّالي

 

آفاق حرة

 

بعد أسبوعين من الزلزال أتيتِ
وفي يديكِ منديل فوقه زهراتُ ياسمين، قالت عيناكِ: كفاكَ حزناً، قرَّبتِ المنديلَ من أنفي، اختفت البيوتُ المدمَّرة في تلك اللحظة، بسمتُكِ صارت في الأرض والسماء، صارت فوقَ الأمكنة، صارت هي الأمكنة.
أنا لا أستطيع النومَ منذ أيام، كلُّ الضحايا يحضرون إلى وسادتي، كلُّ العمارات المنهارة تأتي! أرسلي لي في صندوق البريد يا حلوتي بعضَ الأحلام الجميلة، لعلني أغفو بعد هذا الأرق الطويل.
في الطريق زلزال آخر كما يقولون عندما يأتي ليتكِ تكونين بقربي، فأنتِ وحدكِ قادرةٌ أن تمسكي الأرضَ من أطرافها، قادرةٌ بذلك السلام العجيب الذي يملأ عينيكِ أن تجعلي الزلزالَ يخجل من نفسه.
لو اقتربَ الموت مني وكنتِ بجانبي لن أشعرَ بالخوف، سأرنو لعينيكِ، ثم تخرج روحي براحةٍ.. بطمأنينية كتنهداتِ طفل أو زفرةِ عطرٍ من زهرةٍ على كتف الربيع.
تحسب أوجاع الشيخوخة لكِ ألفَ حساب، فقبل أن تدخل إلى غرفتي تسأل هل هي هنا؟ فإذا كنتِ في الداخل ولَّتِ الأدبار.
*

٢٠٢٣/٢/٢٨

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!