في أم الدنيا (11) بقلم : محمد صوالحة

من هنا نهضت حتشبسوت لتنقذ موسى من الغرق ، لتأخذه وتتبناه ، وفي هذا المكان صرخت أسيا ” ربي ابن لي قصراً في الجنة ونجني من القوم الكافرين”، هنا ولد أول الموحدين من الفراعنة وهنا قتل.

  • الساعة الآن التاسعة هيا يا أبو صخر لنعود.

– هيا ولكن أبو سليمان أتمنى أن انزل في أول حي السيدة.

– لماذا ؟

-لا أدري بي شوق لأن أسير فيه ليلاً

– ولكن هل تستطيع العودة للبيت .

تقاطعه الفاتنات سنكون معه يا أبي، آآه ما أسعدني ، سأكون برفقة الملائكة لوحدنا سنيسر في المكان، سأضحك دون أن أخشى من نظرات أبو سليمان، أعوذ بالله منك أيها الملعون .. عد لنومك ولا تستيقظ ، وعندما وصلنا أول الحي توقف أبو سليمان، وقال: هيا قد وصلنا ، لكم أن تترجلوا وتعودوا للبيت سيراً على الأقدام .

مدهش هذا المنظر  خيالي هذا الواقع ،أسطورية الحياة هنا، هل يعقل أن هذا ليل ؟

وإن كان كذلك لم الناس لا تعود للبيوت ، لم خلق النهار ، الشوارع ما زالت مكتظة ، والمقاهي مزدحمة ؟ أين عمان منك؟

صحيح أن في عمان سهر ولكن بحدود، أين الزرقاء ثاني مدن المملكة ببلادي والتي تغرق في نومها بعد العشاء، هنا الإنسان يعيش حياته كاملة بلا نقصان، النوم لا يسرق منها إلا لحظات قليلة، هنا القاعدة تقول :

ما أطال النوم في عمر ولاقصر في الأعمار طول السهر

ما عدا ذلك فهو الاستثناء، ابتعنا الذرة المشوية ، أكلنا الكشري ، ركضنا خلف بعضنا ، تجولنا في كل أنحاء الحي ، ولا أدري كيف ثار السؤال بداخلي وينطلق على لساني ، ألا تخشين من كلام الناس وانتن تتمشين في هذا الوقت المتأخر من الليل برفقة رجل غريب؟

– ردت سحر؛ أولاً نحن واثقات بأنفسنا ثقة لا يزعزعها شيء في الوجود ، والأهم أن الأهل واثقون بنا وبمن معنا لذلك لا يهمنا ما يقول الناس، ثانياً هل تخشى من شيء من تسير برفقة أخيها أو عمها ؟

أذابتني كلماتها خجلاً، جعلتني أبصق على نفسي لتلك الأفكار التي كانت تراودني، وصلنا إلى البيت منهكين ، سحر فنجاناً من القهوة السادة ، عفوا أريد كوبا من القهوة ، حاضر جلست إلى أبي سليمان قليلاً من الوقت وصعدت إلى غرفتي ، بدلت ملابسي وجلست قبالة التلفاز ، أشاهد برنامجا ثقافياً وكان ضيفه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، والحديث كان يدور حول تجربته الحياتية سواء في السجون، أو انخراطه في الشيوعية إلى أن وصل المذيع لسؤاله هل تؤدي العبادات ؟ وكانت الإجابة بالنفي بحجة أن الله لا ينظر إلى أفعالنا وإنما ينظر إلى القلوب .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!