dav

اهلنا بين 2011-و2020/ بقلم المهندس قاسم الحوشان عياش

لصحيفة آفاق حرة:
________________

أصدقائي :

كلنا دون استثناء شمال خط الاستواء أم جنوبهُ في سوريا موالاة ام معارضه نشرب حالياً من مرار نفس الكأس .
نطوي الأشياء كلّها ……نخوض في أرض تشعّ بقتلاها ……
ونتجرَّدُ من اليقظة…… لنلتصق بالنسيان الذي باغت دفأنا…….وجعلنا مثل زقاق يلتقم الأحزان…..لا مكان لدينا….ولا في عقولنا…..حتى نستوعبَ عثراتنا….
لن نكون جيدينَ أيها القمر ….و.أنت شريدٌ عنا…..الجماجم لا زالت على مقربة من نومنا…….وشفاهنا موصدة على ردهة واسعة من عدمنا الطويل…….حتى أدمنا له مواعيد ثابتة لاستيقاضنا ولذبحنا…..
وللخيبات الطويلة …….وللمسافات الأطول …….
وأرتال الدموع ……ودفلى حِرماننا الغضّ …..لازالت هي جزءاً من وجع وجداننا ……

أصدقائي:

قبل واثناء عام 2011 كان الدولار الامريكي يستبدلُ ب45 ليرةً سوريه …….كان الراتب التقاعدي لكل من هو من مرتبة وظيفتي
حوالي اثنان وعشرون الفاً…..تعادل 489 دولاراً امريكيا….
كانت اجور البيوت بين 2000-3000 ليره سوريه….
….. المعيشية مريحة …..والقوه الشرائيه للجميع مقبوله …..وفرص العمل لغير الموظفين متوفره …..والأجور اليومية معقوله ……
وبعد عام 2011 -2015
اصبح يعاني اهلنا الذين ما زالوا في البلاد من أوضاع اجتماعية ومعيشية كارثية……مع بطالة متفشية بنسبة 52%…….وفقر بنسبة 50% حسب إحصائيات عام 2015……
وتدهورت قدرتهم الشرائية …..مع تدهور قيمة الليرة …..التي انخفضت من 46.5 ليرة مقابل الدولار الواحد عام 2011 ……إلى 540 ليرة في 2015 …..وارتفعت أسعار السلع الأولية في عموم سوريا لاسيما المناطق التي هي خارج سيطرة النظام …..بنسب ناهزت أحياناً400% ……
مع العلم أنَّ الشريحة الأوفر حظا في الداخل…. هي التي تسكن في مناطق سيطرةِ النظام ….. إذ تتراوح الرواتب بين عشرين ألف ليرة …..(خمسين دولاراً) …….وثلاثين ألف ليرة (خمس وستون دولار)…….وهناك شريحة تعيش في مناطق سيطرة المعارضة ……تعتمدُ بالكاد على الزراعة البدائية ….وصناعات خفيفة ….وتجارة بسيطة…..ومنها تجارة أنتجتها الحرب ..ومنها تجارة الذخائر ….والأسلحة لمن يمتلكها…..
وتشهد كل المناطق ارتفاعا في معدلات الجريمة …..بما في ذلك عمليات السطو المتكررة ….وعمليات الخطف من أجل الفدية…..والقتل……ويتوقع أن الناس في جميع أنحاء البلاد …..ـ وليس فقط في مناطق النظام….. يتشاطرون المخاوف من استفحال الانهيار الاقتصادي الوشيك…..
وأن ما يقلق الجميع ليست فقط الخسائر الهائلة التي تكبدها اقتصادنا …..ومنه القطاع الصناعي ….والزراعي…. وقطاع النفط ….ووجود مليونين إلى ثلاثة ملايين طالب سوري خارج الدراسة…..ومغادرة عشرين ألف مهندس أرض الوطن…..ومعهم كل المعامل والمصانع واصح
و الخبرة العمليه …..وبعد أن كنا منتجين ومصدرين للقمح …..اصبحت تعترينا مخاوف بأن يواجه اهلنا مخاطر فقدان رغيف الخبز …….

اصدقائي:

التضخم في سوريا كان مرتفعا جدا …..ففي فترة الحرب …..المتوسط السنوي للتضخم حسب وسائل الإعلام 2010 ـ 2015 …..وصل إلى 35 من مئة……جدول مؤشر أسعار المستهلك في 2015 …..كان أعلى بـ 4.5 مرة من مستواه في 2010……
وأكثر بتسع مرات من مستواه في 2005…..من ناحية التجارة بالعملة الصعبة ……هناك أسواق رسمية وأسواق غير رسمية…….السعر الرسمي للدولار الامريكي يراوح نحو 250 ليرة سوريا في 2015 ……تشتري البنوك التابعه للدولة ولا تبيع ……. في حين السعر في السوق السوداء راوح نحو 350 ليرة سورية للدولار……. قبل الحرب كان السعر 45 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد…….

اصدقائي :

نتحول بين فينة وأخرى إلى ملهاة……أو زغرودة تصمّ الآذان ….بل إلى ضلالة تتحدّث عن قوّة انتشار الدم …..وأحياناً نتقاسم ثمار الآلام الأولى …..قبل أن تتفتّح الثغرات بأصابعنا الغويّة….
نعاقر اللحظات المنحنية …..والأزقّة الثملة
لنخوض حرباً …..ضدّ المدن الباهتة …. لنداعب الأزل …..قد نجرُّ في لحظة ما قبيلة من الصفيح …..لنلعب بكل مكونات الغروب …..ثمّة ظل وصداه …..
تصدّعٌ في جماجم الثورات…..وملاهي النسيان ….وتشقّق العطور الفاخرة في ساحات الوغى …..نسمّيْ قمّة الليل …..قطعة غبار تثأر من وديانها …..والمدن الخربة قبلات تتفخّذ جوعنا …..كي لا نظل نراوح في الوحل ….
سنعتذر من تآكل المعذبين…..ووفرة اللهب الذي بين يدي الملائكة….
ثم لانحن ولا الهواءبحاجة إلى ثياب…..
ولسنا بحاجة للإغتسال….. في حضرة الفاجعة ثمّة أزمة تتهدّل من الظل ……
فيما طرقاتٌ غارقة في ملذاتها……معلنة عن انتصار بشوش ……

أصدقائي :

استفحلت الازمة الاقتصادية والنفسيه على اهلنا …..اصبحت اسعار السلع الاساسية لاتطاق …..واجور البيوت في احياء المحطه تطاول عنان السماء …..وكل من دمر القصف بيته واعدادهم تفوق حد الارقام …..فالبيوت في درعا البلد مدمره …..واهلها بحاجةٍ مااسةٍ للبيوت ..و.جشعُ المالكين ليس له حد …..ارتفعت الاجور من حدود ال25000 الى ال80000 الفاً …..
واغلبية المالكين يطلبون اجورهم بالدولار….
والدولار اصبح يعانق عنان السماء….. فيساوي 3000 ل.س ان لم يكن اكثر ……
ولكم ان تقدروا المأساة قرائي الكرام ……لو قارنا حدود راتب من هو مثلي اليوم….. اصبح راتبه التقاعدي 63 الفاً بعد كل الزيادات ……انها لاتكفي لأجور البيت ….فكيف نستطيع تأمين متطلبات العيش ……
راتبي التقاعدي اصبح 20 دولاراً ……في حين راتب من هو متقاعد من مثل اختصاصي …..وفي سني…. ومرتبتي الوظيفيه هنا في اربد 840 دولار …….سعر غرام الذهب 120 الف ليره سوريه …..اي ان راتبي الشهري 1/2 نصف غرام من الذهب ….فقط ك.غ الدجاج الحي 3300 ل.س …..واللحم البقري ب 12000ل.س …..والبيض 3000 ل.س للطبق …..الزيت الابيض 3000ل.س للتر الواحد….. الشاي 18000ل.س للكيلو غرام ……والسكر 1500ل.س للكيلو غرام ……
وقس على ذلك كل اسعار المواد التموينيه ……واليوم يُداهم اهلنا قانون قيصر ……حيث سيتم استكمال النقد بالزعرور …..واليوم الكورونا استفحل أوارها….. ستزداد به معاناةُ اهلنا ……وسيزداد السطو ….والقتل ….والخطف ….في ظل هذه الظروف ….ازداد الخطف والقتل بغية تجارة الاعضاء …..والبعض باعت الحاجة أحد اعضاء جسمه طوعاً …..وأثناء كتابتي لهذا المقال تم خطف سيده في حي السد …..وقتلها واحراقها لأن بيدها سحبتين خفيفتين من الذهب …..وهناك امثلة كثيرة وكثيره على ذلك في السابق لامجال لذكرها ……وكلها جرائم تدمي قلوبما …..
كان الخوف من المداهمات …..واليوم الكل مرتابٌ من الكل …..الاخ يخاف من اخيه….. ومن جاره …..ومن كل من حوله …..لاأمنٌ !والكل يترحم على الامان ايام سيطرة النظام….. كانت بناتنا تذهب من بيوتنا الى جامعاة دير الزور دون الخوف عليها ……واليوم لاتأمن على نفسها من الذهاب حتى الى السوق لاكمال مشترياتها …… ان الله معكم ياأهلنا في الداخل …….على كل هذه المعاناة التي تواجه حياتكم …..وتحاربكم في لقمة عيشكم .
ان باطن الارض خيرٌ من ظاهرها …..
فارواحنا عاريه …..كعريشةٍ هامدةٍ بلا روحٍ
…..لايعلوها عنبٌ …..ولا أوراقٌ …..ولا أغصانٌ حانيه .
فلتقرأ التاريخ أيها الموت؟!
….فالبلاد حملها وجعْ !
….هناك يزرعون في خاصرتها الموت ….يشيعون جثامين ابنائنا جهاراً نهاراً….. يعاودون الطبل والرقص …..لاصوت يستفِزُّ مسامات الجسد….. والعويل يفزع الكراسي …..يهرب الحضور …..فيئن العود وينوح الكمان ……لادهشة تصطادني الا لون الدم .
فكيف هو حالكم هذه الايام ياأهلنا اليوم …….فخميسنا اليوم وقفة عرفه…. وغداً جمعتنا عيد الاضحى المبارك …..بماذا تضحون أكثر مما ضحيتم ….. بلقمة عيشكم …..بأمنكم وامانكم …..باستقراركم ….بصحة ابنائكم …..كل ابناء العالم يلبسون الجديد….ويستر ابناءكم ثيابٌ تميز محنتكم …..
هل نريد أن نشعر قليلاً بإحساس
اهلنا واطفالهم ……في صباح ومساء العيد ….
فماذا نحن وانتم فاعلون في عيد اطفالنا….
عندما تفقدون حبيب أو قريب ….ماذا تصنعون !!؟
سـتبكون
وتبكون
وتبكون !!
ستقولون ليته يعود….!!
هؤلاء اهلنا…… في كل سنه من العشر التي خلتْ يفتقدون العيد …..!!
وكل العام أطفالهم يبكون ويبكون ….!!
ولسان حالهم يقول …..بأي حالٍ عدتَ ياعيدُ …..
ياأهلنا :
تطرق يد الموت ابواب قلوبكم المتعبةُ بالفقد وضنك العيش …..ونحن هنا بالانتظار وحدنا ….
بانتظارِ املٍ ……استشهدَ من اجلهِ ابناؤكم ….احباؤكم…..وعانى ويعاني منه كل اهلنا وأهلكم …..
فلا تستغربوا قرائيَ الكرام…. !
فمن الغباء التمسك بشخص …..او اشخاص …..تقول لك افعالهم …..ان خسارتنا هي الكسب الوفير ….!
عن المتآمرين أتحدث……في زمن لا نستغرب …..إذا ماتت أحاسيسنا أمام أعيننا…..
أوماتت امانينا أمام أعينيكم……
ولفظت حياتنا أنفاسها أمام الكل…..
وأكتشفنا أن القاتل ……هو أقرب الناس الينا ومنا….!

طبتم وطابت ايامكم وكل اوقاتكم اصدقائي .
________
درعا. سورية

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!