فجوة الحلم/ بقلم: نور الشمس  النعيمي

فتاة أغمضت عينيها وأبحرت في عيني الخيال، وفي غفوة الماضي رقت وزادت جمالا، واختلت بنفسها في ذلك المحراب.جلست على كرسي خشبي وأسندت ظهرها إلى صدى ولوعة الذكريات، تستمع إلى همس أعماقها تشكو حرقة البعد وتتلوع بالاشواق.

تحجرت مدامعها  وخيم الصمت على المكان ، هدأ روعها فابتسمت ملامحها ،وغاصت في عالم الخيال. استفاقت لحظة سماعها  صوتا يقرؤها السلام ،أجابت بكل طيب خاطر وعليكم السلام ،إذ بها سيدة  عجوز طاعنة في السن وتجاعيد السنين رسمت على مُحيَّاها و بادية للناظر إليها ، قالت بنبرة خجولة منكسرة  مرحبا بنيتي ،  هل أستطيع أن أرتاح لوهلة  بقربك لأسترجع أنفاسي ، فمسافة الطريق كانت طويلة ، وقدماي لم تعودا تحمل جسدي الهزيل المنهك، أجابتها الفتاة  تفضلي بالجلوس وارتاحي  سيدتي  الفاضلة ، قالت  السيدة العجوز : عذرا  لم أشأ أن أقطع سلسلة  أفكارك، فربما أبحر خيالك  بعيدا ، وجعلت بقدومي المفاجىء  سفينتك  ترسو مبكرا و العودة والرجوع قريبا  إلي هذا الواقع ، أجابتها الفتاة  بنغمة الأماني  التي تترنم بها قبل أن تقذفها أمواج خيالها إلي هذا المكان، قائلة : لا عليك سيدتي فالخيال يبقى خيالا والحلم يبقى حلما مهما كان يحمل من آمال ،لكنني أرتاح كلما أبحرت بخيالي عبر أمواج الماضي  ففيه أجد سحرا يقودني إلى السعادة وينسيني جراحا لم أجد لها دواء ،فكل داء له دواء ، لكن  أتساءل ترى ماترياق من فاض دمعه حسرة  عن حلم  مستحيل؟   وعن شوق بات نسيانا،  وعن أجنحة من أوهام ترتفع الي نور الشمس فتغمرني أشعتها الساطعة فتشبعني دفء ،وتذكرني بحزن المغيب لحظة اللقاء، فأرتل أغنية الوداع القاسية وأدون  النهاية كي  تتمزق عواطفي وتُشل أحاسيسي ، أحيانا ياسيدتي أهمس لنفسي مافائدة حياتنا الجرداء التي روابيها جحاف تخلوها المحبة وتسكنها المصاعب والآلام ، أجابت السيدة  العجوز،  مهلا ياابنتي كل منا مرآة نفسه اذا رأيتها مصغرة مشوهة فسيستمر بغضك وكرهك لها ، وإن نظرت لها نظرة المتفائل ستكبر وتثمر ، ويغدو القادم في أزهى حلة ، وستظهر من وراء ستائر الغيم  أبواب مخملية وألوان جميلة ولك أن تختاري أي لون يناسبك ،ابتسمت السيدة في اخر كلماتها وقالت  أي لون ستختارين ، أجابتها الفتاة الابيض ياسيدي. نهضت  السيدة العجوز من مكانها متثاقلة  قائلة  أجل  أرى أن الابيض يليق بك، لما يحمله قلبك من محبة وأمان وطيبة تسع الكون،  فلا تجعليه يدنس بالسواد وشوائب  الحياة ، واحتفظي بحلمك مهما استحال تحقيقه يكفي أنه يجعلك تتشبثين بالحياة. فطعم الحياة ان لم يكن حلوا فمرارته تخنق الانفاس وتكدر صفو الأجواء ،

ياابنتي قد يعجز لساني أن يروي لك قصتي لكن مختصرها  كن فقط إنسانا بفطرتك ، واحلم بمستقبل مهما عصت فروعه ستخضر ذات يوم لا محالة ، وتورق محبة وصدقا للاخرين.

وغادرت السيدة العجوز المكان  إلى حال سبيلها تاركة الفتاة  تسبح في  حلمها الجميل البريء متمنية لها تحقيقه  في المستقبل .

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!