للمرّة الأخيرة
سأطلبُ أن تناولني يدكٓ
و أنا هنا
على خشبة برزخ الرحيل
أقفُ حافيةً حتى من نعل العتاب
البحر الواسع ينفث أنفاساً باردةً
و الموج المرتجف
في إشارةٍ منه لقلبي
المشققة أشواقه بالرجفات
يعلنُ أن الطقس غير خليق بعد
بموسم الفراق
و جوقة السماء تغمز بالطوفان
و هي على أهبة الغناء ..
أنا هنا
في الزاوية القصوى لقسوتك
المطلّة على حماقاتي الخرساء
أباركُ بنبوءة غيابكٓ زوايا الفراغ
و أقدّس ظلال العدم الذي يتربصنا
بأنامل موجوعة بالخواء
فدعنا لآخر مرة نغتسل بالمطر
من جنابة الغياب
و بجموح اللقاء الأخير
دعنا نبدد قلق السحاب
و ناولني يدكٓ
لنركل صمتنا البهيم برقصةٍ
نمارس فيها حزننا العميق باشتهاء ..
وبآخر ضحكاتنا المشاغبة
دعنا نشيّع نشوة العناق
لنتقن بعدها فنون الغياب
فأطفو أنا فوق الزبد
مشنوقةً بحبال صوتكٓ
كزهرة وحيدة فاقدة ذاكرة العطر
و أنتَ الخليج الغارق بمعطف العبير
شديدٌ نواح ذاكرتكَ عند كل إلتواء
فكلما تعانقت فقمتان
يذكّرك جرس النسيان
أن شامتي بينهما رسولة اللقاء ..