عشقي القلم والحبر والورق .عملت في ربوعه ردحا من الزمن .كانت للجريدة طعم آخر مع بدايات نهاري الطويل في جريدة النهار . أعد القهوة الصباحية واضع فنجاني فوق منضدتي . شفة القهوة ودخان سيجارتي التي كانت تزعج رفيقة العمر نبيلة وتيرة صباحية لا تنتهي . اتناول بقدسية ورق الجريدة ، تلامس يديي تمنحني الشهوة للقراءة . كم احببت تفاصيل عناوين الصفحة الاولى وعظمة كتابها الكبار ورصد الاحداث بعين غير مجردة من العقيدة والالتزامات . اترقب الخبر وما وراء الخبر ، علني اتحول الى عرافة تقرأ لكم المستقبل في الدهاليز السرية . وحدهم الكبار يسطرون بقلمهم روعة الحكايات .سردهم نبع لا ينضب غسان تويني ، ميشال ابو جودة وانسي الحاج .
وبسحر ساحر اتفقد ملازمتي الصفحة الاخيرة . في كاريكاتور بيار صادق سخرية القدر تمسح الحروق بريشة مرة ، ترسم الواقع بمزحة وربما دمعة و حرقة واكثر الايام بضحكة صفراء كورق ايلول .
اين اتوه فيما بعد ، آه من صور جورج سمرجيان وابراهيم الطويل كم لوعت فؤادي ، كم تقاربت مع انفاسي ورصدت احلامي .
قارئ الجريدة لا تبكي على زاويتك وحيدا في احد مقاهي الحمراء القديمة ولا تطفئ غليونك عند الصفحة الاخيرة ..فللورق ورائحة الحبر طعم آخر .