أجمل ما في الحياة

لآفاق حرة

 

أجمل مافي الحياة

“أجمل مافي الحياة قلبٌ تحكي لهُ ما تشاء”. مقولة: لنجيب محفوظ.

 

بقلم. عبد الصمد قحطان

 

كُلما دققتُ في هذه المقولة رأيتُ فيها عُمقًا شديدًا على الرغم من بساطتها؛ -وهي حقًا جملة بسيطة بما تعنية البساطة في اللغة بمعناها الصحيح- وجدتُ أن ذلك حقًا أجمل شيء في الحياة؛ كيف لا وهو الأمان المُطلق أن تجد شخص؟ا يُنصتُ لك دون حُكم، يتقبَلُ كُل كلامك برحابَةِ صدر، تأتيه اي لحظة فتجده يفرغُ لك وقتًا لك لذاتك في جدوله المزدحم والله الوحيد العالمُ بإنشغالته، لا يتحجج بشيء في حديثكم، يُخبرُكَ بكُلِ مافي خاطره دون أن يؤءي خاطرك، شخصٌ لا تهون عليهِ العشرة ولا يتركُ عند الخصام ولا يتغيرُ عند سوء الفهم، شخصٌ من نقائه يغفرُ الزلةَ مرات ومهما حصل لا يُسيءُ الظن فيك؛ لأنهُ يعرفك، وما أجملها والله من جُملةٍ حينَ ينطِقِها ويريحُكَ عناء التبرير مهما كانَ الموقفُ جللًا، تأتيه لتبرر أذى، وربما جرحًا وحتى كبيرةً والله فقط ربما سببته دون قصد ربما، حملتك الدنيا أكثر ممافي قلبك فقسوت عليه لأنك تعلمُ أنه الوحيدُ الذي سيتحملك، لن يُسيء لك قط وسيقفُ معك في خضم العاصفة، وحين انتهاء كُلِ شيء يأتيك مُعاتبًا بحرارةٍ وصدقٍ، لأنهُ يعلمُ أن التراكُمات لا ترحمُ عزيزًا؛ فبكل لُطفٍ بعد عاصفةٍ وصلت نخاعك، يأتيك مطمئنّا قلبك، مُطبطبًا على قلبك قائلًا “أعرفك، ما كُنت لتؤذيني قط، فقط لربما هي الدُنيا حملتك الكثير ياعزيز الروح، أنا ملجأُك وسندُك في كُلِ واردة، في الحُزنِ قبل الفرح…. أعرفك كفاية لكي لا أُصدقُ أنك عنيت ذلك وإن قلته، في قلبي لك ثقةٌ ومسافةٌ وأمانٌ لا يُضاهى؛ لست عاديًا، ولم تَكُن وأحُبُك لذلك، مهما قست عليك الدُنيا تعال لي في قلبي مُتسعٌ لكُلِ ألآمك، تعال وسنفرغُ حُزننا سويًا، بشجارٍ تافهٍ يصلُ حد السماء، ومن ثُمَ ننساهُ كان لم يَكُن، أو بضحكاتٍ عاليةٍ سخيفة، على شيءٍ لا يستحقُ رُبما، أو على شكلِ دم

عاتٍ نذرفُها سويًا وانت مُتكئٌ على كتفي وأنا مُستندٌ إلى قلبك، المهم أننا معًا في كُل شيء؛ وتذكر يا عزيز الروح مهما حصل بيننا من عتاب وشجار وخصام يكفي أن تعلم أنك عندي واللهِ لا تهون، كما أعرفك تمامًا أني عندك لا أهون ولو كسرنا الكونُ أجمع”… كلامٌ كهذا يا رفيق كفيلٌ بأن يجعلك تُدرك معنى عمق كلام نجيب محفوظ، لم تَكُن جملة عادية قط، أصاب بها قلب القصيد لا بيته فقط، شخص لا يهون، ولا يؤذي، لا يسيء الظن بك بعد كُلِ الذي قدمته من تضحياتٍ لم تُقال قط حفظًا لكرامته وحُبًا له، حينَ تجدُ شخصًا كهذا تحادثُهُ دون قلقٍ أو حياءٍ أو خوف الحكم عليك منه، شخصٌ يعاملك كبشريتك ويتقبلها بكُلِ حالاتها، شخصٌ كهذا أُشدد عليه بقلبكَ…..حقًا أن نجد شخصًا نحدثهُ كما نُحدثُ أنفسنا بعفويةٍ وبأمانٍ مُطلق لعمري هو أجملُ شيء في الحياة، ولئن خرجت من دنياك بنصيبٍ كهذا فأعلم أنك ذو حظٍ عظيم.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!