كسرُكَ أحياني / بقلم : إيمان أبو جزر

وددتُ لو لَبِثت أرواحُنا مُلتَحمةً حدَّ الأمد
ماكِثًا أنتَ أسفلَ ناظِريَّ؛ تحتَسي كأسَ العشقِ سارقًا إياهُ مِن مُقلتاي، مُترنمًا بِعذوبَةِ نُطقِكَ في خَلقِ أبجَدياتِكَ وصدِّها نحوي، مُتغزلًا حتى في أوردةِ جِفناي
أُناظِرُكَ بِـأعيُنٍ مُتملِّقة تُخبِرُكَ ما يَعجَزُ فاهيَ عن نُطقِه.
آهٍ مِنكَ يا ثُلثَ العقلِ
يا نِصفَ الجَسدِ
يا كُلَّ القلبِ
آهٍ ماذا حلَّ بِـدنيانا
أكان حاضِرُنا مَن أراد طُغياننا، أم كنّا مَن أصرَّ على إرتِداءه
عَزمنا دونَ إلتِفات، حاصَرتنا العزَّةُ حتى باتت أجسادُنا كالجُثث الفانِيةَ، يرتَشِفُنا الوقتُ ويُحطِّم بَقايا جُسورِ الأملِ فينا.

” الم ننجوا بعد ؟ ”
يَتجولُ ذاك السؤال على لِساني ذهابًا وإيابًا، وما خُلِقَ جوابُه قط
عَبرتُ أميالَ ذكرياتٍ ما زالت رطِبةً رغمِ ما مضى عليها مِن أعوام، لأجلِ وصولي لِـحاضرٍ أجِدُ فيه ما يَكفِ من الصمود؛ لِـتقبُّلِ جحيمي بِـسلام.
ها قد بَدأتُ أستعيدُ بَصري، زال الغُبار عنه
عاد فَمي يتَحرَّك
ساقاي تَنهَضان
وقلبي .. قلبي
أظنُّ أنَّ قلبي يُذعَر، ما من شيء يستطيع إخمادَه
جاهِلةً كنتُ عمّا يَجري، حَبوتُ خَلفَ ظِلالِ صورتِكَ المعلَّقَةِ على جِدار حُجرتي؛ إحتَمي بِها مِن عَبَثِ قلبي، الذي حاولتُ إحتِوائه بِـأناملي، ثُمَّ خَطفَ الظلامُ عيناي فَـغَفوت.

تائهةً كُنت
أُقدِمُ بِـخُطواتٍ مُترنِّحةً وحدي، بين ذهابٍ وعودة في أفكاري
هل كانَ عليَّ التَخلِّي عنّي لأعيش
أم كانَ التَخلَّي عنكَ هوَّ الأنَسب
الآن سَقطَ قلبي دونَ إنذار، تَبِعَته عيناي ناظرة؛ وما بي أن رفعتُ رأسي لأرى مِعطَفكَ أمامي، وسُكِبَ على مُحيّاي ذلك المِسكُ الذي يُعانِقُك
أيقنتُ أنَّ أمامي ذاكَ الجَسد الجَليل والتي تَخشى عيناي رؤيَته مُجددًا.
سَمعتُ تَراتيلَ أشبَه بالتَرنيم
” أحسِدُكِ على شُموخِك، ما كُنت انا بِـهذا القَدرِ مِن الصمود، ألقيتِ حِطامَكِ داخلي وهَجرتي ”

شَعرتُ مِن فَرطِ ثَوراني أنَّ بُركانًا داخِلي سينفَجِر آنذاك
نَظرتُ إليه لأغرُزَ سَيفَ كلِماتي بِـأحشائه
وإذ بِـلِساني مُتجِه إلى مَعِدَتي
صَمدتُ كَـشجرةٍ صَماء عارِيةّ أغصانُها
وددتُ حينَها إلقاء عيناي خَلفَ أعمِدةِ الإنارة؛ خشيَةَ أن تبوحَ عن عجزي.

جلّت أحرفي وبحت له بإستئثارية :

أعُدتَ هنا لِـتبعثِرَ أشلائي
أظَننتَ أنّي لم أُعد بِنائي
حَسِبتَ روحَكَ دومًا مَسكني
إن كُنتَ قادِرًا على شِفائي
فواللّٰه صَدقتَ إن كان ذاك حَسبُكَ
فَـكسرُكَ اليومَ أحيا صَحرائي

ثُمَّ تَركتُ له مَبسَمي عالِقًا داخِلَه وعَبرتُ بِـخُطواتٍ مُسرِعةَ
تاللّٰه يا مَن كانَ قرَّة العينِ إنَّ العينَ بِـكسرِكَ قد إرتَوت، وجَفَّ الحُزنُ بَعد هَجرِكَ ونَفذ، وإنَّ لَـفي قلبي مُسِّد.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!