عن الانسان / بقلم : وديع ازمانو

 

..

” لا شك أن في كل انسان وحش ينام” دوستويفسكي

“الانسان يسيل خرابا” اميل سيوران

/

لا شكَّ أن الانسان

لم يخرجُ من بين أصابعِ الله الندِّية

لا من شهقةِ العِشقِ

و لا من زفيرِ الغيرة

الانسانُ هذا الحجرُ المقذوفُ بهِ من جهنَّم

لم يخرج حتى من ضلعِ وحشٍ

أو لهيبِ تنين

ترى ، من أيِّ كوكبٍ معتوهٍ

من أيِّ نطفةٍ خبيثةٍ

انتخب الانسان ؟!

/

الانسان ؛ ورطة الطبيعة

/

الانسان ؛ طبيعةٌ شريرة

و ثقافةٌ أشر

/

الانسانية ؛ مشاعية الخراب

/

الانسان ؛ مشروع قتلٍ بلا هدف

/

اليوتوبيا ، جديرة بالشفقة

والأجدر

بالحرق

/

الانسان ؛ الصّراطُ المستيقم

نحو الهاوية

/

الانسان ؛ تاريخ الضلالة

وإثم الوجود

/

الانسان ذئبٌ للانسان

و الأصوبُ

الذئبُ بريءٌ

من قميصنا

و دمنا

/

الانسان ؛ تجربة العدم المُطلق

/

الانسان ؛ شرٌّ ذائع الدَّم

/

الشرُّ عرشُ العالم

و الانسانُ بداهةُ الجريمة

/

هل كان للانسان

احتراف الشرِّ

لولا اكتشاف الذهب ؟

سؤال مشروعٌ

لولا أن قلبَ الانسانِ

ذهبٌ خالص

/

لمَّا كان الواقعُ وحشا

كان الانسانُ

على صورته

/

المالُ ليسَ ربُّ المدينة الجديد

وإنما المدينة ذاتها

في كاملِ شرِّها المُباح

/

الشرُّ ؛ القسمةُ الأكثرُ عدالة

بين البشر

/

ليس الانسانُ

غير صورتهِ

في مرآة الحرب

/

العالم رائعٌ حدَّ الترويع

والانسانُ

ظلُّ الفجيعة

وابرةٌ

في عيني الأمل

/

صحيحٌ أن الانسان الأبيض

في أوروبا المعاصرة

لم يبتر قضيب “حمزة الخطيب”

لم يقتلع حنجرة “القاشوش”

لم يقصف بالكيماوي “غوطة شرقية”

صحيحٌ كلُّ هذا

و الأصوبُ

أنهُ زرعَ بذور الشرِّ

في رحِمِ البلاد

/

لن نذبحكِ

لن نعذِّبكِ

هناكَ من ينوبُ عنّا

من “أسد” و “دببة” و ضِباع فارسية

وإذا فشلوا

فسنميتكِ بالتقطير

أيتها الحرِّيةُ العربية !

/

الخير ليس بمكانٍ آخر

إذا لم يكن هنا الآن

سيستمرُّ الانسانُ

في غوايتهِ القاتلة

/

الشرُّ ينمو في مزهريةِ البيت

مثلما ينمو و يكبرُ

طفلُ الأسرةِ الوحيد

/

الشرُّ لا يوجدُ في الخارج

إنهُ كامنٌ في كلِّ ذرَّة

من خلايا الانسان

/

لم أتحدث عن الانسان بما يكفي ، لم أقدِّم حقيقة واحدة تشفعُ لهذا الهراء ، ربما خانني حبٍّي للبشر وعصفت بي نوباتُ القداسة ، ربما خانتني قوايَ و أنا أحاولُ زرع غُصنِ الغيرة في عيني و رُمح الحسد في القلب، ربما سكِرتُ فطفحت دموعي بالدَّمِ و النبيذ ، ربَّما شهوة الحياة تسلَّلت إلى رميم الرُّوح ، ربَّما أملكُ نصفَ الحقيقة هذه المرتعشةِ عُنقها في نصفِ آخر يشبهُ سكينة حافَّة ، ربَّما انهممتُ بخلاصٍ أنانيٍّ وقُدتُ الوحش فينا إلى أبَّهةِ الهلاك ، ربَّما التقيتُ سنواتي الثلاثين فجلدتها على صخرةٍ أطلسية ، ربما رفعتُ كأس الحرِّيةِ أعلى مما تشتهيه ، ربما انخطفتُ بهذياني صوب قابيل و لم أجد جوابا مقنعا في آنية الدَّم ، ربما تواطأتُ مع العدم في تجميل صورته وبالغتُ في المكيدة ، ربما انجررتُ إلى تسويدِ العاطفةِ و تجريمِ الحُب ، ربّما استطلعتُ الغيب و عدتُ بنوباتٍ عصبية ، ربما دهشتُ في حضرةِ الربِّ و هو يمشِّطُ شَعر ابليس بأصابعهِ الحانية ، ربما جدَّفتُ بلا معنى …

ولكنِّي لم أتحدث بما يكفي

عن “الانسان يسيلُ خرابا” !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!