بسمة/ بقلم: د ميسون حنا

 

انتظر بشوق، ولكن ماذا أنتظر، ومن … ؟ لعلي أنتظر القادم بغموضه، فالحاضر أمسك زمامه، وأدرك خوابيه، وأتجول في معارجه، وتشدني أحيانا زاوية معينة، آلوذ في حضنها برهة، لكن عجلة الزمن تلح علي أن أتقدم، فأتركها وأتابع طريقي لتصبح ماضيا، أرميه خلفي، فإن كان ماتعا أحييته بين حين وحين، عندما تدغدغني الذكرى، وتمر في فؤادي، وتنعش فيه عبق الماضي الجميل، أو قد تكون ذكرى أليمة تُسيل دمعة تنساب على خدي، ويعتصرني الألم، لكن الإنسان ينبذ الأحزان، فأتخفف من حملي وألقيه خلفي، وأتابع طريقي … وقد تكون ذكرى خفيفة الظل، رقيقة، تزرع بسمة لا تلبث أن تذوب وتمحي، فالبسمات غالبا لا يمكثن طويلا على شفاهنا وإلا تحولن إلى ضحك، والضحكة قد تتبعها ضحكات، وعندما تتحد معا تصبح ضحكا هستيريا، قاهرا، قاتلا، كفانا الله شره، فهو يسحبنا إلى زاوية أخرى تزيل فرحنا، وتحيله إلى غم وحزن… لكن البسمة هي البسمة، تلامس شفاهنا فنشعر بالفرح، والفرح سرعان ما يزول، أو هكذا يخيل لنا فهو إبن اللحظة، واللحظة ومضة، والومضة تدوب في عتم الليل، مع أنها  تومض وتتلألأ رغم قتامته، لكنه جبار، يعاندها فتستسلم أحيانا، وتغادر، لكنها في غيابها تداعب إدراكنا فنحييها في القلوب، حينها فقط نشعر أننا نمتلك ناصية الزمن، وندرك أننا أقوياء، البسمة تمنحنا القوة، إختفاؤها ظاهريا وهم وسراب، لأنها حية، باقية بقاء الأبدية. أغدقوا على أنفسكم البسمات، ووزعوها على من حولكم، فالبسمة تُفرح الصديق.

عندما سمعت البسمة ما يقال عنها فرحت وأشرقت بنورها وقالت: أنا البسمة، وصفتموني وأنصفتموني، وها أنا أحلق في الفضاء، وأجوب دهاليز النفس، وأتربع في تلافيف العقل، وأرفّه عنه فيعطي بسخاء، إجعلوا يومكم يبدأ بي، واستقبلوني استقبال عزيز أريب، ولا يخذلنكم غيابي فأنا هنا في كل مكان، إبجثوا عني في زوايا أنفسكم تجدوني غب الطلب.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!