بعض من عتاب / بقلم :محمد صوالحة

يا أنت أما تدري أني ما زلت وحيدا في كهفي ، ترافقني العتمة ، زادي وجع .. وشرابي دمع ، في كهفي برد ينهش عظمي ، نار تحرق روحي ، وكلما هممت بالخروج .. شدني الحنين … واسقطني في غيبوبة السؤال والبحث عني في غابة الظلام ، بحر من زبد خلفي ، وأمامي سراب
انا والضباب التقينا … والغياب هناك .. هناك على ذاك المفترق ينتظر .
يا أنت العمر بات شجرة يابسة .. تهزه الريح .. تنهشه العيون .. والقلب نهر حزن يسير الى مصبه ، ومصبه بعيد بعيد ، على ضفتيه نبتت الأشواك وأزهر الخوف … وأنت هناك تتجلى ببياضك … ترسم الحلم … تداعب نجمات فضائك وتغازل الحوريات بلغة مختلفة … بقصائد مختلفة … وأنا الغارق في جحيم الشوق… وسعير النهارات .
تلمع الذاكرة .. وتشرق شمسك ولا أدري كيف كانت نبرة صوتك … أهي معاتبة أم غاضبة .. يا بني .. يا من انكرتني وقلبت باء ندائي بنون المجهول أتيتك حلما أو طيفا ، اتيتك من حيث أدري ولا تدري ..اتيتك من يقيني وشكك أو جهلك .. جئتك لأقول أخرج من كهف نحتته يداك ، سر في درب الحياة بجنونك الذي أحب … بأحلامك البريئة التي كنت تصنع .. انزع عن عينك غشاوتها ولا تقف على آثر الراحلين أو الغائبين … فكل المدن تناديك … والطفل فيك يناديك … سر في درب الحياة ولا تفجعني فيك .
يا مجنوني المدلل .. تذكر .. أن الجنون حياة … والجنون درب مزهر … هاهي الحياة تناديك… لا تطرق ابوابها بل اخلع تلك الأبواب .. سر في مدنك لتعيد للجنون رونقه.. عد كما كنت شاغب الارصفة .. وناغي الجدران … ارسم صورتك اينما كنت … انثر الحب في الدروب فهو من يبقيك .
كيف يا أنت والعين لا ترى الا غباشا … كيف وما عاد شيء يدهشني … كيف وأنا كما الصخرة … لا أشعر بشيء .. ولا أحس بشئ.. لا طعم للفرح .. ولا معنى لشئ.. كل الأشياء متشابهة .
آه ياأنت … لمن أشكو قسوتك ويتمي؟. لمن أشكو ظلمك وحيرتي …في ظل ارتقائك وأنا كما زهرة اذبلها العطش وقتلها ملح التراب .
أنا الوحيد أنا الكسيح الحزين وما من درب إليك يقودني … لا تعتب .. ولا تغضب إن ناديتك ب يا أنت لان وجعي اكبر مني … وحلمي يتيم … وقدماي كسيحتان ونهر الحزن اغرقني .. فهل مددت يدك لي وأجرتني من عذابي ونار يومي .
يا أنت … ما كان هدوئي إلا وجع التأمل في دفتر الذاكرة … وغرقا في بحر الخوف من الآتي .. ما كان صمتي الا موت روح واستماع لضجيج الراحلين .
آه كيف للحرف أن يموت قبل أن يصير صوتا أو يرسم فوق السطر… وكيف للسطر أن يقاوم إن احترق أو تمزق رحم ورقة حملته ؟.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!