حكاية بطل — الشهيد الحى عميد شرطة ساطع النعمانى

بقلم الكاتب — المورخ —أحمد عطية الله

متابعة ناصر محمد ميسر

تخرج “النعمانى” عام 1992 في كلية الشرطة، وعمل معاون نظام بقسم شرطة العجوزة، ثم ضابطًا بالإدارة العامة للمباحث، ثم معاون مباحث لقسم الدقى، وشغل معاون مباحث مدينة الصف ورئيسًا لمباحث المرور لمدة عامين.

وتدرج في المناصب، وأصبح رئيس مباحث ترحيلات الجيزة، ورئيس حرس محكمة جنوب الجيزة، حتى وصل نائبًا لمأمور قسم بولاق الدكرور حتى أحداث بين السرايات. وساطع النعماني، أب لطفل اسمه ياسين عمره 12 عاما

قد أصيب أثناء تصديه البطولي لتخريب جماعة الإخوان الإرهابية، في ما يعرف بمجزرة بين السريات بالجيزة عقب ثورة يونيه 2013م

وهو ما أسفر عن فقدانه لبصره ودخوله فى غيبوبة وتم نقله للعلاج بالخارج

في تصريحات إعلامية له عقب عودته وقال: كنت بمكتبى في قسم بولاق الدكرور آنذاك برفــقة زملائي وكان كل الضباط فى حالة تأهب يوم 2 يوليو 2013 وكنا نتابع خطاب الرئيــس السابق محمد مرسي، حتى ما إن وصل في خطابه إلى كلمة (الشرعية) التى رددها عدة مرات، وقال نصاً «دمى يسيل فداء الشرعية»سمعنا صراخاً وأناساً يهرولون نحو القسم للاستغاثة، وكأن الكلمة كانت هي كلمة السر، التي تحرك بعدها العناصر الإخوانية المعــتصمة في ميدان النهضة لأقرب قسم في بولاق الدكرور.. وبعد مرور حوالى 5 دقائق سمعنا إطلاق نار كثيف أعلى كوبرى ثروت

وتجمع معظم أهالى المنطقة أمام القسم وطلبوا منه التدخل لحمايتهم من الإخوان الذين اعتلوا جامعة القاهرة وأطلقوا الرصاص بطريقة عشوائية عليهم، وكان فى ذلك الوقت اعتصام للإخوان فى ميدان النهضة ومحيط جامعة القاهرة

ومما رواه العميد ساطع النعماني عن ذلك اليوم الذي كان شاهداً على تفاصيله، أنه قد هرول إلى الشارع ورأى عناصر الإخوان تقوم بإطلاق الرصاص الحي عشوائيا وخروجهم من عدد من الشوارع المحيطة، فما كان منه إلا أن اتصل هاتفياً بمدير المباحث اللواء محمود فاروق وقتها، وأخبره بالأحداث التى تقع فى المنطقة وأخبره أيضاً أن عدداً من الجماعة الإرهابية اعتلوا أسطح جامعة القاهرة ويطلقون الرصاص على منطقة بين السرايات بطريقة عشوائية ويستخدمون أسلحة قنص موجهة بالليزر لقتل الأهالى ورجال الشرطة “وعلى الفور انتقلت إلى مكان إطلاق الرصاص أعلى كوبرى ثروت، وهناك وعقب وصولى شاهدت تجمعات للأهالى وحالة من الفوضى فى المنطقة وإطلاق نار كثيف من ناحية جامعة القاهرة، وبدأت أنا والقوات محاولة السيطرة على الأوضاع، ما قاله الشهيد البطل يكشف دور المعزول محمد مرسى وكذلك جماعته الإرهابية فى استهداف ضباط وأفراد الشرطة ، ومحاولتهم اشعال الفوضى بالبلاد ، بعد أن فشلوا فى حكم مصر. لكن بعد 10 دقائق من محاولة السيطرة على الموقف تلقى العميد ساطع النعمانى ، الرصاصة الغادرة في وجهه أثناء دفاعه عن أهالي منطقة بين السرايات وبولاق الدكرور، يوم 2 يوليو 2013، بعد محاولته الدفاع عن أبناء الحي وحمايتهم من هجوم جماعة الإخوان الإرهابية أفقدته الوعى، وجرى نقله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، فدخل العناية المركزة لعدة ساعات ولكن لم يتمكن الأطباء من إسعافه لعدم وجود الأجهزة الطبية الحديثة المناسبة للحالة بالمستشفى، وفى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، جرى نقله بطائرة خاصة للعلاج فى أحد المستشفيات بسويسرا، بعد أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية كان وقتها وزيرا للدفاع واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، قراراً بعلاجه خارج البلاد

وقد ظلّ في غيبوبة قرابة شهرين كاملين، لم يكن أي من أعضائه يعمل.

كُتب للنعماني عمر جديد بعد 60 يوماً تقريباً، بعد أن أفاق من الغيبوبة وتم إنقاذ حياته، حتى إن الأطباء أخبروه آنذاك- بعد إفاقته- بأنه لو تأخر وصوله قليلاً إلى المستشفى لفقد حياته. وقد قضى العميد ساطع النعماني ستة أشهر خارج مصر لاستكمال علاجه في سويسراثم ذهب بعدها إلى العاصمة البريطانية لندن لاستكمال العلاج.

وعن ذلك قال البطل : “كنت بقول إني ميت خلاص.. لكن الحمدلله انكتب لي عمر جديد”، يقول النعماني إنه كان سعيداً أنه سيموت شهيداً، لكن كُتب له عمر جديد، وهو ممنون ومدين بالفضل للرئيس السيسي ووزير الداخلية الأسبق عقب أن قررا سفره للعلاج في الخارج.

وكان النعماني قد عاد إلى مصر في 16 سبتمبر 2014 بعد رحلة علاجه بالخارج، واستقبل استقبالاً حافلاً في مطار القاهرة.
فور عودة العميد ساطع النعماني إلى أرض الوطن، سجد لله شكرا وقَبل تراب مصر، وبكى فرحا بعودته مرة أخرى لوطنه، وبعث بأول رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي، قال فيها: كلنا معاك يا ريس، وهنخلي بالنا من مصر، أنت أنقذتها في الوقت المناسب، وهتخلي مصر قد الدنيا زي ما بتحلم، وهنشيل أمانة مصر معاك يا ريس.

في 29 يوليو 2015 أهداه الرئيس السيسي قلادة تذكارية على هامش حضوره الاحتفال بتخرج دفعة جديدة من طلبة كلية الشرطة، وقام السيسي من مكانه مترجلاً إلى المنصة لمصافحته.
وقال البطل في حديث له أمام الرئيس السيسي: ” فقدت بصري.. والآن أرى بعيون المصريين.. وظللت 3 أشهر في غيبوبة تامة، وإرادة الله أعادتني للحياة مرة أخرى”.
وفي أحد لقاءات العميد النعماني التليفزيونية، أكد أنه إذا عاد به الزمن مرة أخرى، لن يتأخر في تأدية واجبه، وأنه كان سيذهب إلى مكان الأحداث، لأنه واجب وطني، حتى إذا أصيب بـ 5 آلاف طلقة رصاص، وأنه لن يتهاون في تطبيق القانون ومحاربة الإرهاب، فوزارة الداخلية هي بيتي وأهلي، قضيت بها 24 عاماً في خدمة الوطن، وتعرضت للموت أكثر من مرة، ولا استطيع الاستغناء عن «البدلة الميري»، لتطبيق القانون ومحاربة الإرهاب وأخذ حق كل شهيد من زملائي اغتالته يد الإرهاب الأسود، فمهما بذلنا من تضحيات فإن مصر تستحق الأمن والاستقرار، وقدرنا أن خلقنا الله حراساً لأمنها وجنوداً بواسل لحماية ترابها .

وفي شهر أكتــوبر 2018 سافر النعماني برفقة شقيقته إلى لندن مرة أخرى من أجل إجراء عملية جراحية في الوجه، وهي العملية التي تمت بنجاح، وكانت قد أجريت له 12 عملية على مدار 14 شهرا، قضاها بين سويسرا ولندن،وبعد أن خرج النعــماني من المستشفى بعد تماثله للشفاء فــي نوفــمبر 2018ولدى عودته إلى مصر شعر بإجهاد نُقل على أثره إلى المستشفى ولفظ أنفاسه الأخيرة رحل عن عالمنا، حاملا في قلبه حب الوطن، ونال الشهادة التي طالما حلم بها، وترك لنا مصر أمانة في أعناقنا.

وقال شقيق الشهيد فى تصريحات صحفية، إن جميع مؤسسات الدولة تابعت مع السفارة المصرية بلندن إنهاء إجراءات خروج الجثمان، وتابعوا لحظة وصوله إلى مطار لندن، وعقب وصول الجثمان إلى القاهرة واستقبل جثمان الشهيد البطل العميد ساطع النعماني عدد كبير من قيادات وزارة الداخلية، حيث وصل الجثمان على متن رحلة مصر للطيران رقم 780.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد اصدر قرارا بإطلاق اسم الشهيد الراحل ساطع النعمانى على أحد أشهر ميادين محافظة الجيزة وهو ميدان النهضة وهو أحد ميدانين شهدا اعتصام أعضاء الجماعة الإرهابية بجانب ميدان رابعة العدوية.

يذكر أن ميدان “رابعة العدوية” كان قد تغير اسمه هو أيضا إلى ميدان الشهيد “هشام بركات”،النائب العام استشهد خلال عملية إرهابية خسيسة بتفجير موكبه خلال خروجه من منزله متجها إلى عمله

ومن مواقفه الانسانية :
قال أحد اصدقائه :” كانت هناك سيدة عجوز محبوسة على ذمة قضية لتاخرها في سداد ديون تراكمت عليها بقيمة 3 آلاف جنيه، وظلت محتجزة لمدة 18 يوما بسبب تأخر أوراق اعتماد الإفراج عنها، وعندما علم بالواقعة، اصطحب السيدة بسيارته الخاصة وأنهى أوراقها حتى تم الإفراج عنها”.

ومما كتبه الشهيد على صفحته عن القوات المسلحة المصرية :
“قواتنا المسلحة المصرية الباسلة معجزة من معجزات المصريين، تخوض بكل بسالة حربا ضروسا بالنيابة عن العالم بأسره، وتحقق نجاحات يشهد العالم بها، وتقود ببراعة جهودا مخلصة في بناء وتشييد العديد من المشروعات العملاقة التي تشهد على حضارة هذا البلد”.

وتقدم الرئيس السيسى جنازة الشهيد ساطع النعمانى
و”الداخلية” ترثي النعماني بأغنية “ساطع في أمان الله” بالتجمع الخامس
رحم الله البطل الشهيد وأدخله فسيح جناته جزاء لما قدمه لمصر وشعب مصر

عن ناصر ميسر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!