سلام عليك / بقلم : ميلا العياري – تونس

 سلامٌ عليكِ

كلما ترحلُ نجمةٌ تشبهُكِ

في قطارِ الضوءِ

في سماءٍ تنأى وتنأى

فوقَ البيوتِ المغمورةِ

بالوحلِ والطينِ والسرابِ ..

استوقفني .. فاسألني :

أين انأي بعدَكِ ألآن ؟

وأين قبلئذٍ كانَ ؟

أُُسْكِتُني : “صه .. أَنصتِ

للقمرِ القادمِ من ليلِ الباديةِ

يحملُ أخبارَ الغابِ والسحابِ ..

أَنصتِ

للجهةِ ألتي أهداك إياها ألهديلُ

ألقادمُ من أرضِ الحكاياتِ

مع تراتيلِ الجامعِ القديمِ على تلةِ أجدادِكِ ..

حبيبتُكِ من سلالةِ الورودِ والأقحوانِ

لن يسرقوا الربيعَ من مبسمِها

فاذهبِي إلى عينيها

كلما ازدحمَ الشقيقُ على عنقِ الربيعِ

مشياً على الأقدامِ ..

سلامٌ عليكِ

كلما فاحَ زهرُ اللوزِ

في البساتينِ ..

أَخالُكِ عدتِ

يضطربُ إيقاعُ قلبي بحجمِ السماواتِ

فتوشكُ أن تمطرَ عينايَ شوقاً كالأطفالِ

ولكن ككلِّ خيالٍ عابرٍ رأيتُهُ

شُبّه وشُبِّه لي ..

أصرخُ كبيدرٍ مهجورٍ : إلى أين تمضينَ بها

أيتها الريحُ على صهوةِ الغمامِ ؟

وكيفَ لي أن أقيسَ بأصابعي

مسافةَ حلمٍ يُعيدُها ظبيةً تختصرُ الروايةَ

سلامٌ عليكِ

كلما يتكئ الهزيعُ الأخيرُ على غلسِ خطواتِهِ

وتتناثرُ النجومُ في حضنِ الليلِ اغتراباً

فقلبُكِ المسافرُ في فرطِ الزحامِ

ما عادَ فراشةً

ترفرفُ فوقَ بنفسجِ الحقولِ ..

ما عادَ يصاهرُ الريحُ

كلما تداعبُ قبعةَ فزاعةٍ

في حقلِ يقطينٍ

وتختلي بجديلةِ شجرةِ زيتونٍ..

عادَ يحملُ قنديلَهُ الخائفَ

ويقفُ ضارعاً أمامَ بواباتِ السماءِ

كي يُؤتى سُؤْلَهُ ..

فلا تُشَّرِعُ القطيعةُ نوافذَها

على أطرافِ المدى

ولا يخذلُ وعدُ المطرِ

صلاةَ استسقاءٍ

ولا تخذلُ قطراتُ الوَسَلِ

عيونَ الأزاهيرِ البريَّةِ

سلامٌ عليكِ

كلما تصمتينَ كتوتةِ الدارِ

وتخبئينَ الكلامَ في غياهبِ أحداقِكِ

وفي جيوبِ الحكايةِ

فمتذك صار اسمانا القديمانِ

غريبينِ ضلَّا الطريقَ ..

تركا ظلينا وديعةً مع العابرينَ

وهربا إلى غبشِ الضياعِ

تناديهما ألجدرانُ : ” إلى أينَ تهربانِ ؟

إلى ما لسنا ندري

سنسألُ في طريقنا مَنْ مِن قبلِنا غابَ” ..

سلامٌ عليكِ

كلما توارينا خلفَ الرابيةِ

وعانقتني على عتباتِ الطيشِ

فتسمرَ الغروبُ على حافةِ الأفقِ

موسمي قُبلٍ وعنابٍ ..

فكيفَ لا أنظمُ قصيدةً في مدائحِ عينيكِ

وقد صمتَ الشعراءُ تسعة اعوامٍ

واندلقتْ بحورُ الشعرِ من عماماتِهم ؟ ..

نسوا القوافي على سعفِ النخيلِ

وعادوا ليحفظوا دِيوَانَ الحَمَاسَةِ

كالأطفالِ على حصيرةِ ألكُتَّابِ ..

سلامٌ عليكِ

يومَ تغيبينَ

وسلاٌُمٌ عليكِ يومَ تحضرينَ

فأُبعثُ من بينِ الأمواتِ

على معصميكِ .. لاحيا ..

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!