قراءة نقدية على نص (خنوع -ق.ق.ج)

خاص بصحيفة آفاق حرة

بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

*مفاتيح النص جعلت منه نصًّا مكتمل أدوات الوضوح.
العنوان: (خنوع): يُفهم منه التسلّط من شخص قوي، ربّما حاكم أو مدير أو زوج.. أو غير ذلك، وفي المقابل كان هناك طرف ضعيف وقع عليه الظلم، ولم يستطع مواجهته.
*(واربوه لها..): المواربة بدرجة انحراف عن الاستقامة بدرجات، ومن المجاز المواربة، تكون للتعمية والتمويه على أمر ما، بغرض التدليس، وحرف الرؤية باتّجاه آخر، وبما أن الضمير (لها) فالطرف هنا أنثى.
*(ما إن وصلته) الوصول إلى نقطة معينة، بفضائها المكاني، لزوم الوصول الزّمن المستغرق، وكذلك الحركة إما سريعة أو متراخية. والزمن هنا فضاء زمانيّ.
*(حتّى تراجعت إلى الخلف): مثلما الوصول احتاج الزّمن، كذلك هنا التراجع، يبدو من صيغة الجملة، أنّه جاء فوريًّا للصدمة غير المتوقّعة، والخوف من تبعات تؤدي إلى ما يحمد عقباه، أي بزمن قصير. ومثلما الوصول احتاج للحركة، كذلك التراجع بحاجة لحركة مثلما. والتراجع إلى الخلف، وهنا كذلك فضاء زمانيّ، حصل بحركة.
*(استمرّت): وماذا يعني الاستمرار غير تواصل الحركة، التي بدونها حتمًا لن تقوم قائمة للنص، فتنكسر إحدى قوائمه الحاملة لإبداعه، بمفارقة الاستمرار مع التراجع بعد الصدمة والخوف، وإعادة تقييم الحساب، ومواصلة الحدت بلا انقطاع.
*(تعدّ الدّرجات السّلم): العدّ و التعداد يحتاج حركة اللسان المرتبطة عقلًا، بتسلسل منطقي لإحصاء الدّرجات. و(السُّلّم) حجم يستلزم مكانًا يحتويه، وهو بذلك فضاء مكاني، متوافق مع لزوم العدّ لزمان يحتويه. وجاءت كلمة(تعدّ) بصيغتها المُضارعيّة لتعطي الزمن المستمرّ لفترة طويلة نسبيًّا.
*(صعودًا وهبوطًا): الصعود نقيض الهبوط، وكلاهما في مكان، لا يمكن أن يكونا في الفراغ، وبعد كل صعود حتمًا هبوط، حركة وحتميّة التّاريخ؛ تحكي هذا. وكلاهما (الصعود والهبوط) بحاجة الفضاء الزمانيّ.
*(حتّى هلكت): يبدو أنّها غير السّعيدة جاءت بالهلاك وهو الموت، الذي أنهى فترة زمنية من الحياة التي كانت مغلفة بمكان وزمان، إلى زمن برزخيّ وهو فضاء، والقبر المستقرّ الأخير لمن هلك. أعتقد أنّه فضاء مكاني.
وكانت الحركة الداخليّة للنص واضحة للعيان من خلال الكلمات الدّالة على ذلك، وهو ما أعطى النصّ قدرة كبيرة على إمتاع القارئ, رغم رشاقته بقصر ألفاظه. وجُمله القصيرة التي جاءت بأفعال ماضية ؛ إلّا كلمة (تعدّ) المضارعة كأن كلمة (استمرّت) شفعت لها لتكون وحيدة بصيغتها المختلفة، غير أنّها لم تُشكّل عبئًا تتخربط فيه تقنية النص السرديّة.
*التقابلات الثنائية الضدية: (خنوع+ هلاك) و(وصلت+ تراجعت) و (صعود+ هبوط). وجاء الاستمرار في الحركة الدّؤوبة المنبهة بأن هناك حدث ما.
وبالرجوع لدلالة العنوان (خنوع)، وخاتمته بكلمة (هلكت) تتبدّى مسيرة من المعاناة والظلم، لإنسانة لم يكن لها من القدرة على المواجهة، فبقيت تعدّ الصعود والهبوط. وأسدلت السّتارة على مشهديّة تراجيديّة ختمت النص.
عندما توقّفت أمام النصّ للمرّة الأولى، وفي الإعادة تأمّلًا في الثانية، وفي الثالثة كشف السّتار عن إبداعية النص، الممتّد على مساحة حياة لإنسانة معذّبة.
—————
(خنوع) ..
[بقلم سارة الأزوري – السعودية]

“واربوه لها.. ما إن وصلته؛ حتّى تراجعت للخلف.. واستمرت تعدّ درجات السُّلّم صعودًا وهبوطًا؛ حتّى هلكت”.
…..
عمّان – الأردن
14 \ 4\ 2020

 

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!