قِلاعُ الصَدِّ تَجْتاحُها السيولُ / بقلم : كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي/ العِراقُ _ بَغْدادُ

ماذا أَقولُ وقَدْ هُدِّمَتْ قِلاعُ صَدِّي واقْتُحِمَتْ أسْوارُ تَمنّعي إلاّ أنْ أَبْصم لها بقوّةِ أمْواجِها وضعفِ سواحلي ، وسطوةِ سيولِ حضورِها وقدْ غَمَرَ ودياني وفاضَ على صحراءِ شَتاتي وقيعانِ أَكْواني .. يا لَغَفْلتي وغَفْوتي أينَ جَلَدي وسَطْوَتي وأَنَا الفارسُ الهصورُ !؟ أينَ حُرّاسي وأَسْلحتي وقدْ مَلأَتْ المتارسَ والنصولَ !؟ هَلْ أَصابَهُم الوَهَنُ والإنكسارُ أمْ لاذوا بالفرارِ وأَعْلَنوا الإستسلامَ !؟ أينَ أقلامي وقَصائِدي وقَدْ سَوّدَتْ الصحفَ وعَلا دخانُها الأَسودُ أرجاءَ الفَضَاءِ وسماء اللازوردِ ، الآن وقَدْ هبطتْ إلى الأَرْضِ تَتَسوّرُ بياضَ الوَرَقِ تعبثُ بالسطورِ تهتدي ببصيصِ نورٍ تستنشقُ عبيرَ زهورٍ ليسَ لها إلاَّ الإقرار وإنْ كانتْ مسلوبَةُ القَرارِ ولا التَمَرّد والثَوَرَان وقدْ كَبّلتْها الدهشةُ وطوّقتْها العذوبةُ وعانَقَها قلبٌ منْ عالمٍ وردي الملامحِ والأَطْيافِ واجتاحَها سهمٌ منْ سِهامِ الغيبِ لَهُ طعمُ السَلوى ومذاقُ الأَشْواقِ يحملهُ ليلُ مشتاقٍ طويلٌ يخففُ منْ غَلْواءِ رَهْبةِ الشَتاتِ ويخترقُ جدارَ الصَمْتِ فيقطعُ السكونَ ويمنحني لحظاتٍ لأُصافحَ البُعْدَ بيدٍ ترتجفُ منْ هَولِ الشجونِ أتحسسُ بصمتٍ مشاعرَ مبهمةً ويروعني طيفٌ كنتُ أَخْشاهُ مابرحَ يَنْكأُ الجروحَََ ويدمي القُروحَ فتشتدُ معهُ آلامي وكلّما زادَ الأَلَمُ زادَ معهُ حنيني واشتياقي فتغرقني الدموعُ ويزاولني شرخٌ أصابَ مقتبلَ أيّامي وتكتملُ الفصولُ فأتذكّرُ تلكَ المواعيدَ التي حملتْ البُشرى فكانتْ تَمُرّ بي في كُلِّ يومٍ قبلَ النومِ تُهَدهدُني فأغفو بأحضانِ الأَمَلِ لأرسمَ ملامحَ من عالمِ خيالي على لوحةِ تحناني بألوانِ الطَيفِ وقدْ أصبحتْ في عُمْقِ وجداني شيئاً ألمسهُ يتناغمُ مَعَ إحساسي وأخفي عَطَشي واحتياجي لرَسْمِ خَطِّ الأَماني وتعديلِ مُنْعرجاتِ دَرْبِ الخُطى لنعدُوا في روضِ الحُبورِ ونشدُوا بملءِ الفَمِ أنغامَ الأَمَل .

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!