من صحبتي للسياب / بقلم اسماعيل هموني – المغرب

.ما بين المطر ورحي وسائد من الذهول . حين أسند نبضي

على فوضى الريح يفتح المطر الطريق إلى الغناء . لا أحمل

معي سوى إشارة من السياب .

ذاك المطر الذي يجري وحده خارج كل الفصول .

يفرد السياب الضوء لعيون عراقية فتمر الأقمار مذهولة مثلي

ما بين النخيل و شرفة القلب القريبة من باب الحب. هناك

ألتقي التراب يمشي في الناس  يصطفي عبور النهر ممهورا

بإيقاع السماوات . وأقيم في نسغ الأساطير كما تشتهي فاتنة

أن ترهن القمر في منتصف الليل .

يضحك السياب من صحبه الواقفين على قداسة المطر؛

و نسوا أن البداية هي الخروج من وجود مشبوه بين الموت

والحياة . مازال السياب يقهقه كما المطر حين يدفع بالوجع

المقيم في مفاصيله إلى قيامة الأزل ليشوي عبره كل أنواع

البؤس . البؤس أن يفقد الشعر حرارة السؤال ؛وأن يقف

شريدا بين الصدى و عتمات الرغبة .

من رغبة الحياة ظل السياب يولد من موسيقى المطر . يفتت

اللغة إلى أقساط : قسط لليل حين يعمر الأرض بالنحيب ؛

وقسط للنهار حين يسري النهر الخالد في المعنى . وقسط

للفتنة الموغلة في التسارر .

كالضوء المتدفق كنت أكنس عباراتي من متلاشيات العقل؛

وأربت على كتف الحدس كمن يشعل للحلم طاقة الجنون .

مازلت أحلم أن أمد يدي لحوض الأساطير كي أعرف كيف

عبر السكون من زمن متحرك إلى كون تيبس على فيض

النور . وكيف أخيط من الغربة مساحة للرقص خارج مسافات

الجغرافيا .

في اللغة وحدها جاء السياب بوطنه الأثير بوجه طفلة

سومرية تقرأ رموز بابل بقلق لا ينتهي . بل إن الجرح الشعري

لن يكون إلا أنفاسا خالصة من روح السياب الممطرة دوما :

نخيلا و فراتا من ألق اللايقين …

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!