الشيخة/  بقلم : سيد الرشيدي

وهي صغيرة كانت تسبح في الترعة مع الأولاد، ولم يكن عندها حدود في المعاملة مع الأولاد والشباب، حتى الكتّاب لم تذهب له وهي صغيرة، حتى عندما كبرت ما حفظت أي سورة من القرآن ولا الفاتحة.

ولما بلغت سن الزواج تزوجت في بلدتها، وسكنت بها، وبعد فترة من زواجها ادعت أنها عندها كرامة، وتعالج مرضى الظهر، وذاع صيتها “الشيخة نجية”، وتعجب الناس “كيف؟” وليس عندها علم من طب ولا تحفظ شيئًا من القرآن، وقال عنها زوجها إن لها كرامات وفيو ضات وإن عندها علم الأسرار الخفي، وإن الشيخ عبد الرحيم القنائي يزورها بالليل ويخبرها عن المرضى، وذاع صيتها لدرجة أن الناس جاؤوها من القاهرة، وترجوها أن تسافر معهم لتعالج مريضة لهم.

وقال زوجها الذي يدّعي التدين إن الشيخة نجية تضع يدها على المريض يشفى فورًا وفي الحال.

وعندما يأتيها أحد تقول:

– أنا لا آخذ مالًا، ولكن أقبل الهدية.

وتتوالى عليها الهدايا من كل حدب وصوب، بنت ثلاث بيوت واشترت أرضًا.

الشيخ رمضان إمام المسجد تكلم عنها كثيرًا، وحذر منها أهل البلد، وقال هذه مشعوذة ودجالة، وهذا حرام وأنه ضحك وخداع وتدليس، لكن الكثير من أهل البلدة لم يصدقوه، حتى أطباء الوحدة الصحية حذروا الناس، وقالوا من عنده مشكلة صحية فليأتي للوحدة، لكن البعض منهم ذهب إليها.

يأتي لها ناس كثيرون من خارج البلدة؛ ليأخذوا البركة من الشيخة نجية، والسيارات تقف أمام بيتها، وعلي الشارع العمومي لدرجة أن الناس لا يستطيعون المرور من كثرة السيارات والتكاتك.

وفي يوم من الأيام جاء ناس و أخذوها لتذهب معهم لمحافظة قنا لبنتهم وبقيت هناك ثلاثة أيام هي وزوجها؛ فجاء اللصوص وسرقوا بيت الشيخة، وأخذوا كل ما فيه، فأخذ الناس يتحدثون عن الشيخة، ويقولون “لو شيخة صحيح لنفعت نفسها وعرفت من سرق بيتها ودلت على أوصاف اللصوص.”. فخفتت شهرتها وما عاد الناس  يأتونها، وأصبح الناس يتساءلون “كيف وكيف؟”.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!