تناقضاتُ الفتى البابلي/ شعر : الشاعر تلعراقي حيدر الخفاجي

انا ادمٌ لكنْ بلا حواءِ
في جنةٍ لكنْ بغيرِ سماءِ
انا مرسَلٌ للارضِ دونَ رسالةٍ
لا صاحبٌ… لا تابعينَ ورائي
لا ظِلَّ لي في الشمسِ يتبعُ خطوتي
لا ضوءَ يكسر ُحاجزَ الظلماءِ
لا سهمَ يُرشدني ببوصلتي اذا
تتقاطعِ الطرقاتُ في صحرائي
لي الفٌ عينٍ تستدلُّ لوحدِها
في الفِ ثقبٍ مِنْ ثقوبِ حذائي
بعصايَ افزَعْتُ الملوكَ فقايضوا
عَرشَ الولايةِ كلِّها بلحائي
كلُّ الصحارى تستغيثُ رمالُها
بسحابتي كي ترتوي مِنْ مائي
و جميعُ مَنْ قُتِلوا لاجلِ قضيةٍ
نزفوا على الاسفلتِ بعضَ دمائي
انا اولُ الشعراءِ اخرُ قابضٍ
في كفِّهِ جمراً بدونِ بكاءِ
انا اولُ الشهداءِ .. اخرُ ثائر ٍ
قبري ببطنِ الطائرِ العنقاءِ
انا نجمةٌ في عينِ ليلٍ ارمدٍ
لكنْ ارى مَنْ عينهِ العمياءِ
ما حكمةُ الصحراءِ لا ماءٌ بها
الّا ليطفئَ حسرةَ الغرباءِ
الريحُ غانيةٌ تُعَرّي دائماً
جسدي و تتركني بغيرِ رداءِ
و تهزٌ جذعَ النخلِ …تُسْقطُ تمرَهُ
لتسدَّ جوعَ قوافلِ الفقراءِ
الفقر احجيةُ البلادِ و سرُّها
رغمَ انبجاسِ النفطِ في الارجاءِ
فجرارُ هارونٍ تُكسِّرُ بعضَها
و النايُ لا لحنٌ بهٍِ لغناءِ
يا غيمةً انّى تكوني فامطري
فخَراجُكِ مِنْ حصةِ الاعداءِ
الحربُ لي انّى تكونُ لانني
امّ وما ولدَتْ سوى الشهداءِ
في كلِّ قبرٍ لي وليدٌ نائمٌ
ارضعتُ حتى أمحَلَتْ اثدائي
وتناثرَتْ في كلِّ صوبٍ قطعةٌ
مني و ضاعتْ في المدى اشلائي
في كلِّ نايٍ لي انينٌ خافتٌ
و الحزنُ عرَّشَ في فمي و غنائي
لي كلُّ شيءٍ .. كلُّ شيءٍ ليسَ لي
هذا الفراغُ اراهُ مِنْ اشيائي
و الصمتُ رغمَ خَوائِهِ اصغي لهُ
فيضيعُ في صَخَبي و في ضوضائي
في كلِّ فاتنةٍ تنامُ فراشةٌ
قدْ أفْزَعَتْها شهوةُ الشعراءِ
وزعتُ قلبي في قلوبِ احبتي
وبما تبقّى قدْ عَشِقتُ نسائي
انا لمْ أَزلْ رجلاً بدونِ بدايةٍ
و نهايةٍ .. ضاعَتْ تخومُ فضائي
مِنْ (بابلَ) ابتدأَتْ فصولُ حكايتي
فبِها وُلِدْتُ .. تَشَكَلَّتْ اجزائي
و كبرتُ مرتحلاً لأَلفِ مدينةٍ
فتغيرتْ لغتي كما اسمائي
في كلِّ زاويةٍ ترى وجهي وقدْ
حفرتْ بهِ المرآةُ نَهْرَ شقاءِ
انا لحظةْ فيها تزاوجَ راهبٌ
مع كافرٍ في لحظةِ رعناءِ
فوُلِدْتُ عار ٍ لا قِماطَ يلُفُّني
و رضعتُ مِنْ الفٍ مِنَ الاثداءِ
انا لمْ أقَلِّدْ سيداً أو واعِظاً
أو اعتقِدْ بمآثِرِ الخلفاءِ
انا لمْ اقبِّلْ كفَّ أيِّ مُعَمَّمٍ
انا ضدُّ كلَّ تفاهةِ الفقهاءِ
لي الفُ معجزةٍ و الفُ خطيئةٍ
فانا نبيُّ العشقِ و الاخطاءِ

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!