العيادة / بقلم : محمد الحطوار/ اليمن

 الصراخ عالٍ، والنوافذ يتكسر زجاجها. كل من مر هنالك، تملكه الخوف؛ فإما أن الدكتور يُضربْ أو أن أم أحد المرضى فقدتْ عقلها. تجمع الناس يتهامسون دون أن يجرؤ أحد على الإقتراب من العيادة. خرج فجأة رجل متورم الوجه، منفوخ الأوداج يبحث عن ماء والقلق يسيطر على تعابيره وعاد إلى الداخل. تغيرت نظرة الناس وسحب من سحب كلامه، وأدركوا أن الأمر غاية في الحرج. كل دقيقة تمر يتجمع الناس أكثر فأكثر، وكل يبني مشهداً مختلقاً لما يحصل، فيقول أحدهم: لقد جاؤوا برجل مجنون لعلاجه ولكنه قوي شديد. ويقول آخر: بل إنه ابن الدكتور المدلل والذي لم يقدر والده على علاجه؛ لأنه لا يتحمل رؤية دموعه، فطلب من زميله ذلك. وثالث يقول: لقد أجرى الدكتور عملية صعبة وأخطأ أحد مساعديه؛ فلم يتمالك نفسه. ورابع ينفي: بل إن مريضاً لم يدفع التكاليف، فأمسكوه وخدروه. وهكذا كل أطلق العنان لخياله: يبني مشهداً مقتطفا من فيلم أو مسلسل أو جريدة أو حادثة كانت بالأيام التي خلتْ. بقى الجميع في حالة تكهنات وانتظار، ولم ينتبهوا حتى خرج ذات الرجل محتضنا لكلبه، ليعود لبعضهم الوعي فيرفعوا أنظارهم إلى لافتة العيادة ويقرأوا: عيادة الخير البيطرية …

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!